تواجه إيطاليا عدداً متنامياً من قوارب الصيد التي تحمل مهاجرين مصريين قادمين من شرق ليبيا، حيث يعمد مهربو البشر إلى تعبئة قوارب الصيد بحوالي 600 مصري، في خلجان مخفية بالقرب من مدينة طبرق الليبية، ويوجهونها نحو الأراضي الإيطالية التي تواجه سلطاتها تحدياً للحد من أعداد المهاجرين.
كانت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، التي اُنتخبت في سبتمبر/أيلول الماضي 2022، قد بدأت حرباً على سفن الإنقاذ الخيرية التي تنتشل المهاجرين من القوارب بعد مغادرتها الشواطئ بالقرب من طرابلس في غرب ليبيا.
لكن المسؤولين الإيطاليين يواجهون الآن زيادة بعدد المهاجرين القادمين لأراضيهم؛ إذ تتجه القوارب مباشرة إلى بلادهم من الطرف الآخر لليبيا، بالقرب من الحدود المصرية، وتضطر السلطات إلى التدخل لمنع حدوث مأساة، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
خلال إحدى عمليات الإنقاذ التي نفذتها الحكومة الإيطالية في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2022، انتشلت 1157 مهاجراً من قاربي صيد أبحرا من طبرق في الوقت نفسه.
موريس ستيرل، العامل في منظمة "ألارم فون" التي تستقبل مكالمات الاستغاثة من قوارب المهاجرين، قال إن "انطلاق القوارب الكبيرة من شرق ليبيا يتزايد، خصوصاً منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول".
أشارت المنظمة إلى أن 8 قوارب صيد على الأقل، تلقت منها اتصالات استغاثة، توجهت إلى إيطاليا من طبرق في شرق ليبيا بين نهاية أكتوبر/تشرين الأول والأسبوع الماضي، وعلى متنها نحو 2800 مهاجر.
اُعترض قارب آخر قادم من طبرق، يوم الأحد 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وعلى متنه أكثر من 500 شخص، حسبما أفاد الصحفي في راديو "راديكال"، سيرجيو سكاندورو، يوم الإثنين 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
بحسب الصحيفة البريطانية، وصل أيضاً ما لا يقل عن 9 قوارب في أقل من شهر من طبرق مقارنة بـ7 قوارب تحمل 1000 مهاجر في الأشهر العشرة بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 2022.
لم تنشر الحكومة الإيطالية بيانات عام 2022 عن الأماكن التي يبحر منها المهاجرون، لكن أحد عمال الإغاثة، رفض ذكر اسمه، قال لصحيفة The Times إن عمليات الإبحار الأخيرة من شرق ليبيا تضيف إلى حوالي 6000 مهاجر أبحروا من المنطقة في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام.
يُعد هذا نزراً يسيراً من إجمالي حوالي 40 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا من ليبيا خلال تلك الفترة، وغالبيتهم انطلقوا من مناطق قريبة من طرابلس، لكن الزيادة في المهاجرين القادمين من الشرق تطرح أسئلة حيوية عن الأسباب التي تدفع المهاجرين إلى الرحيل من هناك.
عمال الإغاثة قدموا إحدى الإجابات المحتملة، وقالوا إن القيود التي فرضتها السلطات على الصيد حول طبرق ربما دفعت الصيادين إلى بيع قواربهم إلى تجار البشر، فضلاً عن أن الاقتصاد المصري المتعثر ربما يكون عاملاً آخر جعل المصريين يشكلون غالبية من تقلهم قوارب الصيد.
جلال حرشاوي، المتخصص في الشؤون الليبية والباحث في معهد رويال يونايتد للخدمات البحثية، قال إن "منطقة شرق ليبيا تسمح للمصريين بعبور الحدود للعمل منذ زمن طويل. لكن أعدادهم ازدادت هذا العام وستحاول نسبة منهم العبور إلى أوروبا دون شك".
فمن بين الـ93.629 مهاجراً الذين وصلوا إيطاليا هذا العام، يشكل المصريون الجزء الأكبر-19,113- أي أكثر 3 مرات من عدد الوافدين المصريين في الوقت نفسه من العام الماضي.
احتل التونسيون المركز الثاني هذا العام، حيث شكلوا أكثر من 17 ألف وافد، لكن 3259 منهم فقط وصلوا منذ 21 سبتمبر/أيلول 2022.
عادة ما كان الآباء المصريون يرسلون أطفالهم إلى إيطاليا، بالنظر إلى أن القانون الإيطالي يمنع إعادة القصر غير المصحوبين بذويهم إلى أوطانهم، لكن أحد عمال الإغاثة قال إن الأغلبية هذا العام كانوا من البالغين.
حريشي أشار إلى سبب آخر مرتبط بالسياسة، وقال إن النفوذ العسكري لتحالف حفتر تضرر مؤخراً، حين صادرت عملية بحرية تابعة للاتحاد الأوروبي تشكلت عام 2020 لفرض حظر أسلحة أقرته الأمم المتحدة على ليبيا، على شحنتين من المركبات المدرعة مرسلتين من الشرق الأوسط.
أضاف حريشي: "غض الطرف عن المهاجرين الراحلين إلى إيطاليا قد يكون ورقة تستخدمها سلطات شرق ليبيا لمساومة الاتحاد الأوروبي".