بدأ ضباط كبار في جيش الاحتلال الإسرائيلي، برئاسة الجنرال يهودا فوكس قائد المنطقة الوسطى، التحضير لإجلاء مئات الفلسطينيين من منطقة مسافر يطَّا جنوبي الخليل، حتى يمكن تحويلها إلى معسكر تدريب منتظم للجيش، بحسب ما أفادت صحيفة Haaretz الإسرائيلية، الأربعاء 11 يناير/كانون الثاني 2023.
وقال مسؤولون عسكريون وسياسيون بارزون إن القيادة المركزية لجيش الاحتلال بدأت التخطيط منفردةً لهذه العملية قبل شهرين، دون مناقشات مسبقة مع المسؤولين السياسيين المعنيين باتخاذ القرار في هذا الشأن.
خطة إخلاء تشمل 8 قرى
فيما قُدمت الخطة، الأسبوع الماضي، إلى وزير الدفاع يوآف غالانت خلال زيارته الأولى لمقر القيادة المركزية، ليكون ذلك أول عرض للخطة على مجلس الوزراء، بعد تولي الحكومة الجديدة للسلطة.
وعلى الرغم من أن هذه الخطوات تُوصف بالحساسة، فإن مصادر سياسية مطلعة تزعم أن فوكس أوعز إلى ضباطه بوضع خطة لتنفيذ عملية الإخلاء بمجرد صدور حكم المحكمة العليا، وقبل إجراء مناقشة شاملة مع شخصيات سياسية وأمنية رفيعة المستوى، بحسب "هآرتس".
في حين قال مسؤولون أمنيون شاركوا في زيارة غالانت إنه لا يستبعد الإخلاء، لكنه أخبر القيادة العليا أنه ليس على دراية بتفاصيل الموضوع، ويحتاج إلى دراسته بدقة ومراجعة القرارات التي اتُّخذت.
ويعيش سكان مسافر يطّا، البالغ عددهم نحو ألف فلسطيني، في 8 قرى، ومع أن جيش الاحتلال يزعم أنها منطقة تدريب عسكري منذ أكثر من عقدين، فإن السكان قدموا التماساً لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية، وأكدوا فيه أنهم عاشوا في هذه المنطقة قبل وقت طويل من إعلانها منطقة تدريب عسكرية، ما يجعل تهجيرهم منها غير قانوني.
كانت المحكمة العليا الإسرائيلية أقرت موقف دولة الاحتلال، في مايو/أيار الماضي، بعد صراع قانوني طويل، وأجازت للحكومة إجلاء سكان مسافر يطَّا من منازلهم إجلاءً نهائياً.
ونصَّ الحكم الصادر عن القاضي ديفيد مينتز على أن المنطقة لم تكن بها منازل دائمة للسكان الفلسطينيين، قبل إعلانها منطقة تدريب عسكرية.
إخلاء في غضون عام
ويقول السكان الفلسطينيون إن موضوع الإجلاء عُرض في لقاء جرى الأسبوع الماضي بين سليم سعد، مندوب "الإدارة المدنية" للاحتلال في منطقة الخليل، وممثلين عن السلطة الفلسطينية.
بينما قال ممثل السلطة الفلسطينية للسكان في نهاية الاجتماع إن سعد يعتقد أن الإجلاء سيحدث في غضون عام آخر، وقد أخبره أن هناك مسارين لإعادة الإسكان سيُقدمان خلال الأسابيع المقبلة.
كان الغرض الأصلي للاجتماع هو بحث طلب السكان للموافقة على الحرث في المنطقة، إلا أن ممثل السلطة الفلسطينية فاجأهم بهذه التصريحات، وأبلغهم بأن سعد تحدث عن إخلاء 12 قرية، وليس فقط القرى الثماني التي أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية حكماً بشأنها في الالتماس الأخير.
"منطقة تدريب عسكرية"
رداً على استفسار من صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أنكر منسق أعمال الحكومة في "المناطق" مناقشة مسارات بديلة مع السكان الفلسطينيين أو محادثتهم صراحة بشأن الإخلاء. وقال المنسق إن "الوضع الواقعي" لم يُعرض إلا في الاجتماع المتعلق بحكم المحكمة، على أساس أن المنطقة محددة بأنها منطقة تدريب عسكرية.
على الرغم من الحكم الصادر عن المحكمة العليا الإسرائيلية، فإن قضية إجلاء سكان مسافر يطَّا قد تستدعي عواقب سياسية، إذ تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن عنها خلال آخر زيارة له إلى إسرائيل، في يوليو/تموز الماضي، وطالب في محادثات مغلقة مع كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين بتجنب الخطوات أحادية الجانب التي قد تؤدي إلى تصعيد.
وأكد مسؤولون أمنيون إسرائيليون في محادثات غير معلنة أن قرار صياغة الخطة اتُّخذ في القيادة المركزية بنيةِ إخلاء المنطقة إذا طُلب منهم ذلك، وعلى الرغم من أن القيادة المركزية كانت على علم بطلبِ بايدن، فإن مسؤولي القيادة يرون أنه من الواجب صياغة الخطة ومناقشة القرار أمام مجلس الوزراء الأمني الجديد.