علّقت واشنطن على قضية الفساد التي هزّت أوكرانيا وأطاحت بمسؤولين كبار في كييف، في أكبر تغيير سياسي في البلاد خلال الحرب، إذ قالت وزارة الخزانة الأمريكية إنه لا دليل على أن الأموال الأمريكية قد أُسيء استخدامها في أوكرانيا، لكنها ستواصل العمل عن كثب مع السلطات الأوكرانية، للتأكد من وجود ضمانات ملائمة لتجنب الفساد.
إذ قالت المتحدثة باسم وزارة الخزانة الأمريكية، ميجان أبر، في أول تعليق لها "لا دليل لدينا على أن أموال الولايات المتحدة قد أُسيء استخدامها في أوكرانيا". وأضافت أن "واشنطن ترحب بالجهود التي تبذلها السلطات الأوكرانية للعمل معنا، للتأكد من وجود ضمانات ملائمة، ليصل الدعم الأمريكي إلى المعنيين".
وقالت أبر إن الوزارة ستواصل العمل عن كثب مع البنك الدولي في تتبع المصروفات الأمريكية "للتأكد من أنها تُستخدم فيما هو مستهدف لها، إضافة إلى العمل مع أوكرانيا وشركاء آخرين لمكافحة الفساد".
قضية فساد في أوكرانيا
يأتي هذا بعد أن توالت استقالات كبار المسؤولين في أوكرانيا، حيث كشفت وسائل إعلام عن فضيحة فساد، توعّد الرئيس فلاديمير زيلينسكي بالتحقيق فيها، أعلن على إثرها مسؤولون في كييف وإدارة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي استقالتهم من مناصبهم.
ومن بين المسؤولين المستقيلين نائب وزير الدفاع، فياتشيسلاف شابوفالوف، الذي كان مسؤولاً عن الدعم اللوجستي للقوات المسلحة، وكيريلو تيموشينكو، وهو أحد مساعدي الرئيس الأوكراني، ونائب المدعي العام أوليكسي سيمونينكو، بحسب ما نشره موقع BBC البريطاني.
كما أقال الرئيس الأوكراني حكام خمس مناطق، في إطار تغييرات يجريها في المناصب العليا بالحكومة. وذكرت شبكة يورو نيوز الأوروبية، أن الرئيس زيلينسكي أعلن عزمه إجراء تغييرات في المناصب العليا بالحكومة والأقاليم "قريباً".
وبعد تقارير تحدثت عن فساد ورشا، اعترف الرئيس بأن هناك بالفعل قرارات تتعلق بالمناصب، في "مرحلة حساسة نوعاً ما" من الحرب بالنسبة إلى كييف. ونقلت الشبكة عن الإعلام الأوكراني الرسمي أنه تمت إقالة حكام مناطق كييف وسومي وزاباروجيا ودنيبرو وخيرسون، الثلاثاء.
كانت الحكومة الأوكرانية قد أقالت، في وقت سابق، نائب وزير تنمية البلديات بشبهة تلقيه رشوة، فيما أعلنت وزارة الدفاع فتح تحقيق بشأن اتهامات بإبرام عقود بأسعار مبالغ فيها لمنتجات غذائية مخصّصة للعسكريين.
فيما نشر زيلينسكي، على صفحته الخاصة على منصة "تليغرام"، منشوراً على خلفية فضيحة الفساد في المؤسسات الحكومية في أوكرانيا، قال فيه إن قرارات جديدة سيتم اتخاذها على مستوى الموظفين والمناصب الإدارية والحكومية في الدولة.
نحو عام من حرب أوكرانيا
يأتي هذا في وقت يقترب فيه الهجوم الروسي على أوكرانيا من نهاية عامه الأول، دون مؤشرات على اقتراب تلك الحرب الكارثية من نهايتها، ومع تدفق المساعدات الغربية غير المسبوقة على كييف، وفتح الباب أمامها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، من الطبيعي أن يأتي الحديث عن استمرار الفساد في أوكرانيا في هذا التوقيت، كصدمة للمتابعين لتلك الحرب المدمرة.
والحديث عن الفساد لم يأتِ من جانب روسيا، بل من داخل دوائر الحكومة الأوكرانية نفسها؛ إذ كتب رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، عبر تليغرام: "يأمر مجلس وزراء أوكرانيا بإقالة ف. إم. لوزينكيتش من منصب نائب وزير تنمية البلديات والأقاليم والبنية التحتية في أوكرانيا".
ومنذ عقود، كانت قضية الفساد المستشري في أوكرانيا إحدى أبرز العقبات في طريق سعي كييف إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ووصف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أوكرانيا بأنها واحدة من أكثر الدول "فساداً على الإطلاق"، وكان ذلك عام 2020، خلال محاولة الكونغرس عزل ترامب في المرة الأولى، فيما عُرف وقتَها باسم "فضيحة أوكرانيا".