كشف رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد، لوكالة فرانس برس، الأحد 19 فبراير/شباط 2023 أن المنظمة القاريّة ستنظم مؤتمراً بشأن المصالحة الوطنية في ليبيا، في أحدث محاولة لإعادة الاستقرار إلى البلد الذي مزقته النزاعات والحرب منذ الثورة الليبية التي تفجرت في 2011 وتسببت في الإطاحة بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي.
قال موسى فقي محمد، إثر مؤتمر صحفي اختتمت به قمة الاتحاد الإفريقي التي استمرت يومين: "لقد التقينا مع مختلف الأطراف ونحن بصدد العمل معهم لتحديد موعد ومكان عقد المؤتمر الوطني". وسيلتئم المؤتمر "برعاية لجنة رفيعة المستوى من الاتحاد الإفريقي" يترأسها الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو.
تفجر العنف في ليبيا
شهد البلد الواقع في شمال إفريقيا عقداً من العنف، بعد الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي عام 2011، إثر انتفاضة مسلحة دعمها حلف شمال الأطلسي (ناتو). وأدى سقوط نظام القذافي إلى ظهور عدد لا يحصى من المجموعات المسلحة وتدخلات من قوى عربية وكذلك تركيا وروسيا ودول غربية.
في سياق متصل، تتنازع منذ مارس/آذار الفائت حكومتان السلطة: الأولى مقرها في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا ومقرها مدينة سرت (وسط). ويسيطر المشير خليفة حفتر على شرق البلاد وقسم من جنوبها.
كان مقرراً أن تشهد ليبيا انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر/كانون الأول 2021، لكنها أرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب الخلافات حول الأساس الدستوري للانتخابات ووجود مرشحين مثيرين للجدل.
اجتماع تحضيري
أوضح فقي محمد لوكالة فرانس برس أن اجتماعاً تحضيرياً لمؤتمر المصالحة انعقد في العاصمة الليبية طرابلس قبل أسابيع. وأضاف أنه "تم طلب مغادرة المرتزقة.. ينبغي بالضرورة أن يتحاور الليبيون. أعتقد أنه شرط مسبق للمضي نحو انتخابات في بلد هادئ".
في وقت سابق من فبراير/شباط 2023 أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن مسؤولين من المعسكرين المتنافسين أقروا آلية تنسيق لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلد. وأشادت البعثة بـ"خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار والسلام المستدامين في ليبيا" بعد اجتماع في القاهرة في الثامن من فبراير/شباط شارك فيه أيضاً مسؤولون من السودان والنيجر.
لكن النقاشات التي قادها مبعوث الأمم المتحدة عبد الله باتيلي فشلت في التوصل إلى جدول زمني واضح أو تدابير ملموسة لانسحاب المقاتلين الأجانب.
المقاتلون الأجانب في ليبيا
من جهتها، فقد قدرت الأمم المتحدة في أواخر عام 2021 أن هناك أكثر من 20 ألف مقاتل أجنبي في ليبيا. ووجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة، دعوة جديدة للانسحاب الكامل للمقاتلين والمرتزقة الأجانب، وقال إن الانتخابات هي "المسار الوحيد الموثوق به لحكم شرعي وموحد". وأضاف غوتيريش في أديس أبابا: "المطلوب بشكل عاجل هو الإرادة السياسية لكسر الجمود السياسي الذي طال أمده وتحقيق تقدم على جبهات متعددة".
تابع: "عدم إجراء الانتخابات يفاقم انعدام الأمن الاقتصادي ويزيد من عدم الاستقرار السياسي ويهدد بتجدد النزاع ويثير شبح التقسيم".
في المقابل، فقد استخدم حفتر مقاتلين من تشاد والسودان والنيجر ومجموعة فاغنر الروسية الخاصة، في محاولاته الفاشلة للسيطرة على طرابلس بين أبريل/نيسان 2019 ويونيو/حزيران 2020. ولا يزال مئات من مقاتلي فاغنر في شرق ليبيا الغني بالنفط وكذلك في جنوبها.
من جهتها، تتمركز القوات التركية في الغرب الذي تسيطر عليه حكومة الدبيبة، وتوفر تدريبات للعسكريين الليبيين. وتعمل لجنة عسكرية مشتركة تسمى "5 + 5" وتضم ممثلين لشرق ليبيا وغربها، على ضمان انسحاب المقاتلين الأجانب بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم في أكتوبر/تشرين الأول 2020.