“حراس الليل” يعودون لشوارع بيروت بسبب غياب الأمن! مشاهد تعيد للأذهان فترة الحرب الأهلية

عربي بوست
تم النشر: 2022/11/27 الساعة 12:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/27 الساعة 12:35 بتوقيت غرينتش
يقوم أفراد يحملون هراوات ومشاعل بتولي مهمة الأمن بأنفسهم/ رويترز

في ظلام شوارع بيروت الدامس، يقوم أفراد يحملون هراوات ومشاعل بتولي مهمة الأمن بأنفسهم، في مبادرة يأملون أن تحافظ على أحيائهم آمنة، إلا أن معارضيها يرون أنها تعيد بشكل مقلق للأذهان صوراً من ماضي لبنان المضطرب، وفق ما ذكرته رويترز، الأحد، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

تمثل دوريات الحراسة الليلية، التي بدأت في الظهور هذا الشهر في بعض أفضل شوارع بيروت، أحدث مظاهر الأزمة التي يعيشها لبنان منذ انهيار اقتصاده عام 2019، والتي تسببت في إصابة معظم قطاعاته بحالة من الشلل، وقادت لارتفاع هائل في معدلات الفقر، فيما شكّل أسوأ صدمة منذ الحرب الأهلية التي دارت في الفترة من 1975 إلى 1990.

بالنسبة لمؤيدي الفكرة التي أطلقها السياسي المسيحي نديم الجميّل، وتنظمها جمعية (الأشرفية 2020) الاجتماعية التي سبق أن أسسها، يوفر انتشار هؤلاء الأفراد في حي الأشرفية بالمدينة الطمأنينة للسكان الذين يخشون وقوع جرائم.

صور تعيد للأذهان فترة "الحرب الأهلية"

أما معارضوها فيرون أن ظهورهم يستدعي مقارنات مع الحرب الأهلية، عندما انهارت الدولة وسيطرت ميليشيات على الشوارع، وانقسمت بيروت إلى مناطق منعزلة (كانتونات). وعبر رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت عن قلقه من أن يدفع هذا آخرين لأن يحذوا حذوهم.

فيما قوبلت الانتقادات برفض من الجميّل، النائب عن حزب الكتائب، الذي قاد والده بشير الميليشيا المسيحية الرئيسية في الحرب الأهلية حتى اغتياله عام 1982 بعد انتخابه رئيساً.

كما قال: "مانا ميليشيا، نحن اليوم مانا مسلحين ولا عندنا صواريخ ولا عندنا مسيرات ولا عندنا كل العتاد اللي بيحكوا عنه"، في إشارة إلى جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران، وامتلاكها الكثير من الأسلحة.

تابع بعد أن وصف الدولة بأنها "غائبة"، قائلاً "المشكلة الكبيرة اللي اليوم عم بنعاني منها ببيروت وبكل لبنان أن ما في كهربا، ما في أمن، ما في إحساس بالاطمئنان، وشوارع كلها مطفية".

أضاف "لو هما قاموا بالواجب تبعهن وضووا الشوارع ما كنا مضطرين نحنا نضوي الشوارع، لو هما كانوا موجودين وما خلوا البلد ينهار ما كنا نحن مضطرين نيجي نقف في الشوارع ونطمن أهالينا".

بينما أشار إلى أن المبادرة، التي تضم حالياً 98 فرداً، انطلقت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، وتهدف إلى مساندة عملها، مضيفاً أن قوات الأمن تعاني من نقص في عدد أفرادها بسبب الأزمة.

معاناة الأجهزة الأمنية

تعرّضت الأجهزة الأمنية اللبنانية، شأنها شأن باقي مناحي الدولة، لضربة شديدة بسبب انهيار قيمة العملة بنسبة 95%، الأمر الذي قلص قيمة الأجور التي يتقاضاها الجنود وأفراد الشرطة. وتقدم الولايات المتحدة مساعدات للأجهزة الأمنية تتضمن دعماً للرواتب.

فقد أدت الأزمة إلى ارتفاع حاد في الجرائم بلبنان، بما في ذلك السطو المسلح وسرقة السيارات، وخطف حقائب اليد، وسرقة كابلات الإنترنت والهواتف.

يقول قائد الجيش، العماد جوزاف عون، إن الجيش، العمود الفقري لحفظ السلم الأهلي في لبنان، قادر على حفظ النظام. وأضاف "الوضع الأمني ممسوك، وحماية لبنان مسؤوليتنا. لم نقبل سابقاً أي مساس بالأمن والاستقرار، ولن نقبل به اليوم".

مخاوف من تأجيج الصراع في لبنان

قال رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت، جمال عيتاني، إنه علم بالمبادرة من الأخبار، وعبر عن قلقه من أن تؤدي إلى توتر. 

كما أضاف: "نحنا تفاجأنا.. سمعنا بالإعلام… خوفي إنه ها المبادرة.. تتطور ويصير -لا سمح الله- أحداث بين حزب وحزب… يكبشوا (يقبضوا على) حرامي من حزب أو يتدخلوا الناس بسلاح، ساعتها بتفلت الأمور من إيدون، وبتفلت الأمور بمنطقة بيروت".

تابع المسؤول اللبناني قائلاً: "وتخوفي التاني أن مناطق تانية تيجي تطالب بنفس الشي، وساعتها كل منطقة بدوا يصير عندها مجموعة لإلها عم بتدير الأمن بالمنطقة".

فيما جرى نزع سلاح الطوائف اللبنانية في نهاية الحرب، باستثناء حزب الله، الذي احتفظ بترسانته لمحاربة إسرائيل. ونفوذ الجماعة المتغلغل لا يغيب عن المشهد ولا يزال التوتر أمراً شائعاً في البلد المليء بالسلاح. ودارت اشتباكات دامية بين فرقاء في بيروت العام الماضي.

تمويل حراس الأمن

قال مهند الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط إن المبادرة نموذج واضح لتنظيم الأمن محلياً تحت مظلة سياسية، مشيراً إلى أن هذا الاتجاه سبق أن ظهر في وقت سابق من الأزمة، ويتكشف مستتراً في مجالات أخرى. 

كما تابع أن الأمن، مثله مثل الكهرباء، سيتحول بشكل متزايد لأمر يتمتع به فقط من يستطيعون تحمل تكلفته.

يقول الجميّل إن التمويل يأتي من مانحين محليين، فيما تقوم شركة أمنية بتولي التنظيم اللوجستي. ويحصل الأفراد المشاركون على 200 دولار شهرياً مقابل وردية عمل من 6 ساعات، وهو دخل يحتاج إليه كثيرون، وتوقع أن تتوسع الفكرة.

السياسي المسيحي نديم الجميّل/ رويترز
السياسي المسيحي نديم الجميّل/ رويترز

فيما رحّب صاحب متجر يُدعى جورج سماحة (51 عاماً) بالفكرة، وقال "أكيد وقت ما سمعنا بالخبر صار فيه اطمئنان زيادة، لأنه ما فيه شي مضمون بقى بالأوضاع السيئة اللي عم بنعيشها لذلك مع ها الفكرة… وإن شالله ما يصير في شي".

إلا أن النائبة بولا يعقوبيان وصفت الأمر بأنه قصر نظر، وتساءلت إن كانت البلاد قد عادت لزمن الميليشيات. وأضافت أن البلد يتفكك ويتداعى وأن هذا من الأمور التي ستسهم في انهياره.

علامات:
تحميل المزيد