استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في قصر الإليزيه، رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة، الذي يقوم بأول زيارة رسمية لقائد جيش جزائري إلى فرنسا منذ 17 عاماً، وذلك تلبيةً لدعوة من نظيره الفرنسي تييري بوركا، إذ التقى القائدان- الجزائري والفرنسي- خلال زيارة ماكرون إلى الجزائر، في أغسطس/آب 2022، والتي أعادت العلاقات بين البلدين إلى مسارها بعد سنوات من التوتر.
فيما قالت الرئاسة الفرنسية، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، إن رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، قد التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى فرنسا، من جهتها قالت وزارة الدفاع الجزائرية في بيان إن "الزيارة تندرج في إطار تعزيز التعاون بين الجيش الوطني الشعبي والجيوش الفرنسية، وستُمكن الطرفين من التباحث حول المسائل ذات الاهتمام المشترك".
زيارة تاريخية إلى فرنسا
وتحمل الزيارة دلالة رمزية، إذ إنها الأولى لقائد جيش جزائري إلى فرنسا منذ حوالي 17 عاماً، إذ تعود آخر زيارة لرئيس أركان جزائري إلى فرنسا للراحل أحمد قايد صالح، في مايو/أيار 2006.
والتقى بوركار نظيره الجزائري يومي 25 و26 أغسطس/آب 2022، خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر. وناقش حينَها الجنرالان الوضع الأمني في منطقة الساحل، وتعزيز التعاون بين الجيشين الجزائري والفرنسي.
وتأتي زيارة شنقريحة إلى فرنسا قبل زيارة دولة مرتقبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس، في مايو/أيار المقبل، ويأمل ماكرون في هذه المناسبة بمواصلة العمل على الذاكرة والمصالحة بين البلدين.
وأعادت زيارة ماكرون إلى الجزائر، في أغسطس/آب، العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي، بعد أزمة مرتبطة بتصريحات أدلى بها في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ماكرون لن يطلب الصفح
وتميزت فترة حكم تبون بعدة هزات في العلاقات مع فرنسا، بسبب ملفات الحقبة الاستعمارية (1830/ 1962)، وكذا قضايا الهجرة.
في أحدث تصريح له، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه لن يطلب "الصفح" من الجزائريين عن استعمار فرنسا لبلدهم، مشدداً على أن "عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب.. (وأنه) يعني الاعتراف بأن في طيّات ذلك أموراً ربما لا تُغتفر".
وفي مقابلة مطولة أجراها معه الكاتب الجزائري كامل داود، ونشرتها أسبوعية "لوبوان" الفرنسية، أعرب ماكرون عن أمله في استقبال نظيره الجزائري عبد المجيد تبّون، في باريس هذا العام، لمواصلة العمل معاً على ملف الذاكرة والمصالحة بين البلدين. أضاف ماكرون: "لست مضطراً إلى طلب الصفح، هذا ليس الهدف، الكلمة ستقطع كلّ الروابط"، مشيراً إلى أن "أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول: (نحن نعتذر) وكلّ منّا يذهب في سبيله"، وشدّد على أن "عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنّه عكس ذلك تماماً".
فيما لفت إلى أن عمل الذاكرة والتاريخ "يعني الاعتراف بأن في طيّات ذلك أموراً لا توصف، أموراً لا تُفهم، أموراً لا تُبرهَن، أموراً ربّما لا تُغتفر".
يُذكر أن مسألة اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري بالجزائر (1830-1962)، في صميم العلاقات الثنائية والتوترات المتكررة بين البلدين.
وفي 2020، تلقّت الجزائر بفتور تقريراً أعدّه المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، بناءً على تكليف من ماكرون، دعا فيه إلى القيام بسلسلة مبادرات من أجل تحقيق المصالحة بين البلدين، وخلا التقرير من أية توصية بتقديم اعتذار أو بإبداء الندم، وهو ما تطالب به الجزائر باستمرار.