قدّم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، مجموعة من "الإغراءات" للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من أجل ثنيه عن طرح مشروع قرار يريد الفلسطينيون عرضه على مجلس الأمن للتصويت، الإثنين 20 فبراير/شباط 2023، ويطالبون فيه بوقف فوري للاستيطان الإسرائيلي، وفق ما ذكرته صحيفة The Independent البريطانية.
حيث أوضحت الصحيفة في تقرير لها، الأحد 20 فبراير/شباط، أن إدارة الرئيس جو بايدن تسعى جاهدةً لتجنب أزمة دبلوماسية في الأمم المتحدة هذا الأسبوع، بشأن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، خشية أن ينتقص ذلك أو يعرقل التركيز الذي ترغب فيه الولايات المتحدة، على إدانة حرب روسيا مع أوكرانيا خلال الاجتماعات المقررة في المنظمة الدولية على مدار خمسة أيام.
مساعٍ "فاشلة" من أنتوني بلينكن
أجرى أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، مكالمتين طارئتين، السبت 18 فبراير/شباط، من مؤتمر ميونيخ للأمن، في مساعٍ فاشلة حتى الآن لتجنب هذه المواجهة أو إحباطها.
قال دبلوماسيون أمريكيون مطلعون على المناقشات لوكالة The Associated Press، إنه لا يزال من غير الواضح بعد إذا كان هذا التدخل في اللحظات الأخيرة سيحل المشكلة أم لا.
بينما قالت وزارة الخارجية الأمريكية، في تصريحات متشابهة بشأن المكالمتين، ودون إعطاء تفاصيل، إن بلينكن تحدث من ميونيخ إلى الزعيم الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "للتشديد مرة أخرى على التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين المتفاوض عليه، ومعارضة السياسات التي تُهدد قابليته للتنفيذ".
جاء في التصريحات أن "الوزير أنتوني بلينكن شدد على الحاجة الماسة إلى أن يتخذ الإسرائيليون والفلسطينيون خطوات تعيد الهدوء، وأكَّد المعارضة القوية للإجراءات الأحادية الجانب التي من شأنها تصعيد التوترات".
فيما لم يتطرق أي من البيانين إلى مشروع القرار الذي يريد الفلسطينيون عرضه على مجلس الأمن للتصويت، الإثنين 20 فبراير/شباط، ويطالبون فيه بوقف فوري للاستيطان الإسرائيلي. ولم تتناول التصريحات أي إشارة إلى ما انتهت إليه المكالمتان.
حوافز أمريكية للضغط على عباس
لكن دبلوماسيين مطلعين قالوا إن أنتوني بلينكن كرر في مكالمته مع عباس العرضَ الأمريكي للفلسطينيين، بتقديم حزمة حوافز تُغريهم بالتخلي عن مشروع القرار، أو تأجيله على الأقل.
بينما قال الدبلوماسيون إن تلك الحوافز تضمنت عقد اجتماع بين عباس والرئيس الأمريكي في البيت الأبيض، وتحريك الأمور في مسألة إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، علاوة على حزمة مساعدات [مالية] كبيرة.
كما أضاف الدبلوماسيون أن ردود عباس جاءت ملتبسة، ولم يُلزم نفسه فيها بشيء، لكنهم أشاروا إلى صعوبة إقناعه بما عُرض عليه ما لم يوافق الإسرائيليون على تجميد مدته 6 أشهر للتوسع الاستيطاني في أراض يطالب بها الفلسطينيون لدولتهم.
ثم اتصل أنتوني بلينكن برئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يقول الدبلوماسيون إنه امتنع أيضاً عن إلزام نفسه بتجميد الاستيطان مدة 6 أشهر، وكرر معارضة إسرائيل لإعادة فتح القنصلية الأمريكية، التي أُغلقت في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
حسب الصحيفة البريطانية، كانت الولايات المتحدة ودول أخرى تأمل في حل المأزق، الأحد 19 فبراير/شباط، لكن الدبلوماسيين قالوا إن مآل تلك المساعي وإمكان النجاح فيها من عدمه لم يتضح بعد.
معارضة أمريكية لإدانة إسرائيل
تأتي تلك الأزمة قبيل الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، وهو الموضوع المنتظر مناقشته في جلسات خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، يومي الخميس 23 فبراير/شباط والجمعة 24 فبراير/شباط.
إذ تعارض الولايات المتحدة مشروع القرار الفلسطيني لإدانة خطة الاستيطان الإسرائيلية، وفي حكم المؤكد أنها ستستخدم حق النقض ضده، لأن الركون إلى خلاف ذلك يحمل مخاطر سياسية داخلية كبيرة لبايدن، وهو على أعتاب السباق الرئاسي 2024، وقد حذر كبار النواب الجمهوريين في الكونغرس بالفعل من الاستجابة للمطلب الفلسطيني.
مع ذلك، فإن الإدارة تخشى أن يؤدي استخدام حق النقض لحماية إسرائيل إلى فقدان الدعم الدولي للتدابير الأمريكية، الرامية إلى إدانة الحرب الروسية في أوكرانيا.
على إثر ذلك، شارك مسؤولون أمريكيون كبار من البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وبعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، في مساعٍ دبلوماسية حثيثة لمحاولة إقناع الفلسطينيين بالتراجع، لكن مساعيهم لم تؤت أكلها. وقال الدبلوماسيون إن تعقُّد الأمر دفع أنتوني بلينكن إلى إجراء المكالمتين مع عباس ونتنياهو يوم السبت.
من جانب آخر، قالت إدارة بايدن إنها لا تساند مشروع القرار، ووصفته بأنه "غير مفيد"، لكنها قالت الشيء نفسه بشأن قرارات التوسع الاستيطاني الإسرائيلي الأخيرة.
فيما يقول دبلوماسيون من الأمم المتحدة إن الولايات المتحدة تريد أن تستبدل بالقرار الفلسطيني، الذي سيكون له إلزام قانوني، بياناً رئاسياً أضعف شأناً، أو على الأقل تأجيل التصويت على القرار إلى ما بعد ذكرى الحرب على أوكرانيا.