كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الأربعاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في تحقيق صحفي، عن شبكة دولية ممتدة، يقودها القائد السابق لوحدة الاستخبارات الإسرائيلية بتال ديليان، تقوم بشراء تقنيات متطورة جداً، تهدف لإجراء عمليات تجسس، ولها مراكز في الاتحاد الأوروبي واليونان وقبرص على وجه التحديد.
إحدى العمليات التي رصدها التحقيق تركزت بالسودان، فقد تم رصد وصول طائرة قادمة من قبرص تتبع لشركة ديليان، إلى مطار الخرطوم في مايو/أيار الماضي، وقامت بالتوقف لمدة 45 دقيقة فقط.
ما هي الحمولة التي كانت تقلها الطائرة؟
خلال تلك الفترة، جاءت سيارتا دفع رباعي بنوافذ مظلمة، تابعة لقوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والذي تصفه الصحيفة بأنه "أثرى رجل في السودان، وصاحب جيش خاص" وتسلمت حمولة الطائرة، وغادرت.
وفقاً لثلاثة مصادر مستقلة نقلت عنها الصحيفة الإسرائيلية، كانت الشحنة التي تم تسليمها لقوات الدعم السريع السودانية، عبارة عن تقنية مراقبة متطورة، مصنوعة في الاتحاد الأوروبي، لها القدرة على تغيير ميزان القوى في السودان، بفضل قدرتها على تحويل الهاتف الذكي إلى أداة تجسّس على حامله.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجهاز الذي تم تسلّمه، قامت قوات الدعم السريع بتهريبه إلى دارفور معقل قوات الدعم السريع خشية من السيطرة عليها من داخل الجيش في الخرطوم.
يذكر أن السودان، أكبر دولة في إفريقيا قبل الحرب الأهلية والتقسيم، يمر بمرحلة انتقالية هشة، وأسفرت موجات الاحتجاجات الشعبية في الخرطوم عام 2019 عن مجلس مدني يتقاسم السلطة بشكل غير مريح مع الجيش.
نظرياً يحتل حميدتي المرتبة الثانية في القيادة بعد الفريق عبد الفتاح البرهان، القائد العام للقوات المسلحة السودانية. وفي الواقع، كما يتنافس زعيم الميليشيا من أجل السيطرة الكاملة على البلاد. يقود صناعة الذهب في السودان، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
وتتابع الصحيفة: "أقام حمدتي علاقات مع مجموعة فاغنر المرتزقة الروسية. كما التقى بالمخابرات الإسرائيلية مرتين منذ يونيو/حزيران 2021، واستخدم طائرة خاصة تابعة للموساد، وفي العام الماضي وحده ، تورط مقاتلو قوات الدعم السريع في عمليات الاختفاء القسري للمتظاهرين في الخرطوم وإطلاق النار العشوائي على المدنيين، بينهم أطفال".
شبكة من الشركات تنتشر في أوروبا
يكشف هبوط الطائرة في الخرطوم في مايو/أيار الماضي، وفق الصحيفة، عن صلات بين حميدتي، وجيشه، وبين مجموعة سريّة بالغة التأثير في اليونان، إضافة لشبكة شركات تمتد من قبرص إلى جزر العذراء البريطانية وأيرلندا، كما كشفت الصحيفة عن أزمة الأمان الرقمي في الاتحاد الأوروبي وتوفّر هذا النوع من الأسلحة بسهولة.
تمكّن التحقيق، الذي شاركت فيه وسائل إعلام في اليونان أيضاً، عن حجم انتشار الشركة، وتشمل إندونيسيا، الإمارات، إسرائيل، اليونان، مقدونيا الشمالية، المجر، فرنسا، إيرلندا، جزر العذراء.
أما أبرز خدمات التجسس التي توفّرها، فتشمل اختراق أجهزة أندرويد وios، واختراق البنية التحتية للشبكات، إضافة لعمليات تجسس بصرية ومصادر مفتوحة، كما تتمكن من التجسس على الهواتف عبر تتعب WiFi، إضافة للتعقب الجغرافي عبر الهاتف واعتراض الاتصالات عبر الشبكة الهاتفية (GSM).
أمّا الفرق بين هذه الشركة وشركة NSO التي باعت تطبيق "بيغاسوس"، وأثارت أزمة دولية، بحسب مصدر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للصحيفة، هو أنّ "NSO عملت وفق القانون الإسرائيلي وأحياناً بتكليف من دولة إسرائيل، أما هذه الشركة فتبدو خاصة".