وافق مجلس النواب المصري، الإثنين 19 ديسمبر/كانون الأول 2022، من حيث المبدأ، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة، بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام هيئة قناة السويس رقم 30 لسنة 1975، وإرجاء التصويت النهائي عليه إلى جلسة لاحقة لعدم توافر النصاب اللازم لتمريره.
يقضي مشروع القانون بإنشاء صندوق جديد لهيئة قناة السويس، بغرض المساهمة بمفرده- أو مع الغير- في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.
فيما سجل بعض أعضاء المجلس رفضهم المشروع المعد من الحكومة في مضبطة الجلسة، ومنهم النائب عن حزب "الوفد الجديد" محمد عبد العليم داود، الذي قال في كلمته: "إنشاء صندوق بهيئة قناة السويس هو بمثابة تفريغ مصر من أموالها، وتحويل المال العام إلى مال خاص. وهذا المشروع يمثل خطراً داهماً على الدولة المصرية".
أضاف داود: "مشروع القانون المعروض على مجلس النواب يشبه مشروع طرح أهرامات الجيزة للبيع في سبعينيات القرن الماضي، والذي تصدت له النائبة نعمات أحمد فؤاد تحت قبة البرلمان". وتابع: "هذه قناة السويس المملوكة للشعب المصري، والتي حفرها بدمه، وليست شركة من شركات القطاع العام التي تُباع بأبخس الأثمان!".
انتقادات على مواقع التواصل
على مواقع التواصل الاجتماعي دق نشطاء ومسؤولون سابقون ناقوس الخطر بشأن مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس النواب المصري، واعتبروا أن قناة السويس "خط أحمر"، لا يمكن تفويتها إلى القطاع الخاص بأي شكل من الأشكال.
حيث وصف وزير الإعلام المصري السابق، أسامة هيكل، مشروع القانون بـ"الأمر الخطير للغاية ويحتاج إلى مراجعة فورية"، على حد تعبير المسؤول المصري السابق.
كما أضاف في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك: "قناة السويس مرفق استراتيجي لا يجوز التفريط فيه جزئياً ولا كلياً ولا حتى التفكير في الأمر، وليست مجرد أصل من أصول الدولة، ولا يمكن السماح بالبيع أو الشراء فيه لأى سبب من الأسباب".
بينما قال الإعلامي المصري، أحمد عطوان، في تغريدة على تويتر: "نام المصريون يوم الأحد 18 ديسمبر وقناة السويس مصرية وأصبحوا يوم الإثنين 19 ديسمبر ليعلموا بتعديل القانون تمهيداً لبيعها لتلحق بجزيرة تيران وصنافير ونهر النيل ورفح والشيخ زويد والوراق وغاز المتوسط، وسيمارسون حياتهم يوم الثلاثاء 20 ديسمبر غير مدركين ما معنى: إنشاء صندوق هيئة قناة السويس".
انتقاد سياسة "الصناديق الخاصة"
بينما قال النائب عن حزب "التجمع" عاطف مغاوري: "أربأ بهيئة القناة أن تلحق بمغارة علي بابا، المسماة بالصناديق الخاصة. ومشروع القانون المطروح هو تشوه تشريعي، لأن قناة السويس ليست مرفقاً عادياً للدولة، وإنما هي تجسيد لإرادة الشعب المصري".
بدوره، أعلن ممثل حزب "المصري الديمقراطي" إيهاب منصور، رفض الحزب مشروع القانون، قائلاً: "عدم وحدة الموازنة أحد العيوب الأساسية للسياسة المالية العامة للدولة، ومصر تعاني من زيادة عدد الصناديق والحسابات الخاصة، التي وصل عددها إلى 7 آلاف صندوق، وكان فائضها العام الماضي وحده نحو 36 مليار جنيه، لم يستقطع منها سوى 3 مليارات جنيه لدعم الموازنة".
كما طالب منصور الحكومة بـ"إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وبحث سبل زيادة معدل النمو الذي بلغ 5.5%، في حين أن معدل زيادة الديون وصل إلى 12%، أي ما يعادل ضعف معدل النمو"، مستطرداً: "الحكومة تقترض الآن لسداد الديون، وليس للإنتاج والتشغيل، وهذا أمر خطير على الاقتصاد المصري".
الصندوق "لن يبيع قناة السويس"
بينما عقب وزير شؤون المجالس النيابية، علاء الدين فؤاد، بقوله: "الصندوق المزمع إنشاؤه بموجب القانون لن يبيع القناة، وإنما يهدف إلى تحقيق التنمية، وتعظيم الاستفادة من إيرادات الهيئة عن طريق استثمارها بصورة أفضل".
كما ادعى أن "الصندوق يهدف إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق قناة السويس، وتطويره عن طريق الاستغلال الأمثل لأمواله، ومجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أية ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو سوء في الأحوال الاقتصادية".
يحق للصندوق الجديد في سبيل تحقيق أهدافه أداء جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، ويقدر رأس ماله المرخص به بمئة مليار جنيه مصري (نحو 4 مليارات دولار)، ورأس مال مصدر ومدفوع يبلغ عشرة مليارات جنيه تسدد من هيئة قناة السويس.
كما يجوز زيادة رأس مال الصندوق نقداً أو عيناً بموافقة الجمعية العمومية له، ووفقاً للضوابط والإجراءات الواردة بالنظام الأساسي للصندوق، بحسب مشروع القانون.
ارتفاع إيرادات قناة السويس
توقع رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، أن ترتفع إيرادات قناة السويس إلى 8 مليارات دولار في العام المالي 2022/ 2023. وتبدأ السنة المالية في مصر في أول يوليو/تموز من كل عام، وتنتهي في 30 يونيو/حزيران من العام التالي.
بينما حققت قناة السويس إيرادات قدرها 7 مليارات دولار خلال العام المالي 2021/ 2022، بزيادة قدرها 21% عن العام المالي الأسبق.
إذ قال ربيع في بيان، الإثنين، إن الهيئة حققت طفرات في 2022 بعبور أكثر من 23 ألف سفينة، بنسبة زيادة 15%، مقارنة بـ21 ألفاً و700 سفينة العام الماضي.
كما كشف رئيس هيئة قناة السويس، عن قدرة القناة على مواجهة الأزمات التي كادت أن تعصف بها، ومن بينها أزمة فيروس كورونا في 2020، والتي تسببت في توقف الملاحة بعدد كبير من الموانئ العالمية.
تحدث أيضاً عن أزمة جنوح السفينة "إيفر جيفين"، والتي نجحت قناة السويس في تسييرها خلال 6 أيام، وسط توقعات عالمية بعدم القدرة على الإنقاذ لمدة لا تقل عن 8 اشهر.
افتتحت مصر "قناة السويس الجديدة"، التي تكلفت 8 مليارات دولار، في أغسطس/آب 2015، في إطار خطط لإنعاش اقتصاد البلاد واستعادة مكانة مصر كمركز مهم لحركة التجارة.
كما أن قناة السويس، التي تعتبر من أهم القنوات والمضائق حول العالم، هي أقصر طرق الشحن بين أوروبا وآسيا، وتعد من المصادر الرئيسية للعملة الصعبة لمصر.