أعلنت السلطة الفلسطينية نيتها التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لطلب الحماية الدولية؛ بعد التصعيد الأخير الذي شهدته مدينة نابلس، والذي انتهى باستشهاد 11 فلسطينياً، الأربعاء 22 فبراير/شباط 2023، فيما دعا الأردن إلى خفض "فوري" للتصعيد.
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من موافقة السلطة الفلسطينية على سحب مشروع قرار ضد إسرائيل، كان من المفترض أن يتم التصويت عليه الإثنين 20 فبراير/شباط، وذلك بعد تفاهمات مع الاحتلال على وقف الاقتحام والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وفقاً لمصادر إسرائيلية مطلعة.
والأربعاء، استشهد 10 فلسطينيين وأصيب 90 آخرون برصاص الجيش الإسرائيلي بعد أن اقتحمت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، من عدة مداخل، مستخدمةً كوماندوز ومروحيات.
في أول تعقيب على ذلك، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، أن "القيادة الفلسطينية قررت التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لطلب الحماية الدولية لمواطنيها؛ في ظل استمرار الجرائم الإسرائيلية".
وأفاد "الشيخ" في تصريح صحفي نشره على تويتر، بأن القيادة الفلسطينية "تدرس بعمقٍ اتخاذ خطوات على المستويات كافة"، واصفاً الاقتحام الإسرائيلي لنابلس بأنه "عمل بربري إجرامي مخطط ومدبر مع سبق الإصرار".
في سياق متصل، طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الاتحاد الأوروبي بـ"وقف سياسة المعايير المزدوجة التي تشجع إسرائيل على مواصلة عدوانها، واتخاذ إجراءات عقابية بحق إسرائيل لوقف انتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في فلسطين".
جاء ذلك خلال استقباله في مكتبه بمدينة رام الله وسط الضفة، وفداً من البرلمان الأوروبي برئاسة العضو المسؤول عن العلاقات مع فلسطين مارغريت أوكين، وبحضور ممثل الاتحاد لدى فلسطين سفن كون فون بورغسدورف، حسبما أوردت الأناضول نقلاً عن بيان صحفي صادر عن مكتب اشتية.
ووضع اشتية، الوفد الأوروبي "بصورة انتهاكات الاحتلال المتصاعدة بحق الفلسطينيين، وآخرها مجزرة الاحتلال في نابلس"، كما دعا الاتحادَ الأوروبيَّ إلى "الاعتراف بدولة فلسطين، في تكريس لحل الدولتين المنسجم مع القانون الدولي والمواقف التاريخية للاتحاد ودوله".
واتهم اشتية، إسرائيلَ بمحاولة تعطيل زيارة وفد البرلمان الأوروبي لفلسطين، عبر توقيف وترحيل نائبة إسبانية وعدم منح تأشيرة سفر لنائب آخر ضمن الوفد، معتبراً أن هذا التصرف "غير مقبول ويجب عدم السماح لإسرائيل بأن تكون فوق القانون".
من جانبهم، أكد أعضاء الوفد الأوروبي، بحسب البيان، "إيمان الاتحاد الأوروبي وبلادهم بمبدأ حل الدولتين الهادف إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران من العام 1967".
بدوره، طالب الأردن إسرائيل بـ"الوقف الفوري للتصعيد" في الأراضي الفلسطينية؛ "تجنباً لمزيد تدهور ينعكس على الجميع".
جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية، أدانت فيه "استمرار الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية المحتلة والاعتداءات المتكررة عليها، وآخرها العدوان على مدينة نابلس اليوم (الأربعاء)".
ونقل البيان عن متحدث الخارجية الأردنية، سنان المجالي، استنكاره "مواصلة إسرائيل حملاتها العسكرية".
وشدد المسؤول الأردني على "ضرورة وقف هذه الحملات، والعمل الفوري على وقف التصعيد؛ تجنباً لمزيد من التدهور، ووقف أسبابه"، محذراً "من انعكاسات هذا التدهور على الجميع".
وأشار إلى "ضرورة إيجاد أفق سياسي حقيقي يحول دون استمرار دوامة العنف ويوقف التدهور ويؤدي إلى استئناف المفاوضات وصولاً لحل الصراع على أساس حل الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية)".
تصعيد نابلس
وفي وقت سابق من الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل 11 فلسطينيين وإصابة العشرات، إثر اقتحام الجيش الإسرائيلي مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية.
فيما أشار شهود عيان إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلية حاصرت منزلاً وسط البلدة القديمة من نابلس، وسُمع تبادل لإطلاق النار مع مسلحين، ودويّ انفجارات، ووقعت مواجهات بين عشرات الفلسطينيين الذين تصدّوا للاقتحام والجيش الإسرائيلي، واستخدم الأخير فيها الرصاص الحي والمعدني، بحسب المصدر.
وأعدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسناً، إضافة إلى 4 فلسطينيين خلال اقتحامهم مدينة نابلس، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات محلية على تويتر، فيديو للشيخ المسن الأعزل، وهو ملقىً على الأرض في البلدة القديمة بنابلس، بعد أن استشهد رمياً برصاص الاحتلال الإسرائيلي.
منذ عدة أشهر يلاحق جيش الاحتلال الإسرائيلي جماعة "عرين الأسود" الفلسطينية، التي تتخذ من البلدة القديمة بنابلس مركزاً لها. من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب: "القوات الأمنية تعمل الآن في مدينة نابلس، مزيد من التفاصيل لاحقاً".
وتشهد الضفة الغربية والقدس المحتلتان حالة من التصعيد المستمر، منذ وصول بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة إلى السلطة، وإعلان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، سياسة استيطانية وأمنية تصعيدية مع الفلسطينيين.
كان تعيين بن غفير في منصبه الأمني بالحكومة الإسرائيلية، أثار كثيراً من الانتقادات عربياً ودولياً وحتى في الداخل الإسرائيلي، بسبب مخاوف من تصاعد التوتر بشكل كبير، لا سيما في الضفة والقدس.
سحب قرار من مجلس الأمن
وأبلغت الإمارات مجلس الأمن الدولي، مساء الأحد 19 فبراير/شباط، أنها لن تدعو إلى التصويت على مشروع قرار يطالب إسرائيل "بوقف فوري وكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وفقاً لمذكرة اطلعت عليها رويترز.
وقالت المذكرة: "بالنظر إلى المحادثات الإيجابية بين الأطراف، فإننا نعمل الآن على مسودة بيان رئاسي، من شأنه أن يحظى بالإجماع".
بحسب صحف إسرائيلية، جاء ذلك بعد أن توصلت السلطة الفلسطينية إلى تفاهمات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بوساطة أمريكية، تهدف إلى خفض التوترات ومنع تصعيد أمني واسع في الضفة الغربية والقدس.
وأشارت التقارير إلى أن التفاهمات التي تم التوصل إليها بضغوط من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تشمل وقف التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار يدين الاستيطان، مقابل تعليق مخططات التوسّع الاستيطاني وهدم منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس.
وقال التقرير إن التفاهمات تنص على خفض التوترات عبر تعليق الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، الإجراءات أحادية الجانب، لـ"عدة أشهر".