نقلت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته، الثلاثاء 7 فبراير/شباط 2023 شهادة صادمة لمعلم أمريكي يدعى بي جيه ريتشاردسون ويبلغ من العمر 45 عاماً يعيش في غازي عنتاب بالقرب من مركز الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، الإثنين 6 فبراير/شباط 2023، وتسبب في مقتل الآلاف وتدمير آلاف المنازل وإصابة أضعاف ذلك.
حيث قال ريتشاردسون: "إننا في صدمة. عبرت بمنطقة صغيرة في غازي عنتاب صباح الثلاثاء 7 فبراير/شباط. الدمار في كل مكان: المباني المتصدعة، والضمادات، والزجاج المكسور من المباني المنهارة. كل مبنى من هذه المباني يمثل مئات الأشخاص الذين صاروا مشردين الآن. لقد رأيت عشرات السيارات ينام بداخلها أشخاص، بل حتى عائلات بأكملها. كانت درجات الحرارة عند مستوى التجمد في الليلة الماضية [سالب 1]. لن تستمر البطاريات ولا الوقود".
تابع حديثه: "إنني أمريكي أعيشُ وأُدرِّسُ في غازي عنتاب منذ سبع سنوات. استيقظت الساعة 4:17 فجراً، عندما حدث الزلزال الأول. نواجه زلازل بين الحين والآخر، لكن هذا كان بكل وضوح أسوأ بكثير من حيث الحجم. ولم يتوقف". وأوضح: "أعيش في الطابق الثالث ببناية خرسانية تتكون من خمسة طوابق، وكنت أتوقع أن تنهار. فُتح الزجاج بقوة، وكنت قادراً على سماع صوت تحطم الزجاج في الردهة، بينما كان الناس يخرجون من شققهم بأسرع ما يمكن، وهو ما لم يكن الشيء الأكثر حصافة لنفعله، لكنك تصاب بالذعر".
شهادة مروعة لمعلم أمريكي في غازي عنتاب عن الزلزال
أضاف المدرس الأمريكي: "وقفت أسفل إطار بابي. استمرت الهزة الأرضية الأولى لأكثر من دقيقة. بدت كأنها أمد طويل والمبنى بأكمله كان يهتز وينهار. عندما هدأت الهزة الأولى، التقطت حقيبتي وحاسوبي وبعض الوجبات الخفيفة الجافة وغادرت شقتي، لأنضم إلى من في الخارج. كثيرٌ من الأشخاص فتحوا أبوابهم فحسب وركضوا إلى الخارج، مرتدين النعال".
قال كذلك في شهادته: "بسبب البرد والأمطار والثلوج على الأرض، بدأنا بعد مدة قصيرة في التسلل إلى الداخل، ولكن كانت هناك هزة تابعة قوية. كانت هذه هي المعضلة التي عانى منها كثيرون منذ أمس الإثنين 6 فبراير/شباط. لا نستطيع البقاء في الخارج طوال اليوم، ولكن البقاء داخل المنازل غير آمن. أعرف كثيراً من الأشخاص الذين قضوا اليوم كله في سياراتهم".
قال كذلك: "في حوالي الثامنة صباحاً، نجحت في الوصول إلى سيارة أجرة، لم يكن السائق يحتسب أجره، وفي المقاعد الخلفية كانت أمه وزوجته جالستين، وكان يقود بهما في الجوار طوال اليوم. نجحت في الوصول إلى مدرستي، التي فتحت صالة الألعاب الرياضية. اتصل بي مدير المبنى الذي أعيش فيه عند الظهيرة تقريباً، قبل [الزلزال] الثاني، وأوصاني بعدم العودة إلى المنزل لمدة 72 ساعة القادمة. كان هناك مبنى يتكون من 13 طابقاً يبعد ميلاً ونصف الميل، انهار بالكامل. لا أعرف إذا كان المبنى الذي أعيش فيه لا يزال قائماً أم لا، وإنني خائف تقريباً من طرح السؤال".
