باشرت السلطات الصحية في بريطانيا بتطعيم مهاجرين مقيمين بمركز مانستون، بعد تأكيد إصابة عشرات الحالات بهذا المرض شديد العدوى، على الرغم من تصريحات من الحكومة بأن الوضع تحت السيطرة، بحسب ما قالت صحيفة The Guardian البريطانية، السبت 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
من جانبه، صرح وزير الهجرة البريطاني روبرت جينريك باكتشاف أربع حالات من مرض الخُناق (الدفتيريا) في المركز الواقع بمدينة كنت، لكنه أكّد أن الحالات أُصيبت بالعدوى قبل وصولها إلى مانستون.
وفيما اعتبر الوزير أن هناك "مبالغة" في أعداد حالات الإصابة بالخناق، وعدوى المكورات العنقودية MRSA، والجرب داخل المركز، فإن وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة صرحت بأنها تتعاون مع وزارة الداخلية حالياً لتطعيم الموجودين داخل المركز، بعد ارتفاع أعداد الحالات المصابة بالعدوى.
السلطات الطبية تتحرك
وكشفت الوكالة، الجمعة 11 نوفمبر/تشرين الثاني، أنها سجّلت 39 حالة خناق بين طالبي اللجوء في إنجلترا خلال عام 2022. وقالت إن أماكن إقامتهم تُعتبر "عالية الخطورة في نقل الأمراض المعدية".
أوضحت الوكالة الحكومية أن الكثير من حالات المرض أُصيبت في الخارج ونقلت العدوى معها إلى داخل المملكة المتحدة، مؤكدةً الحاجة إلى التحرك "لتقليل خطر انتقال العدوى على نطاقٍ أوسع".
بينما أكّدت الدكتورة غاياتري أميرثاليتغام، نائبة مدير برامج الصحة العامة في الوكالة، أن العمل جارٍ بالتعاون مع وزارة الداخلية لتوزيع اللقاحات والمضادات الحيوية في مانستون.
أردفت الدكتورة غاياتري أميرثاليتغام: "تتعاون وكالة الأمن الصحي بشكلٍ مكثف مع وزارة الداخلية في مركز استقبال مانستون، حيث توجد أعداد من حالات الخناق والعدوى الأخرى. ونوصي بتوفير لقاحات الخناق والمضادات الحيوية للموجودين في المركز، ولجميع من جرى نقلهم إليه مؤخراً. ويجري تفعيل هذه الجهود حالياً بالتعاون مع وزارة الداخلية وهيئة الخدمات الصحية الوطنية لتحقيق الأمر".
فيما نشرت الوكالة إرشاداتها لحالات العدوى وتفشي الأمراض وسط أماكن إقامة طالبي اللجوء في يوم الجمعة. حيث أوضحت أن فريق إدارة الأزمات أوصى "بتوفير العلاجات الوقائية الجماعية باستخدام المضادات الحيوية، والتلقيح الجماعي".
وأضافت الوكالة أن السبب يرجع إلى "الانتشار الكبير" لعدوى ذيفان الخناق السمية في أماكن الاستقبال المزدحمة، حيث يصعب التعامل مع الحالات الفردية أو إدارة العدوى.
كما أوصت بتوفير العلاج لطالبي اللجوء الذين يصلون إلى مركز الاستقبال بعد الـ31 من أكتوبر/تشرين الأول وقبل الـ12 من ديسمبر/كانون الأول، مع منح الأولوية لمن جرى إرسالهم إلى الفنادق مع أطفالهم وعائلاتهم بالفعل.
كما تم إرسال موجزٍ وطني إلى فريق هيئة الخدمات الصحية الوطنية "لتسليط الضوء على أهمية التشخيص المبكر والعلاج السريع للحالات المشتبه في إصابتها".
وقالت نشرة الإرشادات: "في ضوء زيادة عدد حالات الخناق والتحديات التي تواجه تتبع حالات الاتصال بالمرض في أماكن إقامة طالبي اللجوء، من الضروري اتخاذ إجراءات إضافية لسرعة التعرف على الحالات المشتبهة وتقليل خطر انتشار الأمراض أكثر".
مراكز اللجوء "جحيم بريطانيا"
ويزداد الجدل بشأن المعاملة غير الإنسانية التي تطبقها بريطانيا على المهاجرين مع تكشُّف الظروف البشعة التي يُحتجزون فيها.
محمد، الفتى العراقي، مجرد واحد من آلاف طالبي اللجوء الذين مروا بمركز مانستون منذ افتتاحه في يناير/كانون الثاني 2022، وكثير من هؤلاء أطفال دون ذويهم.
تعرض المركز للاضطراب في الأسابيع الأخيرة، بسبب الادعاءات المتزايدة بشأن الظروف غير الإنسانية، وضمن ذلك الاكتظاظ الشديد، ووجد نفسه في قلب الجدل الساخن حول سياسة الهجرة التي أزعجت حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك الجديدة.
وقالت متحدثة باسم وزارة الداخلية، الجمعة 4 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما طلبت منها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن ترد على اتهامات بظروف سيئة وخطيرة: "لا تزال مانستون تتمتع بالموارد والتجهيزات".
مع ذلك، كانت وزارة الداخلية قد قالت إنها تتخذ خطوات "لتحسين الوضع على الفور"، مضيفةً أن ألف شخص نُقِلوا من المركز على مدار خمسة أيام. لكن اعتباراً من يوم الخميس، كان مركز مانستون يؤوي ما يقرب من ضعف طاقته.
بُنِيَ مركز مانستون لاستيعاب 1600 مهاجر، ولكن في الأسابيع الأخيرة، كان يؤوي نحو 4 آلاف.
لا يمكن التحقق من رواية محمد بشكل مستقل، لكن تصويره للظروف في مانستون يتوافق بشكل عام مع تقارير التفتيش من مسؤولي الهجرة والمقابلات التي أجرتها صحيفة New York Times الأمريكية مع موظفي المركز الذين تحدثوا إليها.
وعندما عُرضت صور للمنشأة، تمكن محمد من التعرف عليها. كان محمد واحداً من أربعة مراهقين قابلتهم الصحيفة الأمريكية ليسردوا الظروف القاسية في المركز. تحدث محمد بلغته الكردية الأصلية وترجمت الصحيفة روايته.
اطلعت الصحيفة على نصوص لمقابلات أجرتها منظمتان إغاثيتان، هما مجلس اللاجئين وشبكة حقوق الإنسان، مع مراهقين آخرين في مانستون. وصفوا مصاعب مماثلة لتلك التي ذكرها محمد، قائلين إنهم غالباً ما كانوا يعانون من الجوع بسبب نقص الطعام. قال البعض إنهم أُجبروا على النوم في أثناء الجلوس ليلاً بسبب التكدس، وإنهم حُرموا من الرعاية الطبية بسبب نقص العاملين.
قال أحد الأطفال، ويبلغ من العمر 16 عاماً من السودان، إنه قضى ما يقرب من ثلاثة أسابيع نائماً على صناديق طعام مهملة مع طاقم واحد فقط من الملابس المبللة. وهي تجربة، كما أشار، ذكَّرته بالظروف القاسية التي عانى منها بمعسكرات الاعتقال في ليبيا.
قال عن الفترة التي قضاها في مانستون: "كنت أنام في أثناء النهار لأبقى مستيقظاً في الليل، لأنني كنت خائفاً من الكوابيس".