عادت قضية تفجير طائرة أمريكية في سماء اسكتلندا عام 1988 والمعروفة دولياً بقضية "لوكربي" إلى الواجهة، وذلك بعد الاختفاء الغامض للمواطن الليبي، أبو عجيلة مسعود المريمي، أحد المشتبه بهم الرئيسيين في القضية، من داخل سجنه في العاصمة الليبية طرابلس.
يقبع المريمي في السجن منذ عام 2011، وهو مسؤول بجهاز المخابرات في عهد النظام السابق للعقيد الراحل معمر القذافي، بعد أن تمت إدانته بتهم لها علاقة بالحادث المميت الذي راح ضحيته 270 شخصاً، بينهم 190 أمريكياً خلال رحلة طيران بين لندن ونيويورك.
فيما وجهت إليه نهاية عام 2020 عدة تهم في الولايات المتحدة حول "ضلوعه في التخطيط وتصنيع القنبلة" التي أسقطت الطائرة فوق منطقة "لوكربي"، وارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب.
عائلة المريمي تحذر السلطات الليبية
حمّلت عائلة ضابط الاستخبارات الليبي أبو عجيلة مسعود المريمي، الذي حددته تقارير بريطانية وأمريكية كمسؤول مزعوم عن صناعة القنبلة المستخدمة في تفجير "لوكربي"، السلطات الليبية مسؤولية حياته مطالبة بإطلاق سراحه فوراً.
حيث كشفت العائلة في بيان، تفاصيل عملية القبض على المريمي، قائلة إن سيارتين من نوع تويوتا تقلان مسلحين يرتدون ملابس مدنية، اقتحمتا منزلهم بمنطقة أبو سليم في طرابلس الساعة 01:30 بعد منتصف ليل يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
كما أفادت بأن المسلحين اختطفوا المريمي واقتادوه إلى مكان مجهول، بعد الاعتداء عليه، وأن ذويه لا يعلمون مكان تواجده حتى الآن. وأشارت إلى أن اختطافه جاء تحقيقاً لأغراض سياسية ترمي إلى الإضرار بالمصالح العليا للبلاد.
فيما بينت أن بعض الأطراف السياسية تحاول استغلال حالة الفوضى والانقسام السياسي من أجل إثارة ملف قضية لوكربي مجدداً، الذي تم إقفاله قانونياً وسياسياً بموجب الاتفاقية التي وُقعت مع الولايات المتحدة الأمريكية وليبيا عام 2008.
كما حذرت العائلة في بيانها من أن إعادة فتح قضية لوكربي لها نتائج وخيمة على المصالح العليا للبلاد، وأن هذه المحاولات تتم من أجل الوصول إلى أهداف سياسية غير مشروعة على حساب مصلحة الوطن والمواطن.
قضية "لوكربي" أغلقت بالكامل
من جهتها، قالت وزارة العدل بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، الأحد 20 نوفمبر/تشرين الثاني، إن ملف قضية تفجير طائرة أمريكية في سماء اسكتلندا عام 1988 والمعروفة دولياً بقضية "لوكربي" قد "أقفل بالكامل من الناحية القانونية والسياسية ولا يمكن إثارته من جديد ولا يمكن العودة إليه".
كما ذكرت الوزارة في بيان، أنها "تابعت ما يتداول على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن إعادة فتح ملف قضية لوكربي".
أضاف بيان الوزارة: "ملف قضية لوكربي قد أُقفل بالكامل من الناحية السياسية والقانونية وذلك بنص الاتفاقية التي أبرمت بين الدولة الليبية والولايات المتحدة الأميركية في 14 أغسطس/آب 2008".
أردف أن ذلك الاتفاق "جرى تعزيزه بموجب الأمر الرئاسي الموقع من الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش رقم 13477 الصادر في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2008". وزاد: "وبالتالي فإن هذا الموضوع لا يمكن إثارته من جديد ولا يمكن العودة إليه".
موقف المجلس الأعلى للدولة
بينما كان المجلس الأعلى للدولة الليبي أعلن السبت 19 نوفمبر/تشرين الثاني رفضه "إعادة فتح قضية لوكربي من بعض الجهات المحلية (لم يسمها)" قائلاً في بيان: " نؤكد عدم التزامنا بكل ما يترتب على هذا الإجراء من استحقاقات تجاه الدولة الليبية".
كما أشار إلى أن ملف القضية أقفل بالكامل من الناحية السياسية والقانونية، حسب نص الاتفاقية التي أبرمت بين الولايات المتحدة الأمريكية والدولة الليبية بتاريخ 2008/08/14.
بدوره حذّر مستشار الأمن القومي، إبراهيم بوشناف، في بيان، من إثارة هذا الملف مجدّداً، داعياً كافة الوطنيين والكيانات السياسية إلى الاصطفاف لمنع ذلك بعيداً عن الصراع السياسي، مشيراً إلى أنّ "هذه القضيّة إذا أثيرت من جديد وأصبحت موضوعاً لتحقيق جنائي، ستُدخل ليبيا في عقود من الاستباحة".
وسقطت طائرة ركاب أمريكية فوق قرية لوكربي في اسكتلندا عام 1988 ما أسفر عن مقتل 259 شخصاً، هم جميع من كان على متنها، إضافة إلى 11 شخصاً من سكان القرية.
بعد أزمة سياسية بين ليبيا والولايات المتحدة لسنوات أدين بالحادث في 31 يناير/كانون الثاني 2001 مواطن ليبي يدعى عبد الباسط المقرحي، الأمر الذي دعا نظام معمر القذافي في 2008 للقبول بالتسوية ودفع أكثر من ملياري دولار لأهالي الضحايا لإقفال القضية.
في 2020 عادت القضية من جديد، حيث قالت وسائل إعلام أمريكية إن وزارة العدل تعتزم توجيه اتهامات إلى ليبي يدعي بوعجيلة مسعود مشتبه به في صناعة القنبلة التي فجرت الطائرة وستطالب بتسليمه لمحاكمته.