على الرغم من إبداء تركيا بعض الانفتاح بخصوص هذا الملف، جدّدت فنلندا، الإثنين 30 يناير/كانون الثاني 2023، تأكيد أنها ما زالت تأمل الانضمام مع السويد إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، قبل قمة مرتقبة للتحالف في يوليو/تموز 2023، وذلك وسط خلافات بين أنقرة وستوكهولم.
حيث أثارت التوترات الدبلوماسية الحادة بين ستوكهولم وأنقرة في الأسابيع الأخيرة، والناجمة عن أحداث عدة، لا سيما حرق مصحف قرب السفارة التركية في ستوكهولم، تساؤلات حول سبل المضي قدماً المتاحة لفنلندا، وذلك حسبما نشرت وكالة فرانس برس في تقرير لها الإثنين 30 يناير/كانون الثاني 2023.
موقف فنلندا لم يتغير
قال وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو، في مؤتمر صحفي، الإثنين: "أملنا الكبير كان ولا يزال، الانضمام مع السويد" إلى الحلف، مؤكداً أن الموقف الفنلندي "لم يتغيّر".
تابع الوزير: "ما زلت أعتبر أن قمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس (في 11 و12 يوليو/تموز) مرحلة مهمة، آمل أن يصبح فيها بلدانا على أبعد تقدير، عضوين في حلف شمال الأطلسي". ومنذ أن أعلن البلدان ترشُّحهما لعضوية الحلف العسكري في مايو/أيار على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، تعرقل تركيا ملفيهما.
تلميحات تركية حول انضمام فنلندا للناتو
في سياق متصل فقد لمّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد 29 يناير/كانون الثاني 2023، للمرة الأولى، إلى أن تركيا قد توافق على انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، من دون أن تتخذ خطوة مماثلة تجاه السويد التي تتهمها أنقرة بالإضرار بمصالحها.
حيث قال أردوغان: "يمكن أن نعطي فنلندا رسالة مختلفة إذا لزم الأمر، وعندها سوف تصاب السويد بصدمة، ولكن يجب ألا ترتكب فنلندا الخطأ نفسه"، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية.
في حين رأى هافيستو أن هذه التصريحات "تُظهر أن هناك نية لدى تركيا للمضي قدماً بسرعة في آلية (الانضمام إلى) حلف شمال الأطلسي إذا لزم الأمر" بشأن ترشيح فنلندا. وأوضح أنه على تواصل منذ الأحد، مع نظيريه السويدي والتركي، وأعرب عن أمله في أن تصادق تركيا على انضمام البلدين "معاً".
كانت تركيا قد عرقلت في 24 يناير/كانون الثاني 2023، انضمام البلدين إلى حلف شمال الأطلسي عبر إرجائها حتى إشعار آخر، لقاء ثلاثياً كان مقرراً بداية فبراير/شباط 2022، ويهدف إلى تبديد اعتراض أنقرة على انضمامهما.
فيما نبَّه الرئيس التركي إلى أن السويد التي تتهمها تركيا بايواء "إرهابيين" أكراداً، لا يمكنها بعد اليوم التعويل على "دعم" أنقرة، بعدما أحرق الناشط اليميني المتطرف السويدي-الدنماركي المناهض للإسلام راسموس بالودان مصحفاً قرب سفارتها في ستوكهولم.
كما استنكر رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، ما وصفه بأنه عمل "مهين"، معبّراً عن "تعاطفه" مع المسلمين. لكنه أكد أن الدستور السويدي يحول دون حظر هذه السلوكيات، إلا أن ذلك لم يسهم في تهدئة الغضب التركي.
حيث كرّر بالودان فعلته عبر إحراق نسخة من المصحف أمام مسجد في العاصمة الدنماركية، ثم نسخة أخرى أمام سفارة تركيا.
استياء من حرق المصحف
فيما أثار إحراق المصاحف استياء في الأوساط الإسلامية وأيضاً لدى النشطاء المؤيدين للأكراد.
ففي منتصف يناير/كانون الثاني 2023، رفعت مجموعة قريبة من لجنة روجافا لدعم أكراد سوريا دمية تمثل أردوغان معلَّقاً من قدميه أمام مبنى بلدية ستوكهولم، مما أثار استياء أنقرة رغم إدانة الحكومة السويدية.
السؤال المطروح هنا هو: إلى متى ستنتظر فنلندا جارتها السويدية؟ علماً بأن البلدين بقيا كياناً واحداً حتى العام 1809، ويقيمان علاقات دبلوماسية وعسكرية وثيقة للغاية.
قال هافيستو: "نتخلى بالصبر، وربما صبرنا طويل، لأن بلداناً عدة أعطتنا ضمانات أمنية".
لكن خلال فترة الترشّح لا تستفيد السويد وفنلندا من مفاعيل البند الخامس في معاهدة حلف شمال الأطلسي حول الدفاع المشترك، لكن قوى غربية عدّة، بينها الولايات المتحدة، تعهّدت بتقديم الدعم في حال تعرّضت البلاد للخطر.
في حين ساهمت الصعوبات التي تواجهها القوات الروسية بأوكرانيا في إبعاد شبح الخطر الداهم عن فنلندا التي تتشارك مع روسيا حدوداً بطول 1300 كلم.
فيما أبدى الوزير الفنلندي تضامناً مع ستوكهولم، علماً بأنه تطرّق علناً إلى احتمال انضمام بلاده بشكل منفرد في حال وصل ترشّح السويد إلى طريق مسدود، مشدداً في المقابل على أن المطروح حالياً يبقى انضمام البلدين معاً.
من بين الأعضاء الثلاثين في حلف شمال الأطلسي، وحدهما تركيا والمجر لم تصادقا بعد على انضمام فنلندا والسويد، علماً بأن بودابست سبق أن أعلنت أن لا رغبة لديها في عرقلة انضمامهما. ويتطلب منح العضوية في حلف شمال الأطلسي مصادقة كل الأعضاء.