وجهت السلطات في الولايات المتّحدة، الجمعة 23 ديسمبر/كانون الأول 2022، تحذيرات لأكثر من ثلثي السكّان، من مخاطر عاصفة ثلجية تاريخية، تحمل معها موجة صقيع قطبي تسبّبت حتى الآن في إلغاء آلاف الرحلات الجوية، وقطع طرقات سريعة رئيسية، في وقت تشهد فيه البلاد حركة تنقلات ضخمة قبيل عيد الميلاد.
وفي كندا، تسببت الرياح القوية والأمطار الجليدية والتساقط الكثيف للثلوج في إغلاق المدارس، وقطع الكهرباء عن المنازل، وإلغاء العديد من الرحلات الجوية، بعد اجتياح عاصفة شتوية عاتية جميع أنحاء البلاد؛ ما دفع السلطات الكندية إلى حث المواطنين على البقاء في منازلهم قبل أن تسوء الأحوال الجوية بشكل أكبر.
خبير الأرصاد الجوية ستيف فليسفيدير، بوزارة البيئة الكندية، قال إن من المتوقع أن تؤثر العاصفة على نحو ثلثي المواطنين الكنديين، مع عبورها أكثر منطقتين اكتظاظاً بالسكان في البلاد، وهما أونتاريو وكيبيك، في طريقها إلى المناطق المطلة على الأطلسي. وأضاف "في كل موسم للشتاء نتوقع عواصف (لكن) هذه العاصفة كبيرة".
عاصفة تاريخية في أمريكا
وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن الثلوج الكثيفة والرياح العاتية قلبت مشاريع العطلات لملايين الأشخاص، في فترة تعدّ من الأكثر ازدحاماً في السنة، قبيل عيد الميلاد.
وتجتاح العاصفة القطبية غالبية أراضي الولايات المتّحدة، بما في ذلك الولايات الجنوبية، التي عادةً ما يكون طقسها معتدلاً.
فيما انخفضت الحرارة إلى -40 درجة مئوية في بعض المناطق، وأصدرت السلطات إرشادات وتحذيرات من عاصفة شتوية لنحو 240 مليون شخص، أي نحو 72% من سكان الولايات المتحدة، وفق الأرصاد الجوية الوطنية.
كما جاء في تقرير أصدرته الأرصاد الجوية الوطنية، أنّ التحذير من "مخاطر الطقس الشتوي لا يزال قائماً من الحدود الكندية وصولاً إلى ريو غراندي في الجنوب (النهر الحدودي مع المكسيك)، ساحل الخليج ووسط شبه جزيرة فلوريدا، ويمتد من شمال غرب المحيط الهادئ إلى الساحل الشرقي".
ويبدو أنه من التحذيرات الأوسع نطاقاً التي تصدرها الأرصاد الجوية الأمريكية على الإطلاق، فيما حذّر مرصد انقطاع التيار الكهربائي في الولايات المتحدة، من أن البرد القارس يشكل مصدر قلق داهم لأكثر من مليون مشترك، خصوصاً في جنوب البلاد وشرقها، حيث إن التيار مقطوع منذ صباح الجمعة.
وأحوال الطرق خطرة أيضاً، علماً أنه يتوقّع أن يسلكها مئة مليون شخص، وفق الاتّحاد الأمريكي لنوادي السيارات.
سلطات المواصلات الطرقية في ولايات نورث داكوتا وساوث داكوتا وأوكلاهوما وأيوا وغيرها، أفادت بدورها بأنّ الرؤية شبه معدومة، والجليد يغطي الطرق، محذّرة من تداعيات العاصفة الثلجية، ومناشدةً السكان ملازمة بيوتهم.
وقضى شخصان في حادث سير في أوكلاهوما الخميس، فيما أوردت قناة الأحوال الجوية نقلاً عن وكالة مراقبة الطرق السريعة في كانساس، أن ثلاثة أشخاص قضوا في حوادث سير في الولاية الواقعة في الغرب الأوسط، وقد اعتبرت الأحوال الجوية سبباً في مصرعهم.
