تواصل الحكومة المصرية توفير مزيد من الغاز الطبيعي لأوروبا عن طريق تقليل استهلاك الطاقة محلياً، وأوضحت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية أن ذلك يدخل ضمن جزءٍ من جهود الحكومة لإنعاش خزائن مصر في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة.
الصحيفة الأمريكية أوضحت في تقرير نشرته الخميس 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أن الحكومة المصرية بدأت حملتها لتقليل استهلاك الكهرباء محلياً في الصيف من خلال تقليل الإضاءة في بعض الشوارع والميادين وغيرها من الأماكن العامة، وكذلك داخل المحال التجارية وجميع البنايات الحكومية.
فقد استهدفت الحكومة بهذه الخطوة تقليل استهلاك الغاز الطبيعي اللازم لتوليد الكهرباء بنسبة 15%، وشحن الفائض إلى المشترين في أوروبا الذين يدفعون أعلى الأسعار في مقابل الغاز الطبيعي المسال.
كيف يبدو الوضع في القاهرة؟
في منطقة وسط البلد بالقاهرة، أصبحت البنايات الحكومية ومراكز التسوق ملزمةً بخفض إضاءة الواجهات، وتعديل درجات حرارة مكيفات الهواء بحيث لا تقل عن 25 درجة مئوية. كما أمرت السلطات بإطفاء الأضواء الكاشفة في الاستادات الرياضية مساءً.
أما داخل ميدان التحرير الذي كان يبرق بالأضواء في السابق، فستجد المسلة الفرعونية وتماثيل الكباش مضاءةً بشكلٍ خافت، بينما أُطفئت الأنوار في البنايات والشوارع المحيطة.
فيما جلس المهندس أحمد أبو بكر (43 عاماً)، على العشب مع أطفاله الثلاثة في إحدى الأمسيات مؤخراً، وقال: "لم يعد الميدان ينبض بالحياة كما كان. وأصبحنا مضطرين إلى الجلوس في الظلام الآن".
فقد أعلنت القاهرة عن خططها لتقليل استهلاك الطاقة في أغسطس/آب؛ حتى تتمكن من تصدير كميات أكبر إلى أوروبا التي تبحث عن موردٍ جديد، بعد أن عطّلت روسيا إمدادات الغاز المتجهة إلى القارة.
كما ترى الحكومة المصرية أن فرصة تصدير مزيد من الغاز إلى أوروبا قد تساعد في زيادة احتياطياتها من النقد الأجنبي.
ما الذي ستستفيد منه مصر؟
يُذكر أن مصر أبرمت اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي في الشهر الماضي؛ من أجل الحصول على قرض بثلاثة مليارات دولار، وتمكنت خلال العام الجاري، من الحصول على قروض وودائع من دول الخليج الغنية.
لكن مصر ستحتاج لمبالغ أكبر بكثير؛ من أجل سداد قروضها للجهات الدولية خلال السنوات المقبلة، والتي تصل قيمتها إلى عشرات المليارات من الدولارات.
في أغسطس/آب، قدّر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن الاقتصاد في توليد الكهرباء محلياً بنسبة 15% سيُدر على البلاد 450 مليون دولار شهرياً، في صورة عائدات من صادرات الغاز الإضافية.
فيما صدّرت مصر 8.9 مليار متر مكعب من الغاز في العام الماضي، إلى دولٍ مثل تركيا، والهند، وباكستان، وبنغلاديش، وفقاً لشركة Rystad Energy البحثية في أوسلو. ولم تتجاوز حصة أوروبا من تلك الصادرات الـ1.3 مليار متر مكعب، أي نحو 15% من الإجمالي فقط.
بينما صدرت مصر أربعة مليارات متر مكعب من الغاز إلى أوروبا في العام الجاري حتى الآن، وفقاً للشركة البحثية. ومن ناحيتها وقعت الجزائر اتفاقيات لإرسال مزيد من الغاز إلى أوروبا، بعد أن أصبحت ثاني أكبر مورد غاز للقارة بعد النرويج.
فيما أرسلت الولايات المتحدة شحنات تحمل عشرات المليارات من الأمتار المكعبة إلى أوروبا، لتزيد احتياطيات القارة وتخفض الأسعار قليلاً.
مصر قد تعاني مستقبلاً
يقول محللو الطاقة إن القاهرة قد تعاني للحفاظ على زيادة صادراتها. إذ إن بعض حقول الغاز المصرية بدأت تنضب، بينما يتجه الطلب إلى مواصلة ارتفاعه. وأنتجت مصر كميات قياسية من الغاز بلغت 70 مليار متر مكعب في العام الماضي، لكنها استهلكت 63 ملياراً منها محلياً.
من المنتظر أن يرتفع طلب المنازل على الغاز مع استمرار الزيادة السريعة في عدد السكان، الذي بلغ 107 ملايين نسمة تقريباً.
تمتلك مصر منشأتين فقط لتسييل الغاز وتحميل صادرات غازها الطبيعي المسال. وتقع كلتاهما على ساحل البلاد الشمالي، مع قدرةٍ إجمالية تصل إلى نحو 16 مليار متر مكعب سنوياً. ولا تمتلك البلاد أي خط أنابيب يربطها بأوروبا.
فيما قال براناف جوشي، محلل Rystad، عن زيادة الشحنات المتجهة لأوروبا مؤخراً: "لست متفائلاً بقدرة القاهرة على أن تحافظ على هذه المعدلات في الواقع".