أعلنت السلطة الفلسطينية، مساء الخميس 26 يناير/كانون الثاني 2023، إيقاف التنسيق الأمني مع إسرائيل، بعد يوم دامٍ شهده مخيم جنين شمال الضفة الغربية، أسفر عن استشهاد 9 فلسطينيين بينهم مُسنة، في اقتحام لقوات الاحتلال.
وشيّع عشرات الآلاف من الفلسطينيين 9 شهداء سقطوا صباح الخميس، في مخيم جنين، إثر عملية عسكرية "واسعة" لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مدار 4 ساعات؛ أسفرت كذلك عن اندلاع اشتباكات بينها وبين عشرات الفلسطينيين، ودمار كبير في المباني والممتلكات.
وأعلنت قيادة السلطة الفلسطينية في بيان تلاه الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، خلال مؤتمر صحفي عقد مساء الخميس، "التوجه الفوري لمجلس الأمن الدولي لتنفيذ قرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الفصل السابع، ووقف الإجراءات أحادية الجانب".
وأضاف أبو ردينة أن القيادة قررت التوجه بشكل عاجل للمحكمة الجنائية الدولية، لإضافة ملف المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين إلى الملفات التي تم تقديمها سابقاً، والدعوة الفورية إلى قدوم لجنة التحقيق الدولية المستمرة في مجلس حقوق الإنسان، للتحقيق وإحالة مخرجاتها بشأن مسؤولية الاحتلال عن هذه المجزرة إلى المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن.
كما قررت القيادة استكمال الانضمام إلى بقية المنظمات الأممية والدولية، والتحرك على المستويات العربية والإسلامية والدولية من أجل دعم الموقف الفلسطيني.
وقال أبو ردينة في البيان: "إن الرئيس يدعو جميع القُوى الفلسطينية إلى اجتماعٍ طارئ، للاتفاق على رؤية وطنية شاملة ووحدة الصف لمواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له".
عملية عسكرية بمخيم جنين
وانطلق الآلاف في موكب جنائزي "مهيب"؛ لتشييع جثامين "مجزرة مخيم جنين"، حاملين جثامين الشهداء الـ9 على الأكتاف، من أمام مستشفى جنين الحكومي في مسيرة جابت شوارع المدينة، فيما عمّ الإضراب الشامل مناحي الحياة كافة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
والشهداء هم: صائب عصام محمود أزريقي (24 عاماً) من مدينة جنين، وعز الدين ياسين صلاحات (26 عاماً)، وعبد الله مروان الغول، ووسيم أمجد جعص، والمسنّة ماجدة عبيد من مخيم جنين، ومعتصم أبو الحسن من اليامون، ومحمد محمود صبح، والشقيقان محمد ونور سامي غنيم من برقين.
فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في وقت لاحق، عن شهيد عاشر متأثراً بجراحه.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل صوراً ومقاطع مصورة تُظهر جماهير غفيرة خرجت في تشييع جثامين الشهداء التسعة.
وصباح الخميس، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم جنين بأعداد كبيرة ضمن عملية عسكرية "واسعة" على مدار 4 ساعات، في حين وصفت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، في بيان صحفي، الوضع بمخيم جنين بأنه "حرج للغاية".
ومنعت قوات الاحتلال، خلال العملية، إجلاء جثث الشهداء ووصول فرق الإسعاف إليها، حيث أُعيقت مركبات الإسعاف عن دخول المخيم لإنقاذ الجرحى، وسط قطع تام للتيار الكهربائي عن مخيم جنين.
في حين كشف تقرير لـ"الأناضول"، نقلاً عن سكان في جنين، أن المخيم شهد "معركة حقيقية" نفذها الجيش الإسرائيلي، استخدم خلالها الرصاص الحي والقذائف وطائرات مُسيّرة، ومركبات مصفحة؛ مما خلّف دماراً في البنية التحتية للمخيم، ودُمرت مبانٍ ومركبات.
ويبدو الدمار في كل مرافق المخيم، وشوهد عدد كبير من المركبات المدمرة بالمخيم.
بدورها، تقول زاهدة السولمي (شاهدة عيان)، لـ"الأناضول": "في تمام الساعة السابعة، استفقنا على وجود قوة خاصة وصلت إلى المخيم عبر مركبة ثلاجة نقل ألبان، وحاصرت منزلنا"، وأضافت: "القوة الإسرائيلية فتحت النار على المنزل، وأطلقت عدة صواريخ تجاهه".
السيدة التي وقفت مصدومة أمام منزلها إثر تعرّضه للدمار الكامل، تقول إن "الطواقم الطبية انتشلت 4 جثامين من داخل المنزل بعد انسحاب القوات الإسرائيلية".
وقال شهود عيان آخرون لـ"الأناضول"، إنهم شاهدوا جرافة عسكرية إسرائيلية تدهس بدمٍ باردٍ مركبة فلسطينية كان بداخلها مصاب.
في سياق متصل، قالت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، إن عشرات المرضى أُصيبوا في مستشفى جنين الحكومي بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، الخميس، بينهم أطفال، خلال اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على المستشفى.
وأفادت وزارة الصحة بأن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر على مستشفى جنين الحكومي؛ ما أدى لإصابة عشرات المرضى بالاختناق.
وأفادت الوزارة بأن قوات الاحتلال اقتحمت مستشفى جنين الحكومي، وأطلقت بشكلٍ متعمَّد قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه قسم الأطفال في المستشفى؛ ما أدى لإصابة أطفال بحالات اختناق.
ومنذ أشهر تشهد الضفة الغربية تصعيداً ملحوظاً في التوتر؛ جراء اقتحامات واعتقالات إسرائيلية تفجّر اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي والمستوطنين من جهة، والفلسطينيين من جهة أخرى.