زعمت منصة متخصصة في الموضوعات الاستقصائية أن الحكومة البريطانية ساعدت مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية في التحايل على عقوبات فرضتها الحكومة البريطانية، لتتمكن المجموعة من شنِّ حملة على صفحة استقصائي بريطاني، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية الأربعاء، 25 يناير/كانون الثاني 2023.
تشير الوثائق التي نشرتها منصة openDemocracy الاستقصائية البريطانية، المعنية بقضايا حقوق الإنسان، إلى أن الحادث وقع أثناء ولاية ريشي سوناك، رئيس وزراء بريطانيا الحالي، لمنصب مستشار الخزانة (وزير المالية)، خلال الأشهر التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا.
وثائق تؤكد مزاعم المنصة
تمكنت منصة openDemocracy من الحصول على رسائل البريد الإلكتروني والوثائق التي استشهدت بها بعد عمليات اختراق لأكثر من 50 شركة ووكالة حكومية روسية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. وقالت المنصة إنها لا تعرف هوية القراصنة الإلكترونيين، لكنها ليس لديها ما يدعوها للشك في صحة المعلومات.
في حديث أمام مجلس العموم البريطاني، الثلاثاء، 24 يناير/كانون الثاني، قال وزير الأعمال كيفين هولينريك، إن المزاعم القائلة إن مكاتب قانونية بريطانية ساعدت يفغيني بريغوزين، مؤسس مرتزقة فاغنر، في التحايل على العقوبات سيُنظر فيها "بتدقيق شديد"، وسنعلن "استنكارنا التام لها" إذا كانت صحيحة.
فرضت بريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات على بريغوزين عام 2020، وتضمن ذلك منعه من الاستعانة بوسائل التحاكم القانونية في محاكم بريطانيا، لكن تقرير openDemocracy يزعم أنه تمكن، بمساعدة شركة محاماة في لندن، من الحصول على تصريح قانوني من وزارة الخزانة البريطانية، استطاع به التحايل على العقوبات ورفع دعوى تشهير على الصحفي البريطاني إليوت هيغينز، مؤسس موقع الصحافة الاستقصائية واستخبارات المصادر المفتوحة "بِلنجكات" Bellingcat.
غضب مؤسس مرتزقة فاغنر
كان موقع "بِلنجكات" قد أثار غضب مؤسس مرتزقة فاغنر بريغوزين بتقريرٍ نشره وتناول فيه تاريخاً موجزاً لعملياته السرية، علاوة على صلاته بوزارة الدفاع الروسية ومديرية المخابرات العسكرية الخارجية.
بينما نفى بريغوزين مراراً أي صلة له بفاغنر حتى بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، ثم صار يفتخر الآن بأنه مؤسسها، وافتتح منذ مدة وجيزة مقراً للمجموعة في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، في حين قالت واشنطن الأسبوع الماضي إنها ستدرج فاغنر ضمن "المنظمات الإجرامية العابرة للحدود".
على الرغم مما هو معروف عن بريغوزين من أنه يخدم أميراً للحرب لدى الكرملين، فإن رسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها منصة openDemocracy كشفت أن وزارة الخزانة منحت تراخيص لشركة المحاماة البريطانية Discreet Law، للعمل في قضية التشهير التي تقدّم بها بريغوزين، وأعطت الإذن لمحامين بالشركة كي يسافروا إلى مدينة سان بطرسبرغ، مسقط رأس بريغوزين، لمناقشته شخصياً في القضية.
كانت دعوى التشهير جزءاً من مساعي بريغوزين لإحباط العقوبات التي فرضتها عدة دول كبرى عليه، وتُظهر الوثائق أن شركة المحاماة البريطانية عملت بالتعاون مع شركة المحاماة الروسية Capital Legal Services.
تورُّط مسؤولين بريطانيين
سقطت القضية بعد أن أمر الرئيس الروسي بغزو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، لكن دفاع مؤسس مرتزقة فاغنر عن نفسه فيها كلَّفه ما يقرب من 70 ألف جنيه إسترليني (نحو 86 ألف دولار أمريكي).
حيث قالت منصة OpenDemocracy إن القضية تبيِّن "السهولة المذهلة التي تمكن بها أحد أشهر دعاة الحرب في العالم من استخدام النظام القانوني البريطاني للسعي إلى أهدافه، على الرغم من العقوبات المفروضة عليه".
كما قال هيغينز إن المسؤولين البريطانيين "متورطون في مخطط لتقويض العقوبات ذاتها التي كانوا مسؤولين عن إدارتها"، فهم يسمحون "للأثرياء بإساءة استغلال النظام القانوني البريطاني لشنِّ حملات قضائية على صحفيين قانونيين بمساعدة محامين بريطانيين".
في المقابل، قال روجر غيرسون، رئيس شركة Discreet Law للمحاماة، لصحيفة The Financial Times، إن الشركة "حرصت حرصاً كاملاً طوال الوقت على التزام القواعد القانونية والمهنية". وقالت وزارة الخزانة إن "لكل فرد الحق في التمثيل القانوني".
يأتي ذلك في وقت يتعرّض فيه رئيس الوزراء البريطاني لضغوط صادرة عن نواب برلمانيين بمختلف الأحزاب لوقف السماح باستخدام النخبة الحاكمة الروسية للمحاكم البريطانية في إسكات الصحفيين وترهيبهم.