زاد نظام بشار الأسد خلال العام 2022 وبشكل كبير، من استيراد القمح من شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا، وذلك من خلال استخدام أسطول من سفن البلدين لتجنب العقوبات الأمريكية، ما يعد مؤشراً على أن العلاقات الاقتصادية بين سوريا وروسيا المنبوذتين من الغرب ازدادت قوة، فيما تثير القضية اعتراضاً من أوكرانيا.
كميات القمح المرسلة إلى سوريا من ميناء سيفاستوبول المطل على البحر الأسود في القرم ازدادت 17 مثلاً خلال العام 2022، مسجلة ما يزيد قليلاً على 500 ألف طن، وفقاً لبيانات للشحن من منصة "رفينيتيف" لم يتم الكشف عنها من قبل، ليشكل ذلك ما يقارب ثلث واردات سوريا الإجمالية من القمح.
تُظهر البيانات أن روسيا ونظام الأسد اعتمدا بشكل متزايد على سفنهما الخاصة لنقل القمح، من بينها ثلاث سفن سورية مشمولة في العقوبات التي فرضتها واشنطن، وذلك في ظل عقوبات مفروضة على البلدين صعبت التجارة عبر طرق النقل البحرية المعتادة والحصول على تأمين ملاحي.
كانت روسيا قد ضمت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في حرب اندلعت عام 2014، وترفض أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون الخطوة الروسية، وتعتبر كييف القرم منطقة محتلة من قبل موسكو.
بعدما هاجمت روسيا أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، توقف تصدير الحبوب فترة من الزمن، قبل أن تتفق كييف وموسكو على أن بعض الحبوب تم تصديرها من منطقة زابوريجيا الأوكرانية المحتلة عبر القرم، وتقول أوكرانيا إن تلك الحبوب تعرضت للسرقة من المحتلين وهو اتهام تنفيه روسيا.
تقول أوكرانيا إن جزءاً من كميات الحبوب على الأقل التي مرت عبر سيفاستوبول سلب من مناطق أوكرانية بعد الهجوم الروسي، وتقدر السفارة الأوكرانية في بيروت، والتي تقوم بتتبع ورصد الشحنات القادمة إلى سوريا، أن 500 ألف طن مما تصفه بالقمح الأوكراني المنهوب وصلت إلى سوريا منذ الحرب على أوكرانيا انطلاقاً من عدة موانئ.
السفارة قالت إن "تلك الحسابات وما تقوله السلطات الأوكرانية عن سرقة الحبوب، تعتمد على معلومات من ملاك لحقول وصوامع في المناطق المحتلة وعلى بيانات من أقمار صناعية تظهر تنقلات شاحنات للموانئ وأيضاَ بيانات تتبع السفن".
كان المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، قد قال في مايو/أيار 2022، إن ما يتردد عن سرقة روسيا للقمح والحبوب "مزاعم زائفة".
وفي يونيو/حزيران 2022، قال يفجيني باليتسكي الحاكم الذي عينته روسيا للمنطقة التي تسيطر عليها روسيا في زابوريجيا، إن موانئ القرم استخدمت لتصدير حبوب من المنطقة.
إضافة إلى ذلك، قالت الإدارة التي عينتها روسيا في شبه جزيرة القرم في تعليقات على وسائل للتواصل الاجتماعي في أغسطس/آب 2022، إن 1.4 مليون طن من القمح تم حصادها من حقول القرم نفسها.
من جهتها، تعارض أوكرانيا تلك الأرقام وتقول إن القرم لا تنتج تلك الكميات، وقالت وزارة الزراعة الأوكرانية في بيان رداً على أسئلة من وكالة رويترز، إن "ما يسمى حصاد القرم يشمل الحبوب المُصدرة من أراضي البر الرئيسي لأوكرانيا".
كانت سوريا قد استوردت، قبل الحرب الحالية بأوكرانيا، الحبوب من القرم عدة مرات، منذ سيطرة روسيا على شبه الجزيرة.
تُشير بيانات "رفينيتيف" إلى أن نظام الأسد استورد نحو 501800 طن من القمح من سيفاستوبول هذا العام، حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ارتفاعاً من نحو 28200 طن في عام 2021 بأكمله.
تم استلام الشحنات اعتباراً من مايو/أيار 2022 فصاعداً، وكانت أكبر شحنة شهرية تبلغ 78600 طن في أكتوبر/تشرين الأول 2022 وفقاً للبيانات، التي تم تجميعها من تقارير فحص الموانئ المقدمة من مشغلي الموانئ.