كشفت عودة رحلات السفر الجوية إلى مستوى ما قبل جائحة كورونا، مع إلغاء الصين لجميع القيود المرتبطة بالفيروس، عن معاناة العالم من نقص شديد في الطائرات، ما سيؤثر بشكل كبير على أسعار الرحلات الجوية، وفق ما ذكره تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية، الأربعاء 28 ديسمبر/كانون الأول 2022.
مع أن مختلف شركات الطيران، مثل "يونايتد إيرلاينز" الأمريكية وشركة "طيران الهند"، تقدمت بطلبات شراء لمئات الطائرات أو تنوي ذلك، فإن شركات تصنيع الطائرات مثل "بوينغ" الأمريكية و"إيرباص" الأوروبية ما زالت تواجه بعض الاضطرابات والقيود في سلاسل التوريد العالمية.
الوكالة أوضحت أن ذلك يعني أن الطائرات المطلوبة يُحتمل ألا تسلَّم إلا بعد سنوات، حتى إن تقديرات شركة "جيفريز فايننشال" الأمريكية للخدمات المالية تذهب إلى أن الطلبيات المتراكمة تبلغ 12720 طائرة حالياً.
تأثير نقص الطائرات على أسعار التذاكر
يشير ذلك إلى أن أسعار تذاكر الطيران الباهظة التي شكى منها الناس بمرارة خلال الأشهر الماضية أقرب للاستمرار في المدة المقبلة، وأن الأمور قد تتفاقم سوءاً قبل أن تتحسن بعد ذلك.
حيث قال أجاي أوتاني، مؤسس موقع LiveFromALounge.com لخدمات السفر، إن "الناس اعتادوا انخفاض الأسعار أثناء جائحة كورونا، إلا أن عودة السفر في الصين بعد رفع القيود ستزيد الأمور سوءاً في هذا السياق. فالمشكلة لا تقتصر أسبابها على نقص الطائرات، وإنما هناك عوامل أخرى مثل أسعار النفط".
كما أضاف: "بعض شركات الطيران، في ولايات قضائية معينة، قد تستفيد من ذلك، ويكون لديها السيولة المالية الكافية لخفض الأسعار، إلا أن الأمر نفسه قد يتسبب في تعثر شركات أخرى، ومن ثم ارتفاع الأسعار على مدى طويل".
من جهة أخرى، فإن شركتي "بوينغ" و"إيرباص" العملاقتين في مجال صناعة الطائرات، والمحتكرتين لحصةٍ غالبة من سوق إنتاج طائرات الركاب، باعتا مقدماً معظم إنتاجهما من فئة الطائرات ذات الممر الواحد، والتي تحظى بشعبية كبيرة، حتى عام 2029 على الأقل.
زيادة الضغط على شركات التصنيع
يُتوقع أيضاً أن يتضاعف الطلب من شركات الطيران على طائرات الركاب بعد العودة الحثيثة للناس إلى رحلات الطيران وإقبال شركات النقل الجوي على تحديث أساطيلها، وهو ما يقتضي مزيداً من الضغط على سلاسل التوريد في جميع مراحلها، من توفير المكونات الضرورية للإنتاج إلى سد النقص في العمالة.
فقد أعلنت شركة "إيرباص" هذا الشهر تخليها عن هدفها السابق بتسليم 700 طائرة هذا العام، وعلَّلت الأمر باضطرابات واجهتها في سلسلة التوريد، وكانت قد حذَّرت قبل ذلك من أن الارتفاع الكبير في تكاليف الطاقة سيكون له تأثيرات شديدة الوطأة على شركات الإنتاج الأصغر حجماً التي تحتاج إلى استخدام الطاقة بكثافة، مثل الشركات والمصانع العاملة في صناعة المسبوكات والمطروقات.
بينما قال ستيفن أودفار هازي، مؤسس شركة تأجير الطائرات Air Lease Corp، إن جميع الطائرات التي سُلمت إلى شركته -التي تعد من أكبر شركات تأجير الطائرات في العالم- على مدار العامين الماضيين، قد تأخر تسليمها عن الموعد المتفق عليه.
فيما أوضح: "نحن لم نحصل على طائرة واحدة في الموعد المحدد، سواء أكانت الطائرة من طراز (737 ماكس) أم طراز (787) أم طراز (A330) أم طراز (A330)، وأكثرها تأخراً في التسليم كانت طراز (A321neo)، فقد واجهنا تأخيرات تصل إلى 6 أو 7 أشهر عن موعد التسليم في العقد".
آلاف الطائرات في المخازن
من جهة أخرى، اضطرت شركات الطيران إلى تخزين آلاف الطائرات في الصحاري بجميع أنحاء العالم، بسبب مخاوفها من التراجع الشديد في رحلات السفر الجوي في أعقاب الجائحة، وإغلاق الدول حدودها.
إذ لم تعد مئات الطائرات بعد إلى الأساطيل الجوية للشركات، إما لأنها لا تزال تحتاج إلى الصيانة بعد مدة طويلة من عدم الاستخدام، أو لأن شركات الطيران تخطط للتخلص التدريجي منها ولم تُدرجها في قوائم الخدمة.
لكن محصلة ذلك هي زيادة أسعار الرحلات الجوية زيادة مذهلة، بل قد تتفاقم الأمور سوءاً مع عودة رحلات العمل والسياحة، في ظل إقبال الناس على قضاء العطلات في الخارج لأول مرة منذ سنوات.