أعربت وزارة الخزانة الأمريكية عن استيائها من ازدياد عدد شركات دبي التجارية الخاصة التي تبيع السلع لروسيا، وذلك عبر المنطقة الحرة في جبل علي بالإمارة؛ إذ وصل إلى دبي وفد أمريكي بقيادة وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برايان نيلسون، ونائب مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، برادلي سميث، لمحاولة إقناع جمارك دبي بالتوقف عن إصدار تصاريح التصدير في الأول من فبراير/شباط، حسب ما نشرته مجلة Intelligence Online الفرنسية.
وتقول المجلة الاستخباراتية إن التجار من مختلف الجنسيات يشترون ويستوردون البضائع من مختلف أنحاء العالم، ويشحنونها إلى دبي، ثم يبيعونها ويصدرونها إلى المشترين الروس عبر ميناء جبل علي وتخضع تلك المنطقة الحرة لإدارة موانئ دبي العالمية، وهي شركة خدمات لوجستية عملاقة مملوكة لشركة "دبي العالمية" الحكومية في الإمارات.
فيما لاحظت وحدة الجرائم المالية الأمريكية أن جمارك دبي تُجيز العمليات التجارية على مرأى ومسمع الجميع، وذلك بمجرد تأسيس أي شركة شحن.
وتمر غالبية البضائع بعملية الشحن العابر قبل وصولها إلى روسيا. ويُذكر أن ميناء جدة السعودي يُعَدّ واحداً من الموانئ التي تُستخدم في تلك العمليات؛ حيث تمر جميع أنواع البضائع من خلاله، سواءً السلع الغذائية غير المدرجة في قوائم حظر التصدير الخاصة بالاتحاد الأوروبي، أو السلع الفاخرة المدرجة على تلك القوائم بكل وضوح.
صادرات النفط الروسية
استفسر الوفد الأمريكي كذلك عن استحواذ المواطنين الروس على العقارات في دبي مؤخراً، وعن تجارة النفط أيضاً. وقد كشفنا في يوليو/تموز كيف نقلت شركة شحن النفط الروسية Sovcomflot تجارتها إلى الإمارات، وهي شركة تمتلك الدولة الروسية 82.8% من حصصها. كما جرى تسهيل العملية بواسطة شركة فرعية تابعة لها في دبي، وهي شركة SCF Management Services التي لها علاقات بـ"مجموعة شرف" الخاضعة لإدارة عائلة إماراتية.
فيما يستعد الاتحاد الأوروبي لإصدار عاشر قائمةٍ للعقوبات الاقتصادية ضد روسيا منذ الـ24 من فبراير/شباط الماضي. بينما ينصبّ اهتمام الاتحاد اليوم على شركة SUN Ship Management التي تقع في المنطقة الحرة المالية بدبي، وتقول الشركة إنها تأسست عام 2012 بواسطة مواطنين روس وإماراتيين. في ما تشتبه سلطات الاتحاد الأوروبي في أنها ربما تكون مجرد نسخة أخرى من شركة SCF، التي تأسست في أبريل/نيسان من العام الماضي. وقد تتعرض الشركة لعقوبات بسبب دورها المزعوم في النقل البحري للنفط والغاز الروسي، وذلك عبر أسطولٍ من 92 ناقلة نفط كانت مملوكةً لشركة Sovcomflot.
مناطق حرة بالعشرات
تحاول الإمارات أن تثبت لمجموعة العمل المالي أنها أحرزت تقدماً على صعيد تدابير مكافحة غسيل الأموال، لكنها لم تبد أي نيةٍ لإغلاق مناطق تجارتها الحرة؛ إذ توجد أكثر من 50 منطقة حرة في جميع أنحاء البلاد، وغالبيتها في دبي.
ويتمتع العديد من الشركات الموجودة في تلك المناطق بموافقةٍ رسمية من السلطات وأبرز مثالٍ على ذلك في مجموعة Streit Group لتصنيع المركبات المدرعة، التي يقع مقرها في منطقة رأس الخيمة الاقتصادية؛ حيث سمحت وزارتا الداخلية والخارجية في الإمارات لمؤسس الشركة، غيرمان غوتوروف، بتصدير المركبات المدرعة إلى الدول الخاضعة لحظر الأمم المتحدة عام 2016.
روسيا تتوجه شرقاً بعد العقوبات الأمريكية
يُذكر أن العقوبات الغربية الواسعة استهدفت عدداً من البنوك الروسية، وأثرت العقوبات على قيمة الروبل التي انخفضت، كما أثارت مخاوف الروس من عواقب اقتصادية أشد قسوة عليهم وبعد فرض العقوبات الأمريكية على روسيا، بدأ أثرياء موسكو في التوجه شرقاً، هرباً من العقوبات التي فرضتها دول غربية، خاصة إلى الإمارات.
موقع Middle East Eye البريطاني، قال في وقت سابق، إن العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها أمريكا وحلفاؤها على روسيا، أدت إلى عزل موسكو فعلياً عن الاقتصاد العالمي، واندفع عامة الشعب الروسي إلى سحب مدخراتهم من البنوك، وتحويل أموالهم من الروبل إلى عملة أجنبية.
بالموازاة مع ذلك، ولكي تحمي روسيا احتياطياتها، سنَّت ضوابط على رأس المال، ومنعت المواطنين من مغادرة البلاد وهم يحملون أكثر من 10 آلاف دولار من العملات الأجنبية.
هذا الوضع الاقتصادي المتدهور والشائعات المنتشرة حول احتمال فرض موسكو للأحكام العرفية، دفع العديد من الروس بالفعل إلى الفرار إلى الدول المجاورة مثل: فنلندا وجورجيا وأرمينيا.
كذلك توجه أثرياء روس إلى الإمارات، فكثيراً ما تُصور دبي نفسها بأنها الملاذ الآمن في أوقات الاضطرابات، و90% من سكانها مواطنون أجانب، وقد اجتذبت في الماضي العائلات الثرية وأصحاب الأعمال الفارين من الحروب في سوريا والعراق ولبنان.