كشف خبراء عسكريون تفاصيل جديدة عن دور الذكاء الاصطناعي في منح أوكرانيا ميزة تكنولوجية على روسيا؛ أدت بحسب ما قالت صحيفة The Times البريطانية، السبت 24 ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى قلب مجريات الحرب لصالح كييف.
وفيما لا تزال المدفعية تهيمن على الحرب بطريقة مألوفة للجنرالات الذين خاضوا المعارك منذ قرون، إلا أن دقة الضربات الأوكرانية وسرعتها وخطورتها زادت بدرجة مثيرة بفضل البرامج التي طورتها شركة Palantir، وهي شركة تكنولوجيا أمريكية، شارك في تأسيسها الملياردير الجمهوري بيتر ثيل.
في مقارنة بسيطة، قال مصدر عسكري للصحيفة البريطانية: "الروس يستخدمون مدفعيتهم كما لو كانوا في الحرب العالمية الأولى. بينما ما يفعله الأوكرانيون مختلف تماماً، فهو جيش رقمي صغير في الحجم، ولكنه قادر على التفوق على خصمه الضخم".
هكذا تجمع البيانات عن الجيش الروسي
ترتبط شركة Palantir ارتباطاً وثيقاً بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، التي كانت من أوائل المستثمرين بها، وقد افتتحت مكتباً في كييف. وأسهمت الشركة بدور أساسي لدى وزارة الصحة الأوكرانية خلال وباء "كوفيد-19″؛ من خلال برنامج يُدعى Foundry الذي نجح في تحديد الأماكن التي كانت اللقاحات تنفد فيها.
وفي الحرب الروسية، يعتمد برنامج الشركة في أوكرانيا، MetaConstellation، على المعلومات الاستخباراتية المُجمّعة حول مواقع قوات العدو، من خلال الأقمار الصناعية التجارية وأجهزة استشعار الحرارة وطائرات الاستطلاع بدون طيار، بالإضافة إلى الجواسيس الذين يعملون خلف خطوط العدو، والأوكرانيين العاديين الذين يحددون مواقع القوات الروسية على تطبيق E-Enemy في البلاد.
يستخدم البرنامج الذكاء الاصطناعي لتحويل البيانات إلى خريطة تبرز المواقع المحتملة للمدفعية والدبابات والقوات الروسية. ويُمنَح أي جندي أوكراني يستخدم جهازاً لوحياً قائمة بالإحداثيات، ويمكنه بعد ذلك توجيه نيرانه صوب الهدف. و"تتعلم" التكنولوجيا أيضاً من الضربات السابقة؛ مما يعني أنها تتحسن باستمرار في تحديد العتاد وموقعه.
قال الجنرال السير ريتشارد بارونز، الذي كان قائداً بارزاً في القوات البريطانية في العراق وأفغانستان، إنَّ المقرات العسكرية كانت قادرة فقط على تحديد 10 أهداف بحد أقصى يومياً قبل 20 عاماً فقط. لكن الآن، يقول بارونز إنَّ "المقر المكافئ لديه 300 هدف في اليوم، وهو في الواقع أكثر مما يمكنه إطلاق النار عليها".
وأضاف الجنرال بارونز: "حين اندلع الصراع كان معروفاً لأي جنرال من الحرب الأهلية الأمريكية فصاعداً، حيث تتعامل بقوة المدفعية والرشاشات. لكن أوكرانيا قامت بمهمة رائعة في تسخير التكنولوجيا التجارية لتحسين المعدل الذي يمكنك من خلاله الحصول على أهداف على مساحة شديدة الاتساع".
ويتفق معظم الخبراء العسكريين على أنَّ هجمات كييف المضادة الناجحة يمكن تفسيرها من خلال الاستخدام المتفوق للبلاد للمدفعية وقاذفات الصواريخ.
قال فيليبس أوبراين، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز في اسكتلندا، إنَّ "الأسلحة المهيمنة" في الحرب كانت أنظمة مثل قاذفة صواريخ هيمارس الخفيفة -وهي راجمات صواريخ دقيقة التوجيه- ونظام إطلاق الصواريخ المتعددة M270 الذي تبرعت به الدول الغربية.
ومع ذلك، أردف أوبراين أنَّ معظم الأسلحة الممنوحة لأوكرانيا عمرها عقود – بما في ذلك نظام الدفاع الجوي باتريوت الذي وُعِدَت به كييف هذا الأسبوع بعد زيارة الرئيس فولوديمير زيلينسكي لواشنطن.
وعلى الرغم من استخدام الأنظمة التي دخلت الخدمة لأول مرة خلال حرب الخليج، فقد تمكن الأوكرانيون من استعادة أكثر من نصف الأراضي التي استولت عليها روسيا في وقت سابق من الصراع، وأشار الخبراء إلى أنَّ استخدامهم لبرامج Palantir كان مهماً لنجاحهم.
وصرح أليكس كارب، الرئيس التنفيذي لشركة Palantir، لصحيفة The Washington Post الأمريكية هذا الأسبوع: "إنَّ قوة أنظمة الحرب الخوارزمية المتقدمة صارت حالياً كبيرة جداً، لدرجة أنها تعادل امتلاك أسلحة نووية تكتيكية ضد خصم بأسلحة تقليدية فقط. ويميل عامة الناس إلى التقليل من شأنها، لكن لم يعد أعداؤنا يفعلون ذلك".