قبل أيام عاد الفلسطيني سامح أقطش من مناطق الزلزال جنوبي تركيا، بعد مساهمته في إغاثة المنكوبين، ليواجه مصيره مقتولاً برصاص إسرائيلي، دفاعاً عن قريته الصغيرة "زعترة"، أمام هجمات المستوطنين بحماية الجيش الإسرائيلي، جنوبي نابلس، وفق تقرير لوكالة الأناضول.
أقطش الذي كان يبلغ من العمر 37 عاماً تقول عائلته إنه "كان محباً للحياة ومساعدة الآخرين في بلدته، وفي تركيا التي عشقها"، أصيب برصاصة في البطن أسفرت عن حدوث نزيف داخلي. كما أكدت وزارة الصحة الفلسطينية، الأحد 26 فبراير/شباط 2023، استشهاد أقطش وإصابة عشرات في اعتداءات نفذها مستوطنون.
حيث اقتحم عشرات المستوطنين بحماية من الجيش بلدة حوارة من ناحية "دوار سلمان الفارس"، قرب مستوطنة يتسهار، ومن ناحية حاجز زعترة العسكري. ونفذ المستوطنون أعمال عربدة في قرى حوارة، وبيتا، وعصيرة القبلية، وبورين، زعترة، إثر مقتل إسرائيليين اثنين في إطلاق نار على سيارة كانا يستقلانها قرب حوارة.
الفلسطيني سامح أقطش فاعل خير
شقيق الفلسطيني سامح أقطش الأكبر، واصل أقطش، (52 عاماً)، قال إن أخاه الأصغر "كان محباً للحياة ويرحم الناس، وكان رجل دعوة، ويحب تركيا كثيراً". وذكر للأناضول أن "سامح خرج 40 يوماً داعياً في تركيا، وتربطه كما العائلة علاقات قوية مع أصدقاء وتجار في الجنوب التركي".
كما أفاد أن سامح زار تركيا مرات عديدة برفقة عائلته، وعندما وقع الزلزال قرر الذهاب وتقديم المساعدة للمنكوبين، وبالتنسيق مع شقيقهم ياسر، الذي يسكن مدينة بورصة (شمال غرب)، قدم سامح وعائلته مساعدات عينية لضحايا الزلزال.
ووفق واصل: "وزع سامح نحو شاحنتين من المواد الغذائية والأغطية والفراش في المناطق التركية التي ضربها الزلزال". وأضاف: "ما قدمناه للأشقاء في تركيا قليل، وهو شيء لا يذكر، ولهم في القلب مكانة كبيرة".
حسب وكالة الأناضول، فإن الفلسطيني سامح أقطش نقل لعائلته قصصاً حزينة عن حجم الدمار ومعاناة المتضررين، وفور عودته إلى القرية بدأ العمل مع "بلدية بيتا" لشراء معدات ورافعات وأجهزة استشعار حراري لاستخدامها حال وقوع زلزال في فلسطين.
عرقلوا إسعافه فمات
حول مقتله، قال واصل: "وقف سامح أمام منازل القرية الصغيرة ليدافع عن بيته وعائلته، أمام هجوم من مئات المستوطنين المدججين بالسلاح بحماية من الجيش الإسرائيلي، واستشهد وقلبه مليء بالحب والارتباط بالوطن ومساعدة الآخرين".
بينما دفنت عائلة الفلسطيني سامح أقطش جثمان نجلها فجر الإثنين، 27 فبراير/شباط، في قريتهم الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها نحو 150 نسمة، ويعود أصلهم لبلدة بيتا، التي تقع قرب حاجز زعترة العسكري.
فور إصابته، قام يزن أقطش (23 عاماً)، المسعف المتطوع بجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية بتقديم الإسعافات الأولية لسامح، وقال للأناضول إن "هجوم المستوطنين رافقه استخدام كثيف للرصاص الحي".
كما أشار يزن إلى أن السلطات الإسرائيلية "علمت بإصابة سامح، لكنها رفضت السماح للطاقم الطبي بنقله عبر الطريق العام، فاضطررنا لسلك طرق ترابية، ومن مركبة إلى أخرى، فتأخر وصوله للمركز الصحي لنحو 25 دقيقة".
بينما لفت إلى أن "سبب وفة الفلسطيني سامح أقطش تأخير الوصول للمركز الصحي، وعدم السماح بنقله إلى المستشفى، حيث بذلنا جهوداً لنقله إلى مستشفى رفيديا الحكومي في نابلس، لكن دون جدوى".
خلّف رحيل سامح حزناً كبيراً في قلوب بناته الثلاث وولديه الاثنين وعائلته وأقربائه وأهل بلدته، الذين فقدوا رمزاً من رموز الخير ومساعدة الناس.
"حرب حقيقية" شنتها عصابات المستوطنين
حول الأجواء العصيبة التي قتل فيها سامح، قال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان شمالي الضفة، إن "ما جرى (الأحد) حربٌ حقيقية منظمة شنّتها عصابات المستوطنين، وبطريقة منظمة وبحماية الجيش الإسرائيلي".
ذكر دغلس للأناضول أن "البلدة عاشت ليلة عصيبة، وُصفت كأنها حرب حقيقية". وتحدث عن "نحو 300 اعتداء نفذها المستوطنون في بلدات جنوبي نابلس، ما بين اعتداء جسدي وحرق منازل ومركبات وعقارات وغيرها".
يتوزع نحو 725 ألف مستوطن في 176 مستوطنة كبيرة و186 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بحسب بيانات لهيئة شؤون الاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.