ساد الهدوء مراكز الاقتراع التونسية في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية التي لم تتعد نسبة الإقبال في جولتها الأولى 11%، وهي نسبة قال منتقدو الرئيس قيس سعيد إنها تقوض حديثه عن الدعم الشعبي لتغييراته السياسية واسعة النطاق.
إذ أعلن رئيس هيئة الانتخابات في تونس فاروق بوعسكر، أن نسبة المشاركة في الدور الثاني للانتخابات التشريعية المبكرة، الأحد 29 يناير/كانون الثاني 2023، بلغت 4.71% في أول ثلاث ساعات من الاقتراع، مضيفاً أن نسبة الإقبال تعتبر مُرضية مقارنة بالفترة نفسها من الانتخابات السابقة.
وستعتمد هيئة الانتخابات نسب إقبال الدور الثاني كنسبة رسمية لكل الانتخابات البرلمانية. وقالت المعارضة إنها تخشى أن تحاول السلطات تضخيم الأرقام.
وفي مؤتمر صحفي، جدد بوعسكر دعوته الشباب إلى الإقبال على مراكز الاقتراع، وأفاد بأنه "لم يتم تسجيل خروقات، والعملية الانتخابية تسير بصفة طبيعية".
وبين الساعة الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي (07.00 ت.غ) والسادسة مساء (17.00 ت.غ)، تتواصل عملية الاقتراع في ظل أزمة سياسية واقتصادية تعاني منها تونس.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين 7 ملايين و850 ألف ناخب داخل تونس، وفق أرقام الهيئة.
ومن المنتظر الإعلان عن النتائج الأولية للدور الثاني في أجلٍ أقصاه 1 فبراير/شباط المقبل، وإعلان النتائج النهائية عقب غلق ملفات الطعون بما لا يتجاوز 4 مارس/آذار القادم.
العملية الانتخابية
وفي ضاحية المرسى بالعاصمة، قال مدير مركز اقتراع "عبد الرحمات مامي"، مهران خلفون، لـ"الأناضول"، إن "الترتيبات مضبوطة بمركز الاقتراع.. الأعوان ملتزمون بالتوصيات، والأبواب فُتحت في التوقيت المحدد مسبقاً".
وتابع: "الأمن حاضر وكل الأمور تسير بشكل عادي.. نقوم بدورنا بشكل عادي، وحضور المراقبين في مختلف قاعات مكتب الاقتراع".
صالح، وهو ناخب سبعيني، قال إن "القيام بالواجب الانتخابي في مكتب الاقتراع بالمرسى كان يسيراً، اخترت التصويت صباحاً لأهتم بشؤوني العائلية في بقية ساعات اليوم، وأتمنى أن يصلح الله حال البلاد وتتجاوز أزمتها الحالية".
إقبال ضعيف
وبشأن المشاركة في الاقتراع، قالت رئيسة "المركز التونسي المتوسطي" (رقابي مستقل) أحلام النصيري، لـ"الأناضول" إن "الإقبال على مكاتب الاقتراع بحسب مراقبينا كان ضعيفاً جداً".
وأردفت: "لاحظنا بعض الخروقات على غرار وجود من يمثل مترشحين بمحيط مراكز التصويت التي فتحت أبوابها في التوقيت المحدد.. لاحظنا سيارة إدارية بصدد نقل ناخبين إلى مراكز الاقتراع، ونحن بصدد تبين الوزارات التي تنتمي إليها".
بدورها، قالت رئيسة "مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية" (مستقل) علا بن نجمة، لـ"الأناضول"، إن "عدداً من مراقبينا تم منعهم من قِبل أعوان الهيئة المشرفة على الانتخابات التي تلافت هذا الخطأ بعد الساعات الأولى من التصويت.. والإقبال كان ضعيفاً كما كان الأمر في الدور الأول".
الدور الأول
وأفرز الدور الأول، في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حسم 23 مقعداً بالبرلمان (20 رجلاً و3 نساء) من 154 مقعداً، في ظل غياب مترشحين في 7 دوائر انتخابية بالخارج يُتوقّع إجراء انتخابات جزئية فيها لاحقاً لاستكمالها بعد تشكيل البرلمان.
والمشاركة في ذلك الدور سجلت نسبة متدنية بلغت 11.22% من الناخبين، وهو ما اعتبرته أحزاب سياسية "فشلاً" لإجراءات رئيس البلاد قيس سعيد الاستثنائية، ودعت إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
بينما قال سعيد إن هذه النسبة من الناخبين أفضل من النسب الكبيرة التي كان يُعلن مشاركتها في انتخابات وصفها بـ"المزورة".
ويراهن الرئيس التونسي على ارتفاع نسبة المشاركة عكس ما حدث في الدور الأول (بلغت نسبتها رسمياً 11.22%)، فيما تعوّل المعارضة على استمرار المقاطعة لإثبات حجم التراجع الذي وصلت إليه شعبية الرئيس التونسي منذ إجراءاته الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، التي تصاعدت تباعاً لتنتقل من استهداف المؤسسات إلى استهداف المعارضين عبر القضاء العسكري والمدني.
وتعاني تونس أزمة اقتصادية تفاقمت حدتها جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ فبراير/شباط الماضي، إضافة إلى تداعيات أزمة سياسية تعيشها البلاد منذ أن بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية في 25 يوليو/تموز 2021.