أعلنت روسيا، الخميس 16 فبراير/شباط 2023، أن قواتها حققت مكاسب ميدانية في الشرق الأوكراني، من خلال اختراقها خطين حصينين للدفاعات بلوغانسك، بينما تعهد حلف شمال الأطلسي (الناتو) بتكثيف دعمه لأوكرانيا عسكريا.
تكثيف الجيش الروسي من حملته العسكرية في أوكرانيا جاء بعد إعلان موسكو التعبئة العسكرية الجزئية في البلاد، لتعويض تراجعها ميدانياً وخسائر تعرضت لها في أنحاء متفرقة في البلد الجار لها.
لذلك حظيت القوات الأوكرانية بدعم من عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم، في ديسمبر/كانون الأول، لتكثف موسكو هجماتها في شرق أوكرانيا وجنوبها، لا سيما في الأسابيع القليلة الماضية.
في ظل هذا الزخم العسكري الروسي، تخشى كييف بشكل كبير من أن تشن روسيا هجوماً كبيراً جديداً، مع اقتراب الذكرى الأولى لبدء الحرب، أي في 24 فبراير/شباط.
علقت من جهتها نائبة وزير الدفاع الأوكراني، آنا ماليار، على التقدم الروسي، وقالت: "هجوم العدو مستمر في الشرق، بهجمات على مدار الساعة".
وكتبت عبر "تليغرام" الأربعاء: "الوضع حرج، مقاتلونا لا يسمحون للعدو بتحقيق أهدافه رغم ذلك، ويُلحقون به خسائر فادحة".
في وقت سابق، قالت وزارة الدفاع الروسية، إن القوات الأوكرانية تقهقرت في مواجهة العمليات الروسية في منطقة لوغانسك، لكنها لم تذكر تفاصيل.
كما لا يمكن التحقق بشكل مستقل من الأمر، إذ يتعذر الحصول على معلومات ميدانية في المناطق التي تشهد اشتباكات ومعارك عنيفة في أوكرانيا.
ذكرت الوزارة الروسية على تليغرام، أن "القوات الأوكرانية تراجعت خلال الهجوم بشكل عشوائي، لمسافة تصل إلى 3 كيلومترات من الخطوط التي كانت تشغلها سابقاً في لوغانسك".
وأضافت: "حتى خط الدفاع الثاني، الأكثر تحصيناً للعدو، لم يصمد أمام تقدم الجيش الروسي".
لكن روسيا لم تحدد في أي جزء من منطقة لوغانسك وقع الهجوم.
وتشكل منطقتا لوغانسك ودونيتسك معاً دونباس، المركز الصناعي لأوكرانيا، الذي يقع تحت سيطرة روسيا الآن بشكل جزئي، لكنها تسعى إلى أن تكون سيطرتها كاملة على هذا الإقليم الأوكراني.
هجمات باخموت
الجهد الرئيسي الذي تبذله روسيا حالياً هو هجوم مدفعي وبري على مدينة باخموت في دونيتسك.
وقال المحلل العسكري الأوكراني، أوليه جدانوف، إن القوات الروسية شنت هجمات على مناطق سكنية عدة، مثل باراسكوفيفكا على الطرق الشمالية إلى باخموت، خلال اليوم الماضي.
أضاف في مقطع فيديو على موقع "يوتيوب"، أنه تم صد محاولات روسية للتقدم في منطقتين سكنيتين أخريين شمالي باخموت.
عن الأوضاع في تلك المنطقة، قال إنها "صعبة جداً على قواتنا هناك"، لا سيما "مع إرسال قوات روسية إلى المنطقة بأعداد كبيرة".
أما ماكسيم جورين، المحلل العسكري والقائد السابق، فقال لإذاعة "إن.في" الأوكرانية، إن الروس يهاجمون قريتَي أوبيتني وكليشيفكا، الواقعتين على الطرق الجنوبية نحو باخموت.
بشأن المعارك العنيفة الجارية حالياً، أوضح أنها دارت أيضاً في كراسنا هورا، إلى الشمال من باخموت، حيث تكبّد الأوكرانيون خسائر.
