ذكر موقع Africa Intelligence الفرنسي أن رئيس الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، أرسل خطاباً سرياً بتاريخ 16 ديسمبر/كانون الأول 2022 يحمل الختم الرسمي للدولة الليبية، إلى لجنة الجزاءات المفروضة على ليبيا التابعة للأمم المتحدة، يطلب فيه السماح باستلام مركبات مدرعة من الإمارات.
وفي الخطاب الذي اطلع عليه الموقع الاستخباراتي، طلب الدبيبة، الذي يقود وزارة الدفاع الليبية أيضاً، من الأمم المتحدة، السماح باستلام 45 مركبة مدرعة من الإمارات.
وتعد هذه الشحنة جزءاً من عقد أُبرم عن طريق شركة المدينة الليبية لاستيراد السيارات، كما يُشار إلى أن الطلب قُدِّم رغم حظر الأسلحة المفروض على ليبيا.
وتضمنت قائمة التسوق الخاصة بطرابلس 21 سيارة فورد 550، و15 سيارة تويوتا لاند كروزر 76، و5 سيارات تويوتا لاند كروزر، و3 سيارات تويوتا هايلوكس، وسيارة لكزس 570.
من الناحية الرسمية، سوف تُستخدم هذه السيارات لـ"التصدي للهجرة غير القانونية"، ولا سيما في "جنوب ليبيا"، لكن هذه المنطقة هي منطقة تمركز الجيش الوطني الليبي الذي يقوده خليفة حفتر، خصم الدبيبة في الشرق. ويحمل هذا الاحتمال بعض القلق بالنسبة للأمم المتحدة، نظراً إلى أن خطر وقوع اشتباكات جديدة لا يزال قائماً.
الهند تضطلع بدور الحكم
بعد مرور شهر ونصف على الطلب، لم تُعطِ بعد لجنة الجزاءات الضوء الأخضر لإتمام وصول الشاحنات، إذ إن خبراء الأمم المتحدة، الذين يجرون تحقيقات لاكتشاف الطريقة المحددة التي يمكن أن تستخدم بها هذه الشاحنات عن طريق حكومة الوحدة الوطنية، حاولوا الحصول على دعم عديد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
وتأتي الهند، التي تحتفظ بالرئاسة المتناوبة للجنة الجزاءات على ليبيا، في قلب المفاوضات، ومن ثم فإن القرار النهائي قد يكون في أيادي الدبلوماسيين الهنود، الذين لا يملكون دراية خاصة بالموضوع.
كذلك تنظر اللجنة إلى ما هو أبعد من هذه الشحنة على وجه الخصوص، فهي مهتمة بالبحث حول اتفاق أوسع بكثير بين الدبيبة والإمارات.
ولعل ذلك الاتفاق قد تضمَّن 10 مدرعات صودرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن طريق عملية إيريني، التي تنفذها القوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي تستهدف تطبيق حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، بحسب ما كشفه الموقع نفسه.
واعترضت سفن عملية إيريني سفينة شحن هولندية تسمى إم في ميردايك ( MV Meerdijk) كانت تبحر من منطقة الحمرية بولاية الشارقة، ووجدت فيها مدرعات من الشركة الإماراتية الأمريكية The Armored Group، بينما جرى تحويل مسار السفينة الهولندية نحو مرسيليا، حيث وضعت المركبات في مخزن.
كانت السفينة متوجهة إلى شرق ليبيا، التي يسيطر عليها حفتر، لكن خبراء الأمم المتحدة يعتقدون أنها كانت تستهدف في واقع الأمر حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس. لكن هناك شكوكاً حول هذه الفرضية، نظراً إلى أن الإمارات كان يُنظر إليها منذ بداية الصراع على أنها الداعم المالي والعسكري الرئيسي لحفتر.
انتهاكات الحظر
وتسببت مصادرة الشحنة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في حدوث ضجة داخل الأمم المتحدة، فبعد أيام قليلة من اعتراض السفينة الهولندية، أرسلت البعثة الإماراتية لدى الأمم المتحدة مذكرة إلى لجنة الجزاءات تُصرُّ فيها على أنها أخطرتها بشأن الشحنة. لكن هذا فشل في إقناع اللجنة، التي ارتأت أن شحنة سفينة ميردايك تجسد انتهاكاً واضحاً للحظر المفروض، رغم إنكار كلٍ من الدبلوماسيين الإماراتيين ودبلوماسيي طرابلس في نيويورك.
لا تزال المركبات في مخزن موجود في ميناء مرسيليا، ولكن قد تُنقل إذا قررت لجنة الجزاءات منع تسليمها إلى ليبيا. وثمة عديد من الخيارات محل النظر في هذا الشأن، بما فيها إرسالها إلى البلدان الإفريقية التي تواجه تهديداً من الجماعات الجهادية. لكن خطوة كهذه قد تتطلب موافقة أعضاء لجنة الجزاءات البالغ عددهم 15 عضواً.
وأوضح موقع Africa Intelligence أنه كانت هناك عديد من انتهاكات حظر السلاح منذ 2020؛ فقد اقتحمت القوة التابعة لعملية إيريني السفينة إم في فيكتوري رورو، التي ترفع علم غينيا الاستوائية، في يوليو/تموز الماضي، وحولت مسارها نحو إيطاليا بعد أن كانت تحمل على متنها عشرات المركبات، التي يُفترض أنها كانت متجهة إلى ليبيا.