اعتبر الرئيس التونسي قيس سعيّد، خلال لقاء جمعه، الإثنين 30 يناير/كانون الثاني 2023، برئيسة الحكومة نجلاء بودن، في قصر الحكومة بالقصبة، أنّ نسبة الإقبال على مراكز الاقتراع خلال الدورة الثانية للانتخابات التشريعيّة يجب أن تُقرأ بشكل مختلف، حيث إن 90% من التونسيين لم يُشاركوا في التصويت، لأن البرلمان لم يعد يعني لهم شيئاً، حسب تعبيره.
حيث شدّد رئيس الدولة وفق ما نشره موقع الرئاسة التونسية على فيسبوك، على أن أهم شيء هو "أنّنا احترمنا كلّ المواعيد"، قائلاً: "حتى لو كانت المواعيد في بعض الأحيان غير مناسبة.. بالنسبة للاستفتاء كان ثالث يوم عطلة، ومع ذلك احترمنا المواعيد، وتمّت الدورة الأولى، ثمّ بعد ذلك الدورة الثانية". وأضاف: "نقرأ الأرقام لا بنسبة التصويت، بل بنسبة العزوف، لماذا رفض التونسيّون المشاركة في الانتخابات، رغم تغيير طريقة الاقتراع".
انعدام الثقة بالبرلمان
في هذا السياق، اعتبر رئيس الدولة أن السنوات العشر الماضيّة، جعلت من البرلمان مؤسّسة عبثت بالدولة، لذلك فإن العزوف عن الانتخابات ردّ فعل من التونسيين، الذين لم تعد لديهم ثقة بهذه المؤسّسات.
كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس قد أعلنت أن نسبة المشاركة في الدور الثاني للانتخابات التشريعية المبكرة، بلغت 11.4%.
وجرى في تونس، الأحد 29 يناير/كانون الثاني 2023، الاقتراع في الدور الثاني للانتخابات، في ظل أزمة سياسية واقتصادية، منذ أن بدأ رئيس البلاد قيس سعيد، فرض إجراءات استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021.
من جانبه قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، فاروق بوعسكر، في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس، إن "نسبة المشاركة في الدور الثاني للانتخابات التشريعية بلغت 11.4%، وهذه النتائج نهائية بعد المصادقة عليها من مجلس الهيئة العليا للانتخابات". وأضاف: "شارك في عملية التصويت 895 ألفاً وناخبان اثنان، من مجموع 7 ملايين و853 ألفاً و447 ناخباً مسجلاً".
تابع: "عدد أوراق التصويت الملغاة كان 28 ألفاً و524 ورقة، بنسبة 3.2%، فيما كانت الأوراق البيضاء 17 ألفاً و374 ورقة بنسبة 1.7%، مقابل 849 ألفاً و104 أوراق مصرح بها لكل المرشحين بنسبة 94.9% من جملة أوراق التصويت".
كما أشار بوعسكر إلى أن مجلس الهيئة العليا للانتخابات قرر الإلغاء الجزئي لنتائج المترشح سامي التوجاني عن دوائر جومين وبازينة وسجنان عن محافظة بنزرت (شمال)، والإلغاء الكلي لنتائج المترشح طارق المهدي عن دائرة ساقية الداير من محافظة صفاقس (وسط- شرق)، دون أن يوضح سبب ذلك.
فيما حُسم بالتالي 154 مقعداً في البرلمان المقبل من أصل 161 مقعداً، فيما لم تجر الانتخابات في 7 دوائر اقتراع خارج البلاد يُتوقع إجراء انتخابات جزئية فيها في وقت لاحق لاستكمالها بعد تشكيل البرلمان الجديد.
كما سيتم إعلان النتائج النهائية عقب غلق ملفات الطعون في أجل لا يتجاوز 4 مارس/آذار 2023، في الوقت الذي تعتبرها أحزاب سياسية "فشلاً" لإجراءات رئيس البلاد قيس سعيد الاستثنائية، ودعت إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
حكم بعدم شرعية الانقلاب
من جانبها أعلنت جبهة "الخلاص الوطني" (معارضة) في تونس، الأحد، أن نسبة المشاركة في الدور الثاني للانتخابات التشريعية، "بمثابة حكم نهائي بفشل العملية الانتخابية وعدم شرعية الانقلاب".
حيث تأسست الجبهة في 31 مايو/أيار 2022، وتضم خمسة أحزاب هي: "النهضة"، و"قلب تونس"، و"ائتلاف الكرامة"، و"حراك تونس الإرادة"، و"الأمل"، إضافة إلى حملة "مواطنون ضد الانقلاب"، وعدد من نواب البرلمان المنحل.
من جانبه قال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي، في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس، إن "ما سيفرز عن الانتخابات سيكون مجلساً (برلمان) مسخاً مجرداً من الصلاحيات الرقابية، ويتقاسم الصلاحيات التشريعية مع رئيس السلطة المستبد".
أضاف: "هذا البرلمان لن يعترف به أحد من المواطنين والقوى السياسية، وسيزيد الأزمة السياسية تعمقاً ونزاعاً على الشرعيات بين الشرعية الزائفة التي يريد أن يرسيها سعيد وشرعية دستور 2014 وما نتج عنه من هيئات ديمقراطية".
معلقاً على نسبة المشاركة، شدد على أن "الدور الثاني للانتخابات كان بمثابة الحكم النهائي لفشل العملية الانتخابية ولعدم شرعية الانقلاب".واستطرد: "لا ننتظر شيئاً من سعيد؛ بل من أنفسنا نحن المجتمع التونسي بقواه السياسية والمدنية".
دعوات للوحدة بين الأحزاب السياسية
فيما دعا كل من اتحاد الشغل وهيئة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى الحوار والوحدة، قائلاً: "نقول لهم إننا في مركب واحد، نرجوهم أن يكفوا عن تقسيم التونسيين بين سياسيين ومدنيين".
أردف قائلاً: "أطلب منهم الارتقاء بمستوى المرحلة الجديدة، وأن نضع أيدينا في أيدي بعضنا البعض بهدف رحيل قيس سعيد والذهاب لانتخابات رئاسية مبكرة تكون كمرحلة أولى تشمل إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية".
فيما لم يصدر تعليق فوري من السلطات التونسية بشأن تصريحات الشابي حتى الساعة (21.50 ت.غ).