فوضى الرحلات الجوية
كما تخطّى عدد الرحلات الجوية التي ألغيت 3520 رحلة، فيما أرجئت 1920 رحلة أخرى، وفق الموقع الإلكتروني للرصد "فلايت أوار"، العديد من هذه الرحلات كانت مجدولة في مطارات دولية كبرى، لا سيما في نيويورك وسياتل وشيكاغو أوهير، وحذّر وزير النقل الأمريكي، بيت بوتجيج، من أن السفر خلال العطلة تأثر بشدة.
فيما قال في تصريح لشبكة "إم إس إن بي سي"، إن الطقس الذي نواجهه بغاية الصعوبة، مشيراً إلى أن نحو 10% من الرحلات التجارية الأمريكية أُلغيت الخميس، وهي خطوة سيكون تأثيرها حادّاً على السفر. وقالت وزارة النقل في ساوث داكوتا إنّ "الطواقم تستخدم كل الموارد المتاحة في الولاية" لتحسين الأوضاع.
مشيرة إلى أن "هناك طرقاً سريعة عدة مصنّفة غير سالكة"، مشيرة إلى أنّ السفر برّاً "مستحيل بسبب كثافة الثلوج وخطر الانزلاقات". وأشار تطبيق "أكيوويذر" إلى أنّ العاصفة يمكن أن تشتد سريعاً وتتحوّل إلى ما يُعرف بـ"الإعصار القنبلة" (بومب سايكلون)، الذي يتكوّن حين ينخفض الضغط الجوي وتصطدم كتل هوائية باردة بأخرى دافئة.
كما ألغت شركة "وست جيت إيرلاينز"، ثاني أكبر شركات الطيران في كندا، استباقياً جميع رحلاتها في مطارات تورونتو وأوتاوا وكيبيك، بسبب سوء الأحوال الجوية. وحذرت أيضاً أكبر شركات الطيران الكندية "أير كندا" من عمليات تأخير وإلغاء.
وذكر موقع فلايت أوير لتتبع الرحلات الجوية، أنه تم إلغاء ما يقرب من 320 رحلة طيران، أو ما يقرب من ثلث جميع رحلات الوصول والمغادرة، التي كانت مقررة الجمعة في مطار بيرسون في تورونتو، وهو أكثر المطارات ازدحاماً في كندا، مع تأخير 200 رحلة أخرى.
تحذير من قضمة الصقيع
وقال ريتش ماليوكو، خبير الأحوال الجوية في الأرصاد الجوية الوطنية في مدينة غلاسكو، في ولاية مونتانا، حيث انخفضت الحرارة إلى -51 درجة مئوية، إنّ هذه الظروف المناخية الشديدة القسوة قد تكون خطيرة. وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس أنّ "الطقس البارد يمكن أن يسبّب مشاكل لأيّ أحد".
كما أشار "مع هذا النوع من الرياح الباردة إن لم ترتد طبقات دافئة يمكن أن يصاب الجلد غير المحمي بقضمة الصقيع في أقل من خمس دقائق".
والطقس بارد إلى حدّ دفع السكان إلى نشر فيديوهات يخوضون فيها "تحدي الماء المغلي"، وهو حين يتم إلقاء الماء المغلي في الهواء ليتجمّد على الفور.
وفي مطار ميسولا في مونتانا، انخفضت الحرارة إلى -27 درجة مئوية، وفق الأرصاد الجوية.
وفي مينيابوليس وسانت بول تخطّت كثافة الثلوج المتساقطة 20 سنتيمتراً خلال 24 ساعة، وفق تقرير محدث للأرصاد الجوية.وشرقاً في بافالو ونيويورك، حذّرت الأرصاد الجوية من "عاصفة تأتي مرة كلّ جيل"، وقد وصلت سرعة الرياح إلى 105 كيلومترات في الساعة، وانخفضت الحرارة إلى ما دون -20 مئوية، مع انقطاع للتيار الكهربائي.