وقال: "يمكن إمداد المدينة وإجلاء الجرحى، ما زال بوسعنا الحفاظ على دفاعنا لمدة طويلة".
في المقابل، ذكرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، في تقريرها المسائي، الأربعاء 15 فبراير/شباط 2023، أن القوات الروسية قصفت أكثر من 15 بلدة وقرية بالقرب من باخموت، وأيضاً المدينة نفسها.
تمنح السيطرة على باخموت روسيا نقطةَ انطلاقٍ للزحف نحو مدينتين أكبر، هما كراماتورسك وسلوفيانسك، اللتين تقعان باتجاه الغرب في دونيتسك، ما سيعيد إليها الزخم قبل الذكرى الأولى للحرب.
مناطيد روسية
في كييف، أعلنت الإدارة العسكرية إسقاط 6 مناطيد روسية، ربما كانت تحمل معدات استطلاع، بعدما دوّت صافرات الإنذار من الغارات الجوية.
وقالت عبر تطبيق تليغرام: "ربما كان الغرض من إطلاق المناطيد هو رصد وإنهاك دفاعاتنا الجوية"، ولم تعلق روسيا حتى الآن على الأمر.
وفشلت الجهود العسكرية الروسية منذ بداية الحرب في اقتحام كييف، وتراجعت بعدها بضغط من الجيش الأوكراني الذي ألقى بثقلها لحماية عاصمة البلاد من السقوط.
الناتو ومساعدات عسكرية جديدة
قال حلف شمال الأطلسي "الناتو" إن دوله تُكثف إنتاجها من ذخائر المدفعية، لأن أوكرانيا تطلق القذائف بأسرع مما يستطيع الحلفاء صنعها.
كذلك قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ للصحفيين، بعد اجتماع استمر يومين لوزراء دفاع الحلف في بروكسل: "نحتاج إلى تكثيف الجهود أكثر، لأن هناك حاجة كبيرة لتزويد أوكرانيا بالذخيرة".
يأتي ذلك في حين تتلقى كييف مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات، إذ تعهدت الولايات المتحدة بتقديم مساعدات أمنية بأكثر من 27.4 مليار دولار منذ بدء الصراع.
من جانبه، حثّ جوزيب بوريل، ممثل الاتحاد الأوروبي السامي للشؤون الخارجية، الدولَ على الانضمام إلى ألمانيا في إرسال الدبابات.
بريطانيا بدورها أعلنت أنها ودول أوروبية أخرى ستقدم معدات عسكرية تشمل قطع غيار للدبابات، وذخائر المدفعية، عبر صندوق دولي، بحزمة أولية تزيد قيمتها عن 241 مليون دولار.
أما وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، فقال إن أمام أوكرانيا فرصة سانحة لتولي زمام المبادرة و"استغلالها" في ساحة المعركة هذا العام.
وكان مسؤولون أمريكيون كبار قد نصحوا كييف، في وقت سابق، بتأجيل شن هجوم كبير مضاد ضد القوات الروسية، حتى تصل أحدث إمدادات الأسلحة الأمريكية، وتوفير التدريب اللازم.
المساعدات العسكرية الجديدة من الدول الغربية إلى أوكرانيا، تعد استجابة للمناشدات الكثيرة التي أطلقها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخراً، من أجل إمداد قواته بأسلحة تساعد قواته بشكل عملي على بدء هجوم مضاد على القوات الروسية.
في كلمة ألقاها زيلينسكي، الأربعاء 15 فبراير/شباط 2023، قال: "علينا التأكد من أنه سيكون هناك شعور حقيقي هذا الربيع، بأن أوكرانيا تتجه نحو النصر".
يشار إلى أن روسيا تستعد لإحياء ذكرى بدء عمليتها في أوكرانيا، في 24 فبراير/شباط 2023، وسط مخاوف أوكرانية وغربية من استماتة قواتها بتحقيق انتصار في الشرق الأوكراني للاحتفاء بهذه المناسبة.