احتج أكثر من 200 متظاهر أمام قصر العدل اللبناني، اليوم الخميس 26 يناير/كانون الثاني 2023، على محاولات عرقلة التحقيقات في ملف تفجير المرفأ، ودعماً لمسار التحقيق الذي يقوده القاضي طارق البيطار، فيما رفض قاضي التحقيق في قضية الانفجار المثول أمام النائب العام التمييزي غسان عويدات، والذي ادعى على البيطار بتهمة التمرد على القضاء.
ومنعت قوات الأمن المحتجين من محاولة اقتحام قصر العدل، ووقع تدافع بين الأمن والمتظاهرين الذين يرفضون محاولات عرقلة التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، الذي وقع في أغسطس/آب 2020، وأودى بحياة 220 شخصاً.
وأعلن طارق البيطار قاضي التحقيق في الانفجار، يوم الإثنين، استئناف تحقيقه في الانفجار، بعد تجميد استمر 13 شهراً بسبب شكاوى قانونية وضغط سياسي من مسؤولين كبار.
لكن النائب العام التمييزي غسان عويدات عارض هذه الخطوة قائلاً: "إن البيطار ليست لديه الصلاحية لتجاوز الشكاوى القانونية".
ووجه اتهامات لقاضي التحقيق، بينما أمر بالإفراج عن جميع المحتجزين السبعة عشر على ذمة التحقيق.
وأصدر عويدات، اليوم الخميس، قراراً إضافياً يطلب فيه من رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة سر النائب العام لدى محكمة التمييز "عدم استلام أي قرار أو تكليف أو تبليغ أو استنابة أو كتاب أو إحالة أو مذكرة أو مراسلة، أو أي مستند من أي نوع صادر عن المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ".
"انقلاب على القانون"
وتوافد أهالي ضحايا الانفجار ونواب في البرلمان ومواطنون على قصر العدل، للمطالبة بالسماح للبيطار بمواصلة تحقيقه.
إذ قال علي عباس، وهو محام شارك في الاحتجاج لرويترز: "هذه فضيحة قضائية. أهالي الضحايا هم المظلومون، هناك استخفاف بهذه الجريمة".
إلى ذلك، دعت اللجنة الرئيسية الممثلة لأهالي ضحايا الانفجار والمتضررين منه اللبنانيين إلى مشاركتها في الاعتصام "دعماً لمسار التحقيق"، الذي استأنفه بيطار "قافزاً فوق التعطيل السياسي التعسفي للتحقيق".
ونددت بما وصفته بـ"الانقلاب السياسي والأمني والقضائي على القانون، وعلى العدالة"، محملة "القوى الأمنية مسؤولية أمن القاضي بيطار وسلامته كما وسلامة المستندات الخاصة بالتحقيق".
ثكنة عسكرية
وأفاد مراسل لوكالة فرانس برس بوجود إجراءات أمنية مشددة في قصر العدل، الذي بدا أشبه بثكنة عسكرية منذ ساعات الصباح الأولى.
ومنذ البداية، عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق لم تُعرف أسبابه.
وتبين لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.
ومنذ تسلمه التحقيق في الملف قبل عامين، يواجه بيطار (48 عاماً)، القاضي المعروف بنزاهته واستقلاليته، عقبات وتدخلات سياسية حالت دون إتمامه لمهمته، مع اعتراض قوى سياسية عدة أبرزها حزب الله على عمله، واتهامه بـ"تسييس" الملف، وصولاً إلى المطالبة بتنحيه، وفقاً لفرانس برس.
ورغم عشرات الدعاوى التي طالبت بعزله وعلقت عمله منذ 13 شهراً، استأنف بيطار، الإثنين، تحقيقاته بالادعاء على 8 أشخاص، بينهم النائب العام التمييزي غسان عويدات، ومسؤولان أمنيان رفيعان.
وحدد مواعيد لاستجوابهم مع آخرين في إطار دعاوى حق عام "بجرائم القتل والإيذاء والإحراق والتخريب، معطوفة جميعها على القصد الاحتمالي".
وتفاقمت المواجهة القضائية مع رفض عويدات قرارات بيطار، وادعائه عليه بتهمة "التمرد على القضاء واغتصاب السلطة"، ومنعه من السفر، وإخلاء الموقوفين الـ17 في التحقيق، في خطوة تعكس حجم الانقسام داخل الجسم القضائي، وتهدد بنسف التحقيق.
وتسببت أحدث التطورات في حالة من الشد والجذب في القضاء اللبناني الذي يخضع للنفوذ السياسي، إذ يحدد الساسة الكثير من التعيينات القضائية.
والانفجار هو أحد أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة، ونجم عن تخزين مئات الأطنان من نترات الأمونيوم داخل المرفأ منذ عام 2013.