قال مسؤولون في طرابلس، لصحيفة The Guardian البريطانية، إن ليبيا أوقفت فجأة تسليم عبد الله السنوسي، رئيس مخابرات معمر القذافي وصهره، إلى الولايات المتحدة في اللحظات الأخيرة قبل الموعد المتفق عليه للتسليم هذا الأسبوع، خوفاً من الغضب الشعبي بعد تسليم السلطات ضابط مخابرات ليبياً سابقاً هذا الشهر.
السنوسي يوصف بأنه أوثق مساعدي القذافي وأسوؤهم سمعة لدى الولايات المتحدة، إذ تتهمه بالمسؤولية عن مجموعة من التفجيرات التي استهدفت طائرات غربية وأهدافاً أخرى.
فيما تحتجز السلطات الليبية السنوسي حالياً في سجن بطرابلس، وتقول عائلته إنه في حالة صحية سيئة، وقد حُكم عليه عام 2015 بالإعدام ضمن محاكمة جماعية.
أما الولايات المتحدة فتزعم أنها تريد استجوابه بشأن الهجوم الذي أسقط طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة فوق لوكربي باسكتلندا في عام 1988. ويشتبه منذ مدة طويلة في أن السنوسي هو العقل المدبر للعملية التي أسفرت عن مقتل 270 شخصاً.
أعلنت الولايات المتحدة، في وقت سابق من هذا الشهر، أن محمد أبو عقيلة مسعود، المشتبه في مشاركته بتفجير لوكربي، محتجزٌ لديها. وكان مسلحون اقتادوا أبا عقيلة من منزله بطرابلس في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، واحتجزته إحدى الميليشيات أسبوعين، ثم سُلم إلى عملاء الحكومة الأمريكية في مدينة مصراتة الساحلية.
قالت عائلة أبي عقيلة أنه اختُطف وسُلم بطريقة غير قانونية، أما السفارة الأمريكية في ليبيا فقالت، في بيان، يوم الثلاثاء 20 ديسمبر/كانون الأول، إن العملية كانت "قانونية وتم تنفيذها بالتعاون مع السلطات الليبية".
اقرأ أيضاً
غضب في ليبيا
ويشار إلى أن تسليم أبي عقيلة أغضب كثيرين في ليبيا، ووضع حكومة رئيس الوزراء المؤقت عبد الحميد دبيبة تحت ضغوط شديدة، ما أدى إلى إيقاف خطط نقل السنوسي إلى الاحتجاز بالولايات المتحدة.
كانت الخطة المتفق عليها بعد أشهر من المناقشات هي تسليم أبي عقيلة أولاً إلى الولايات المتحدة ثم تسليم السنوسي. إلا أن مسؤولاً ليبياً مطلعاً على القضية قال: "شعر المسؤولون الليبيون بالقلق". وقال مسؤول ثانٍ إنه كان من المقرر تسليم السنوسي نهاية الأسبوع.
ترى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن تسليم السنوسي إلى محكمة أمريكية سيكون إنجازاً مهماً لها في سياق عزمها على متابعة القضايا التي قُتل فيها مواطنون أمريكيون، وإن مضى عليها عقود من الزمن.
قالت المصادر إن مساعي نقل أبي عجيلة والسنوسي إلى الولايات المتحدة بدأت في عهد إدارة دونالد ترامب، لكنها توقفت ثم استؤنفت خلال الأشهر التسعة الماضية في مناقشات بين مسؤولين أمريكيين والحكومة الليبية.
توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق مع حكومة الدبيبة في أغسطس/آب لتسليم أبي عجيلة والسنوسي. وأشار مراقبون إلى أن تفويض الدبيبة برئاسة الحكومة انتهى في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ومن ثم فإن لديه دوافع قوية لكسب تأييد الولايات المتحدة.
لكن لما كان السنوسي يقبع حالياً خلف القضبان، فإن نقله إلى الولايات المتحدة كان سيجري بإجراءات أوضح من الناحية الإدارية عن نقل أبي عجيلة، الذي احتجزته ميليشيا تابعة لقائد متهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، ومن دون مذكرة قضائية. إضافة إلى ذلك، فإن السنوسي شخصية مكروهة على نطاق واسع في ليبيا، ولا يمكن وصفه بأنه كان مجرد تابع ينفذ الأوامر، كما كان يوصف أبو عجيلة. وقد هددت عائلة السنوسي والقبائل التي لا تزال موالية له بإشعال اضطرابات إذا نُقل إلى الولايات المتحدة.
فيما لا يُعرف إذا كان نقل السنوسي إلى الولايات المتحدة قد تأجل إلى أجل غير مسمى، أم لمدة معينة. وقالت عالية الإبراهيمي، الخبيرة في الشؤون الليبية بالمجلس الأطلسي، إن القضية تنطوي على توترات بين مقتضيات القانون والمطالبات بالقصاص.