خطف الزلزال المُدمر في تركيا، حياة عائلة فلسطينية بالكامل، كانت قد فرت من قطاع غزة إلى الأراضي التركية قبل 12 عاماً؛ بحثاً عن حياة أفضل، وهذه العائلة من بين عشرات الضحايا الفلسطينيين الذين فقدوا حياتهم بسبب الهزة الأرضية العنيفة التي ضربت تركيا وسوريا يوم الإثنين 6 فبراير/شباط 2023.
وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أعلنت عن وفاة عائلة عبد الكريم أبو جلهوم، التي تضم زوجته فاطمة وأبناءهم الأربعة، مشيرةً إلى أن عدد الفلسطينيين الذين تأكدت وفاتهم وصل إلى 70 شخصاً.
رمزي أبو جلهوم (43 عاماً)، شقيق عبد الكريم، قال في تصريح لوكالة رويترز: "أخوي طلع على تركيا بيتطلع لحياة أفضل من هنا، الحياة اللي فيها حروب وحصار هنا في غزة"، مضيفاً: "فقدنا أسرة، عيلة بأكملها انشطبت من السجل المدني".
توافد الأقارب والجيران إلى منزل العائلة في بلدة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة، الأربعاء 8 فبراير/شباط 2023، لتقديم التعازي.
كان أبو جلهوم يعمل سائق سيارة أجرة في غزة، لكنه كان يعاني من أجل إعالة أسرته التي يتزايد عدد أفرادها، وغادر إلى تركيا في 2010، وهناك، عمل في مصنع أخشاب بأنطاكيا، ولحقت به فاطمة وأبناؤهما بمجرد استقرار حالته المادية.
في أنطاكيا، كانت الحياة واعدة أمام الأب البالغ من العمر 50 عاماً، وفاطمة (33 عاماً)، وأبنائهما نورا (16 عاماً) وبراء (11 عاماً) وكنزي (تسعة أعوام) ومحمد (ثلاثة أعوام) والذي وُلد في تركيا، ووفقاً للعائلة فقد انتقلوا إلى شقة جديدة قبل ستة أشهر.
في الساعات التي تلت الزلزال، حاول الأقارب دون جدوى، التواصل معهم واتصلوا بكل من بوسعهم تقديم أي معلومات، وتعرفوا أمس الثلاثاء على الأسرة في صورة تُظهرهم تحت الحطام وقد فارقوا الحياة.
في الصورة، يظهر أبو جلهوم محتضناً أطفاله فيما يبدو أنها محاولة لحمايتهم بجسده مع انهيار منزلهم فوقهم.
بمنزل العائلة في بيت لاهيا، تواصل وداد والدة عبد الكريم الدعاء بأن تتسنى إعادة جثامينهم إلى الوطن لدفنها، وأضافت الأم المنتحبة: "لي 12 سنة ما شفتش ابني ولا أولاده"، وكانت ترتدي ملابس سوداء ويحيط بها جيرانها، وأضافت: "أنا بطلب يجييولي إياهم أشوفهم وأودعهم".
بحسب وكالة رويترز، لا توجد أرقام دقيقة تحصي عدد الفلسطينيين المقيمين في تركيا، لكن كثيرين- خاصة من غزة- انتقلوا في الأعوام الأخيرة إليها؛ فراراً من القطاع الذي تتفاقم كثافته السكانية، وشهد جولات حروب متكررة دمرت الاقتصاد.
تشير تقديرات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، إلى أن نحو 438 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في سوريا.
يُشار إلى أنه في أحدث إحصائية لعدد وفيات الزلزال بتركيا، قال الرئيس أردوغان إن الزلزال أودى بحياة 9057 شخصاً، و52 ألفاً و979 مصاباً، فيما بلغ عدد المباني المدمرة 6 آلاف و444 مبنى، حتى مساء الأربعاء 8 فبراير/شباط 2023.
تُعد الهزة الأرضية التي ضربت تركيا وسوريا، أقوى زلزال على مستوى العالم تسجله هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، منذ هزة أرضية بجنوب المحيط الأطلسي النائي، في أغسطس/آب 2021.