توصل تحقيق برلماني إلى أنَّ شركتي الطاقة "شل" البريطانية و"إكسون موبيل" الأمريكية والحكومة الهولندية جمعوا أرباحاً بقيمة 453 مليار دولار أمريكي من استغلال حقل غاز غرونينغن، شمال شرقي هولندا، لكنهم تركوا آلاف السكان يعانون من منازل متصدعة ومشكلات صحية.
وخلص تقرير برلماني هولندي، نشرته صحيفة The Financial Times البريطانية الأحد 26 فبراير/شباط 2023، إلى أنَّ عدم الاستقرار الجيولوجي الناجم عن التنقيب في حقل غرونينغن، الذي يضم أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في أوروبا، أدى إلى حدوث 1594 زلزالاً وتدمير أكثر من 85 ألف مبنى.
ذكر التقرير أنَّ الأرباح المنسوبة إلى شركتي الطاقة الكبريين بلغت 69.7 مليار دولار أمريكي، بينما كان المستفيد الأكبر هو الخزانة الهولندية، التي حققت إيرادات بقيمة 363 مليار يورو على مدار الأعوام الستين الماضية.
من جانبه، قال توم فان دير لي، وهو سياسي من حزب الخُضر الهولندي والذي قاد التحقيق: "كسبت الدولة والشركتان كثيراً من المال، لكنها تجاهلت الإشارات إلى وجود علاقة سببية بين استخراج الغاز والزلازل، وعند إثبات وجود هذا الارتباط، استهانت بمدى خطورة هذه الزلازل".
وأضاف السياسي: "هذه كارثة بطيئة الظهور، وآثارها كبيرة جداً، لكن نظراً إلى عدم قدرة حكومتنا على التصرف حيال ذلك، فإنَّ الأشخاص المتضررين ينتظرون وينتظرون لسنوات ويعجزون عن مواصلة حياتهم".
ولا يقع "غرونينغن" على أية صدوع تكتونية، لكن الحفر أدى إلى زلازل تصل إلى 3.9 درجة على مقياس ريختر. وفي هذا المستوى، يمكن اعتبارها هزات خفيفة إلى حد ما.
لكن نظراً إلى طبيعة الاستخراج، كانت الاهتزازات أقرب بكثير إلى السطح من الزلازل الطبيعية؛ وبالتالي ولّدت شعوراً أقرب إلى زلزال بقوة 5 درجات أو أكثر على مقياس ريختر.
وأشار التقرير إلى وجود أكثر من 11880 مبنى لا يزال يتعين تأمينها.
تعويضات غير كافية
وصرح فان دير لي بأنَّ 10.5 مليار دولار أمريكي أُنفِقَت على تعويضات السكان والجهود المبذولة لدعم المباني، لكن مقابل كل يورو ذهب إلى السكان، أُنفِقَ 0.7 يورو على إجراءات بيروقراطية دفعها المواطنون لخزينة الدولة.
وعانى السكان من الأرق وخفقان القلب، في حين أشار تقرير بحثي إلى أنَّ أولئك الذين يعيشون بالقرب من الزلازل كانوا معرضين لخطر الموت المبكر.
ويُعتقَد أنَّ حقل غرونينغن يحتوي على نحو 450 مليار متر مكعب من الغاز القابل للاستخراج، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كان الاتحاد الأوروبي يستورده من روسيا قبل غزو أوكرانيا.
وأدى الانخفاض في تدفقات الغاز الروسي إلى زيادة الضغط على السلطات الهولندية للإبقاء على حقل غرونينغن مفتوحاً، في الوقت الذي تسارع فيه دول الاتحاد الأوروبي لتأمين إمدادات بديلة.
ومع ذلك، حدّت هولندا، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، سقف الإنتاج من "غرونينغن" عند 2.8 مليار متر مكعب للعام، في انخفاض من 42.5 مليار متر مكعب في عام 2014. وقالت إنها ستنهي عمليات الاستخراج من الحقل هذا العام، وسيُتخَذ قرار بشأن تمديد الإنتاج من عدمه في يونيو/حزيران 2023، بعد مناقشة استنتاجات التقرير.
وقالت مرجان فان لون، رئيسة ومديرة شركة "شل" هولندا، "تحمَّل سكان غرونينغن جزءاً كبيراً من عبء إنتاج الغاز ولم يروا سوى جزءٍ صغيرٍ من الفوائد".
وأضافت أنَّ جميع الأطراف "وضمن ذلك شركة شل، لم تسمع بعناية كافية لأهالي غرونينغن عندما أعربوا عن مخاوفهم بشأن الأضرار التي لحقت بمنازلهم ومخاطر إنتاج الغاز على السلامة… لدينا دروس مهمة لنتعلمها هنا".
بدوره، قال وزير التعدين الهولندي هانز فيلبريف: "كان سكان غرونينغن على حق دائماً بشأن عواقب استخراج الغاز. إنَّ الاعتراف بالمعاناة التي لحقت بهم أهم شيء اليوم".