مع انطلاق مونديال قطر "فيفا 2022″، لا يخفي الإسرائيليون استياءهم من الإحراج الذي تعرض له مراسلو قنوات التلفزة الإسرائيلية، حينما حاولوا الحديث مع المشجعين العرب في المونديال.
مواقف مشرفة سُجلت من مشجعين قطريين وسعوديين ولبنانيين وغيرهم من البلدان العربية، عندما رفضوا الحديث مع القنوات الإسرائيلية، بل إنهم أنكروا وجود إسرائيل.
واختارت الجماهير العربية التي التقت بوسائل إعلام إسرائيلية الهتاف لفلسطين ورفع علمها في تحدٍّ صارخ يعكس فشل السياسات الإسرائيلية في محاولة اختراق الساحة العربية، وتطبيع علاقاتها مع شعوب المنطقة.
بعثات إعلامية إسرائيلية مُختارة بعناية
صحيح أن المنتخب الإسرائيلي لا يُشارك في المونديال، ولكن الحضور الإسرائيلي لم يغب عن هذه البطولة، التي تقام للمرة الأولى في الشرق الأوسط، حيث جيشت إسرائيل أدواتها وأذرعها المختلفة، في محاولة لاستثمار هذا الحدث الكروي العالمي لأهداف سياسية، لعل أبرزها محاولة استقطاب الجمهور العربي في المونديال.
تغطي وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة فعاليات المونديال من الأراضي القطرية، بأكثر من 10 بعثات إعلامية تابعة لقنوات التلفزة الإسرائيلية، بما فيها هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان 11″ و"مكان" الناطقة بالعربية، الممولتان من ميزانية الدولة.
كما يوجد في دولة قطر كل من قنوات التلفزة "12" و"13″ الإسرائيليتين، ومراسلي مواقع يديعوت أحرونوت وجلوبس وغيرهما.
ولا يقتصر الهدف الإسرائيلي من إرسال وفودها الإعلامية على نقل وقائع المونديال فحسب، بل ما تسعى إليه يتجاوز هذا الأمر بكثير، والمتمثل في محاولة اختراق جمهور الشرق الأوسط والمشجعين العرب بشكل خاص في هذا المونديال.
وتسعى إسرائيل، عبر إعلامها، جمع آراء المشجعين العرب الموجودين في إسرائيل بعد مرور عامين على توقيع اتفاقيات التطبيع بين دولة الاحتلال والإمارات والبحرين والمغرب.
اختارت إسرائيل بعناية نمط وطبيعة المراسلين الذين توجّهوا لقطر لمخاطبة الجمهور العربي هناك، حيث يمكن ملاحظة أن غالبية هؤلاء المراسلين يجيدون التحدث باللغة العربية بطلاقة.
وأغلب المراسلين الذين سافروا إلى قطر غطوا لسنوات تقارير من داخل المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، وزاروا البلدان العربية التي طبّعت مع إسرائيل مؤخراً كالإمارات والبحرين والمغرب، وبالتالي هم على دراية تامة بالثقافة العربية.
لا ترحيب قطري رسمي بالإسرائيليين!
سلط تقرير لموقع يديعوت أحرونوت بأن مراسلها، راز شيشنيك، والوفد الإعلامي المرافق له تعرّضوا للاستجواب والتحقيق من قبل السلطات القطرية، حينما وصلوا مطار الدوحة ضمن البعثة الإعلامية الإسرائيلية لتغطية المونديال.
يُفيد المراسل الإسرائيلي بأن تعامل السلطات القطرية معنا كان حاداً بدرجة كبيرة، حيث قاموا باستجوابنا لساعات، وقاموا بتفتيش الكاميرات التي كانت بحوزتنا أكثر من مرة، حتى أن المراسلين أُصيبوا بالتعب والإرهاق بعد ساعات من نمط هذا الاستجواب.
ويصف التقرير بأن رد السلطات القطرية لم يكن دافئاً مع المراسلين الإسرائيليين؛ إذ كانت نبرة رجال الأمن عالية، ولعل هذه تسجل كسابقة في تعرض الإسرائيليين لهذا الشكل من المضايقات أثناء تغطيتهم للمونديال.
حملة إسرائيلية شرسة ضد قطر
لم يرق للإسرائيليين أن تحظى قطر بفرصة تنظيم المونديال، فتركزت نقاشات الإسرائيليين في استوديوهات التلفزة والمواقع الإخبارية المختلفة على إثارة قضايا جانبية في هذا المونديال، هدفها تشويه الدولة القطرية، من خلال الحديث باستفاضة وإسهاب كبيرين في ملفات حقوق العمال، والتضييق الذي مارسته السلطات القطرية على حرية الشواذ، وحظر شرب الكحوليات وغيرها.
إلا أن ما يمكن ملاحظته أن الموقف الإسرائيلي من الهجوم على قطر، كان نابعاً من ردة فعل الإسرائيليين على تجاهل الدولة القطرية لدولة الاحتلال، حيث قامت اللجنة المنظمة للمونديال باستبدال اسم إسرائيل على موقع بيع التذاكر في الشرق الأوسط باسم الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يفيد موقع يديعوت أحرونوت بأن قرار السلطات القطرية أثار استياء الإسرائيليين، لأن السلطات القطرية حظرت السفر للإسرائيليين عبر الخطوط الجوية الإسرائيلية، ما دفع المشجعين الإسرائيليين للسفر إلى قبرص، ثم إلى الدوحة لحضور المونديال.
وتفيد تقديرات إسرائيلية أن ما بين 10-12 ألف إسرائيلي سيحضرون المونديال، إلا أن الانطباع الذي يمكن قراءته عبر منصات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية المختلفة، يُظهر أن الإسرائيليين أتوا إلى قطر وهم منبوذون وغير مرحَّب بهم.
وقد فرضت سلطات الاحتلال عدة قيود على المشجعين الإسرائيليين، الذين يرغبون في حضور المونديال، من بينها تجنب الاحتكاك مع المشجعين العرب، وعدم التحدث بالعبرية أو رفع العلم والجواز الإسرائيلي أمام الجمهور.
تعكس هذه القيود حالة من القلق لدى الأوساط الإسرائيلية، من فشل سياسات التطبيع التي كانت تهدف لوضع إسرائيل في مكانة الدول الصديقة والمرحب بها، متناسية إرثها الاستعماري في فلسطين المحتلة.