الطرق مدمرة
المعلم الأمريكي وفي شهادته قال كذلك: "كثيرٌ من الأشخاص خرجوا اليوم لاكتشاف الأمر، لتفقد منازلهم وحيواناتهم الأليفة وجلب البطاطين والطعام. إنهم لا يعرفون ما الذي سيفعلونه على المدى الطويل. كثير من الطرق مدمرة تماماً أو مسدودة بسبب الحوادث الكبيرة. أرسل إلي صديقٌ صوراً لشقته [التي تضررت بشدة] في الإسكندرون [التي تبعد 120 كم عن غازي عنتاب] الكائنة في بناية من 15 طابقاً. إنه وعائلته موجودون الآن في ملجأ، ولا يفكرون إلا في النجاة خلال اليوم، فالمستقبل لا يحتمل التفكير فيه بعد".
وصف ريتشاردسون حالة الطعام المتوفر لديه، قائلاً إنه يتناول كعك الأرز والرقائق، وإن هناك وجبات خفيفة كافية الآن، لكنها لا تكفي لثلاثة أيام. وأوضح أن غالبية البقالات والمتاجر مغلقة، مضيفاً أن هناك ما يكفي من زجاجات المياه الصالحة للشرب، لكن المياه الجارية غير متوفرة.
تابع: "إننا في حالة طوارئ. طلبت [السلطات] عدم استخدام الطرق إلا عند الضرورة، من أجل فتحها أمام عمال الإغاثة والطوارئ. ونصحوا الناس بعدم دخول المباني غير الآمنة". و"الكهرباء لدينا تعمل عبر مولد، لكن كثيراً من محطات الوقود نفد لديها الوقود، وسوف تتبعها في ذلك محطات أخرى".
في حين قال كذلك: "الإغاثة القليلة التي وصلت ركزت بحق على المراكز الحضرية، ولكن هناك عشرات القرى الصغيرة التي تضررت بنفس الشدة. نعلم أن الأمر سوف يستغرق وقتاً طويلاً قبل العودة إلى الوضع الطبيعي. أريد أن أكون قوياً، أن أكون شخصاً يتكئ عليه طلابي، لكني في حاجة إلى تجديد طاقتي. إننا نريد وحسب أن ننجو حتى الليلة القادمة".
إعلان الطوارئ
في سياق متصل، أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد"، ارتفاع عدد قتلى الزلزال إلى 4544. جاء ذلك في بيان صادر عن "آفاد" الثلاثاء، حتى الساعة 20:00 بالتوقيت المحلي.
ذكر البيان ارتفاع الإصابات إلى 26 ألفاً و751 مصاباً، مشيراً إلى حدوث 422 هزة ارتدادية أقواها بلغت 7.6 درجات في مركز قضاء ألبيستان بولاية قهرمان مرعش. ولفت البيان إلى مشاركة 59 ألفاً و971 شخصاً في جهود البحث والإنقاذ، بينهم 3251 قدموا من 65 دولة.
أكد البيان إرسال 4 آلاف و764 مركبة (آليات ثقيلة وشاحنات، ورافعات) للمناطق التي ضربتها الزلازل، للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ.
من جهته، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الثلاثاء 7 فبراير/شباط 2023، إن بلاده تواجه "إحدى أكبر الكوارث، ليس في تاريخ الجمهورية فحسب، بل في منطقتنا والعالم"، بسبب الزلزال المُدمر الذي ضرب البلاد، يوم الإثنين 6 فبراير/شباط 2023، معلناً حالة الطوارئ في عددٍ من المناطق المتضررة.
جاء ذلك في كلمة توجه بها أردوغان إلى الشعب التركي، في مقر إدارة الطوارئ والكوارث التركية "آفاد" بالعاصمة أنقرة، وأضاف أردوغان أن عمليات الإنقاذ في البلاد مستمرة حتى الآن، على الرغم من كل الظروف الصعبة، موضحاً أن الحكومة ستقدم مساعدات طارئة، حيث تم رصد 100 مليار ليرة كمبلغ أولي للمساعدات.
يذكر أنه وفي فجر الإثنين، ضرب زلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا بلغت قوته 7.7 درجة، أعقبه بعد ساعات زلزال آخر بقوة 7.6 درجة وهزات ارتدادية عنيفة، مخلفة خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.