اتهم طبيب أعصاب بريطاني بارز وزارةَ الخارجية في بريطانيا باقتراف "معاملة وحشية" لامرأة بريطانية، بعد أن امتنعت عن إجلائها ونقلها للعلاج، رغم أن المرض قد اشتد عليها في معسكر احتجازها بشمال شرق سوريا، وقال إن المريضة ستموت إذا لم تتلقّ العلاج اللازم.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الأحد، 4 ديسمبر/كانون الأول 2022، فإن المرأة المذكورة والتي نُزعت عنها الجنسية البريطانية، في أوائل الأربعينيات من عمرها ويُشار إليها باسم "ليلى"، وهو اسم مستعار يُستخدم لعدم الكشف عن هويتها.
أمضت ليلى نحو 4 سنوات في مخيمات الاعتقال التي يسيطر عليها الأكراد، ومعها ابنها، البالغ من العمر الآن 5 أعوام. وهي واحدة من نحو 60 امرأة بريطانية ممن يطلَق عليهن "عرائس داعش"، اللاتي تقطعت السبل بهن وأطفالهن منذ هزيمة تنظيم الدولة (داعش).
معتقلون في أحوال "شديدة البؤس"
حسب الصحيفة البريطانية، فإن ليلى تُحتجز مع أكثر من 60 ألف معتقل في أحوال شديدة البؤس، بمعسكرين يصفهما بعض المراقبين في كثير من الأحيان بأنهما "غوانتانامو في الصحراء".
كانت الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية أعادت مواطنيها للمحاكمة في أرض الوطن، خشية تعرّضهم لظروف غير إنسانية وخوفاً من تطرف الأطفال على يد محتجزي داعش في المخيمات.
لكن الحكومة البريطانية، على النقيض من ذلك، جرَّدت غالبية نساء داعش، مثل ليلى، من جنسيتهن. وتلقت ليلى تعليماً جامعياً وشغلت منصباً بارزاً في الخدمة المدنية ببريطانيا، قبل أن تذهب مع زوجها إلى سوريا.
لكنها مصابة الآن بالصرع، وتعاني شللاً في جانبها الأيمن بعد إصابتها بسكتة دماغية يُعتقد أنها ناجمة عن اختراق شظية لرقبتها أثناء غارة جوية على مدينة الرقة التي كانت فيها مع زوجها.
أجرى الدكتور ديفيد نيكول، استشاري طب الأعصاب بهيئة الخدمات الصحية في بريطانيا، فحصاً لليلى عبر تطبيق Zoom للتواصل في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وأرسل تقريره الطبي إلى وزارة الخارجية، وحث فيه على إعادتها إلى بريطانيا للدواعي الإنسانية، لكنه لم يتلقّ أي رد.
ثم فحصها مرة أخرى الشهر الماضي، وتبين له أن حالتها الصحية قد تدهورت تدهوراً كبيراً، فراسل وزارة الخارجية، لكنه لم يتلقّ رداً هذه المرة أيضاً.
مريضة معرّضة للموت
في معرض الحديث عن حالة ليلى الصحية، قال الدكتور نيكول "إنها مريضة ومعرَّضة للموت، ويتعين إخراجها من هناك وإعادتها على الفور"، إن تركها هناك "أمر بعيد كل البعد عن الإنسانية".
لا يقتصر الأمر على عدم تلقي ليلى أي دواء لعلاج الصرع، بل زاد على ذلك أن الأشعة السينية أظهرت أن الشظية قد تحركت من موضعها واقتربت من الشريان الأورطى، ومن ثم فقد باتت معرضة لخطر الإصابة بسكتة دماغية أخرى.
كتب الدكتور نيكول في تقريره: "لقد عانت إصابات في جهازها العصبي، وتعرضت لسكتة دماغية في عام 2019″، وتواجه "مصاعب في الإدراك، وإيجاد الكلمات، والقراءة، والتذكر، والحساب"، وهي "لا تتحدث العربية، فيصعب عليها استيعاب التوصيات الطبية التي تتلقاها"، و"من المزعج أن التقرير السابق لم يُتخذ أي إجراء بشأنه، وأن طلب نقلها العاجل لم يُفصل فيه".
ساءت حالة ليلى في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، وتعرضت لنوبتي صرع. ومن ثم، أرسلت مايا فوا، المديرة التنفيذية لمنظمة "ريبريف" الحقوقية، رسالةً إلى جيمس كليفرلي، وزير الخارجية البريطانية، تحثه فيها على إصدار قرار بالإجلاء الطبي العاجل لليلى.
حيث كتبت أن "حالتها أصبحت حرجة، وأخبرها طبيب محلي أنها ستموت إن لم تخضع لجراحة عاجلة. إنها بحاجة إلى مساعدة طبية فورية لا يمكن تقديمها في شمال شرق سوريا".
لم ترد وزارة الخارجية على 4 رسائل سابقة أرسلتها إليها منظمة ريبريف بشأن قضية ليلى. وقال متحدث باسم الوزارة لصحيفة The Sunday Times: "اتخاذ الإجراءات المتعلقة بالجنسية والإعادة إلى الوطن هي قرارات من اختصاص وزارة الداخلية".
بينما قال المتحدث باسم الخارجية: "نحن ندرك أن هذه المعسكرات سيئة والأوضاع هناك مروّعة، لكن وزارة الداخلية اتخذت قراراً عاماً بشأن [التجريد من] الجنسية. وقد استجبنا للدواعي الإنسانية في بعض الحالات، وأعدنا بعض الأطفال إلى وطنهم".