أرسلت الحكومة التركية الآلاف من عمال البحث والإنقاذ إلى مدن الجنوب التركي، حيث ضرب الزلزال المدمر، الذي أودى بحياة آلاف الأتراك، إلا أن فرق الإنقاذ وجدت نفسها في مواجهة مشكلة أخرى مخيفة، فانخفاض حرارة الجسم، الناجم عن برودة الطقس، عرقل جهودهم لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض، فالمدن التي ضربها الزلزال مثل ملطية وكهرمان مرعش وغازي عنتاب وديار بكر تشهد برودة شديدة، وتساقطاً للأمطار والثلوج، مع اقتراب درجات الحرارة من الصفر.
مهندس الأرصاد الجوية والمتخصص في إدارة الكوارث، مقدات كادي أوغلو، كشف لوسائل إعلام تركية، أن على عمال الإنقاذ أن يتحركوا بسرعة، لأنه من الضروري إنقاذ العالقين تحت الأنقاض في ظرف 72 ساعة، المدة المعروفة للبقاء على قيد الحياة تحت الأنقاض في ظروف الطقس القاسية. وقال: "قد لا يكون أمامهم إلا 24 ساعة فقط".
وقد ضرب الزلزال 10 مدن في جنوب تركيا، ويشكو عديد من الناس في هاتاي وكهرمان مرعش من غياب فرق الإنقاذ الطارئة، للبحث عن الناجين تحت الأنقاض، فيما قال رئيس بلدية هاتاي، لُطفو سافاش، إن آلاف الأشخاص عالقون تحت المباني المنهارة، وإنهم لم يتلقوا سوى القليل من المساعدات. وتعرضت هاتاي تحديداً لأضرار بالغة، بعد انهيار مطارها، وتسبّبت الجسور المنهارة في إغلاق الطرق المؤدية للمدينة.
وعمال المنظمات الإغاثية مثل IHH وAkut والهلال الأحمر التركي، فضلاً عن فرق الاستجابة من أجزاء أخرى من البلاد في طريقهم إلى المنطقة. ونشر الجيش التركي أيضاً جنوداً للمساعدة في عمليات الإنقاذ.
وقال بولنت أوزمين، الأكاديمي المتخصص في إدارة الكوارث، لموقع Middle East Eye، إنه من شبه المستحيل توفير فرق احترافية في 10 مدن لتبحث بين آلاف المباني. وكانت الحكومة التركية أعلنت انهيار ما لا يقل عن 5000 مبنى. وأضاف: "للأسف سنحتاج إلى مشاركة متطوعين ومواطنين في هذه المهمة؛ لأن فرق المحترفين لن تكفي 10 مدن، فالموقف غاية في الصعوبة، والجميع يسابقون الزمن".
ويقول أوزمين إن درجات الحرارة ستزداد انخفاضاً في الليل، وإن البحث بين الأنقاض سيزداد صعوبة بسبب الظلام، وقال كادي أوغلو إن الناس قد يذهبون ضحايا لانخفاض حرارة الجسم، حتى وإن ظلت درجات الحرارة فوق الصفر.
ومن جانبه، قال الدكتور سيرفار يلماز، رئيس غرفة أطباء هاتاي، إن المدينة تشهد برودة شديدة وتساقطاً للأمطار والثلوج. وقال: "علينا أن نتحرك بسرعة لنصل إلى الضحايا، الطقس البارد هو ما قد يتسبب في قتلهم وليس إصاباتهم".
وترسل دول كثيرة فرق بحث وإنقاذ وطوارئ إلى تركيا، مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وأذربيجان ولبنان واليونان. وقالت هيئة إدارة الكوارث التركية Afad إنها نشرت ما يقرب من 10 آلاف عامل إغاثة محترف، وما يقرب من 10 آلاف متطوع في المناطق المنكوبة.
ارتفاع قتلى زلزال تركيا
وعملت فرق الإنقاذ في وقت مبكر من صباح الثلاثاء على انتشال المحاصرين تحت أنقاض المباني، في جنوبي تركيا، حيث ارتفع عدد القتلى في البلاد جراء الزلزال المدمر، الذي وقع أمس الإثنين، إلى قرابة 3 آلاف.
وقالت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، في أحدث بيان لها، إن نحو 8 آلاف شخص أُنقذوا من 4758 مبنى مدمراً في الهزات الأرضية في اليوم السابق. وأضاف رئيس الإدارة، يونس سيزر، أن 2921 شخصاً لقوا حتفهم في تركيا، حيث يستمر وقوع الهزات الارتدادية. فيما قال مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي إن زلزالاً آخر قوته 5.6 درجة ضرب وسط تركيا.
فيما أعاق طقس الشتاء القارس جهود البحث عن ناجين طوال الليل، وسُمع صوت امرأة تطلب المساعدة تحت كومة من الأنقاض في محافظة هاتاي الجنوبية، فيما قال أحد السكان، عرّف نفسه باسم دينيز، واليأس يسيطر عليه: "إنهم يصدرون أصواتاً، تأتي من تحت الأنقاض، لقد دُمرنا، يا إلهي، إنهم ينادون يقولون 'أنقذونا'، لكن لا يمكننا إنقاذهم، كيف سننقذهم؟ لا يوجد أحد (من رجال الإنقاذ) منذ الصباح".
وانخفضت درجات الحرارة بالقرب من درجة التجمد خلال الليل، ما أدى إلى تردي الأوضاع بالنسبة للمحاصرين تحت الأنقاض أو الذين تُركوا بلا مأوى.
وفي كهرمان مرعش، شمال هاتاي، تجمعت عائلات بأكملها حول النيران التماساً للدفء.
كان الزلزال، الذي أعقبته سلسلة من الهزات الارتدادية، أكبر زلزال عالمي تسجله هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، منذ هزة أرضية جنوب المحيط الأطلسي، في أغسطس/آب 2021.