قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، 3 يناير/كانون الثاني 2023، التحرك فوراً في مجلس الأمن الدولي لإدانة ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة، وذلك بعد اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باحات المسجد، في خطوة أدانها الفلسطينيون وعواصم عربية وغربية ونواب بالكنيست (البرلمان) الإسرائيلي.
ففي حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باحات المسجد لمدة ربع ساعة، صباح الثلاثاء، وقرر الرئيس عباس "تكليف بعثة فلسطين في نيويورك بالتحرك الفوري في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لإدانة ووقف الاعتداءات على المسجد الأقصى من قبل أعضاء في الحكومة الإسرائيلية ومجموعات متطرفة، في انتهاك خطير للوضع التاريخي والقانوني في القدس المحتلة"، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.
عباس أكد، وفق الوكالة، "أهمية هذا التحرك الدولي لوقف هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية".
اقتحام المسجد الأقصى مراراً وتكراراً
سبق لـ"بن غفير"، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، أن اقتحم المسجد الأقصى مراراً بصفته الشخصية وكنائب بالكنيست، لكنها المرة الأولى التي يقتحمه كوزير ضمن حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو نالت ثقة الكنيست في 29 ديسمبر/كانون الأول 2022 وتوصف بأنها "الحكومة الأكثر يمينية بتاريخ إسرائيل".
في سياق متصل، يقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل بوتيرة مكثفة على تهويد القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية، ويتمسكون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981.
نتنياهو يؤجل زيارته للإمارات
من جهة أخرى، أفادت صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية، الثلاثاء 3 يناير/كانون الثاني 2023، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يزور أبوظبي، وفقاً لما خطط له أولاً، حيث وجّه له رئيس الإمارات محمد بن زايد دعوة لزيارة بلاده خلال مكالمة هاتفية مؤخراً.
بحسب الصحيفة، فقد جاء إعلان عدم الخروج في هذه الزيارة بعد ساعات من اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باحة المسجد الأقصى، ما أثار إدانات دولية هائلة، بما في ذلك من الإمارات.
كان نتنياهو قد خطط لزيارة الإمارات بعد عودته إلى منصب رئيس الوزراء لمقابلة رئيس البلاد محمد بن زايد، وكانت هذه الزيارة ستصبح أولى زيارة رسمية لنتنياهو إلى الدولة الخليجية.
بحسب التقرير، فإن السبب الرسمي لتأجيل الزيارة -التي كان من المقرر أن تحدث الأسبوع القادم- يكمن في السماح للحكومة للعمل معاً من أجل ضمان زيارة ناجحة في وقت لاحق.
استدعاء سفير إسرائيل في الأردن
الخطوة التي أقدم عليها بن غفير من اقتحام الأقصى كذلك، تسببت في ردود فعل عربية، حيث استدعت وزارة الخارجية الأردنية سفير إسرائيل لدى عمَّان، الثلاثاء 3 يناير/كانون الثاني 2023، احتجاجاً على اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، صباح الثلاثاء، باحات المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، مما تسبب بردود فعل دولية.
حيث أصدرت خارجية الأردن بياناً، أوضحت فيه أنها استدعت السفير الإسرائيلي إلى مقرها "لنقل رسالة احتجاج حول إقدام وزير الأمن القومي الإسرائيلي على اقتحام المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف"، بحسب وكالة الأنباء الأردنية الرسمية. ووفق المتحدث باسم الوزارة السفير سنان المجالي فإنه "جرى تسليم السفير الإسرائيلي رسالة احتجاجٍ لنقلها على الفور لحكومته".
تحذير من زيادة التصعيد
في حين أكدت الرسالة "وجوب امتثال دولة إسرائيل، بصفتها قوة قائمة بالاحتلال، بالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي ولا سيما القانون الدولي الإنساني بشأن مدينة القدس المحتلة ومقدساتها، وخاصة المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف".
كما تشدد على ضرورة "الامتناع عن أية إجراءات من شأنها المساس بحرمة الأماكن المقدسة ووضع حد لمحاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم"، وفق البيان.
مستوطنون يهود في باحة المسجد الأقصى – صورة أرشيفية – الأناضول
كذلك أكدت رسالة الاحتجاج أن "المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونما (الدونم الواحد يساوي ألف متر مربع) مكان عبادة خالص للمسلمين". مطالبة الاحتلال بـ"إنهاء جميع الإجراءات الهادفة للتدخل غير المقبول في شؤون المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف".
في الوقت ذاته، شددت على أن "إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى المبارك هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة جميع شؤون المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف وتنظيم الدخول إليه"، محذّرة من أن "الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة على المقدسات تُنذر بالمزيد من التصعيد وتُمثل اتجاهاً خطيراً يجب العمل على وقفه فوراً".
بدوره علّق السفير الأمريكي في إسرائيل على الحادثة قائلاً إن واشنطن أوضحت للحكومة الإسرائيلية أنها تعارض أي مسّ بالوضع القائم في المسجد الأقصى في أعقاب اقتحام بن غفير.
بن غفير يقتحم الأقصى
يذكر أنه صباح الثلاثاء، اقتحم "بن غفير"، الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف، المسجد الأقصى لمدة ربع ساعة وسط حراسة مشددة، في خطوة أدانها الفلسطينيون وعواصم عربية وغربية، إضافة إلى معارضين ونواب في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي.
داخلياً، قالت حركة حركة الجهاد الإسلامي إن اقتحام بن غفير للأقصى عدوان على الفلسطينيين، والاحتلال يتحمل مسؤولية دفع الأوضاع للانفجار، وقالت حركة حماس بدورها: "اقتحام إيتمار بن غفير المسجد الأقصى استمرار لعدوان الاحتلال على المقدسات الإسلامية وحربه على القدس"، فيما علّقت السلطة الفلسطينية قائلة إن خطوة بن غفير تحدٍّ للفلسطينيين، واستمرار الاستفزازات سيؤدي لتفجر الأوضاع.
بدوره، قال النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي، في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي: "لقد كان مشهداً بائساً لفأر يتسلل مثل لص في الليل"، وأضاف: "مما لا شك فيه أن هناك عواقب لاقتحام المسجد الأقصى كوزير للأمن الداخلي، إن المسجد هو للمسلمين وحدهم.. نقطة (كناية عن انتهاء الكلام)".
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير/رويترز
تم الاقتحام دون إعلان مسبق، وبعد أن أشاعت مصادر إسرائيلية أنه قرر إرجاء الزيارة بعد طلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكان بن غفير قد أعلن عن نيته اقتحام المسجد، ولكنه لم يحدد موعداً للاقتحام. كما جرى الاقتحام عبر باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد الأقصى، في ساعة مبكرة من الصباح، وشمل جولة في باحات المسجد.
في حين يقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل بوتيرة مكثفة على تهويد مدينة القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية، ويتمسكون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمها إليها في 1981.
يشار إلى أن حزب بن غفير (تحالف الصهيونية الدينية والقوة اليهودية)، حصد في الانتخابات التي أُجريت في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، 14 مقعداً.