نفت أوكرانيا، الثلاثاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تعرضها لضغوط غربية للدخول في مفاوضات مع روسيا، وجددت تمسكها بعدم إجراء أي محادثات إلا إذا انسحبت روسيا من كافة الأراضي التي تحتلها، فيما قالت موسكو إن لديها شرطاً أساسياً "هو أن تظهر أوكرانيا حسن النية".
جاء التعليق الأوكراني بعد أيام من تقرير لصحيفة واشنطن بوست قال إن الولايات المتحدة تشجع كييف على إبداء الاستعداد لإجراء محادثات. كما تزامن مع انتخابات التجديد النصفي بالولايات المتحدة والتي يمكن أن تضع الدعم الغربي لأوكرانيا تحت اختبار.
وقبل كلمة من المقرر أن يلقيها في زعماء العالم المشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27)، كرر الرئيس فولوديمير زيلينسكي ما وصفه بشروط أوكرانيا "المقدرة تماماً" لإجراء محادثات السلام.
حيث قال زيلينسكي: "مرة أخرى، استعادة وحدة الأراضي، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، والتعويض عن كافة الأضرار التي تسببت فيها الحرب، ومعاقبة جميع مجرمي الحرب، وضمان عدم تكرار ما يحدث".
وأشار إلى أن أوكرانيا اقترحت مراراً إجراء مثل هذه المحادثات، ولكن "كنا نتلقى دوماً ردود فعل روسية غير عقلانية بهجمات إرهابية أو قصف أو ابتزاز جديد".
موقف روسيا
من جانبه، كرر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف موقف موسكو باستعدادها لإجراء محادثات، لكن كييف هي من ترفضها. وسبق أن ذكرت موسكو مراراً أنها لن تتفاوض بشأن أراضٍ تقول إنها ضمتها من أوكرانيا.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودنكو، إنه "ليس هناك شروط مسبقة من طرفنا، باستثناء الشرط الأساسي، هو أن تظهر أوكرانيا حسن النية".
جاء تصريح المسؤول الروسي تعليقاً على وضع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي: "احترام ميثاق الأمم المتحدة والتعويض عن الخسائر" كشرطين للتفاوض مع روسيا.
وتابع أن "أوكرانيا مررت قانوناً يمنع إجراء محادثات مع روسيا. هذا خيارهم لكننا دائماً أعلنا عن استعدادنا لمثل هذه المفاوضات"، لافتاً إلى أن أوكرانيا هي من أوقفت المحادثات.
تمديد اتفاق الحبوب
فيما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لسفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، الثلاثاء، إنه يجب تمديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، وأدى إلى فك الحصار عن ثلاثة موانئ أوكرانية رئيسية.
وكتب زيلينسكي على تليغرام عقب محادثات في كييف مع السفيرة ليندا توماس غرينفيلد يقول: "من الضروري أن يستمر اتفاق الحبوب في المستقبل. أوكرانيا مستعدة لأن تبقى الضامن للأمن الغذائي العالمي".
فيما قال نائب وزير البنية التحتية الأوكراني، الثلاثاء، إن بلاده تريد توسيع نطاق اتفاق البحر الأسود الخاص بتصدير الحبوب ليشمل مزيداً من الموانئ والبضائع، وتأمل في صدور قرار الأسبوع المقبل بتمديد الاتفاق عاماً على الأقل.
وينتهي أجل الاتفاق، الذي خفف من حدة أزمة غذاء عالمية بفتح ثلاثة موانئ أوكرانية رئيسية أثناء الغزو الروسي، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، وبدا أنه مهدد لفترة وجيزة الشهر الماضي عندما علقت موسكو مشاركتها في الاتفاق قبل أن تعود إليه.
قال يوري فاسكوف، نائب وزير البنية التحتية الأوكراني في مقابلة مع رويترز: "(نحن) متأخرون جداً بالفعل (في إعطاء) معلومات واضحة للسوق بشأن تمديد (الاتفاق)".
وأضاف: "نأمل بحلول الأسبوع المقبل كحد أقصى أن نتوصل إلى تفاهم مع شريكتينا، تركيا والأمم المتحدة، وتكون لدى السوق ككل أيضاً إشارة واضحة بشأن استمرار العمل بالمبادرة".
وسمح الاتفاق بتصدير نحو 10.5 مليون طن من الأغذية الأوكرانية، معظمها من الحبوب، إلى أسواق أجنبية منذ التوصل إليه في يوليو/تموز بوساطة كل من تركيا والأمم المتحدة.
دعم بالأسلحة
وقال ميخايلو بودولياك، وهو أحد أبرز مستشاري زيلينسكي، إنه من السخف الحديث عن أن الدول الغربية تدفع كييف للتفاوض بشروط موسكو، بينما تقوم بتزويد أوكرانيا بالسلاح لطرد القوات الروسية من أراضيها.
وأوضح في مقابلة مع راديو ليبرتي: "أوكرانيا تتلقى أسلحة فعالة للغاية من شركائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.. إننا نعمل على طرد الجيش الروسي من أراضينا. ومن هذا المنطلق، فإن إجبارنا على عملية التفاوض، وفي الواقع الرضوخ لإنذارات روسيا الاتحادية، هو هراء! ولن يقدِم عليه أحد".
أضاف: "لا إكراه" في علاقة أوكرانيا بواشنطن، معتبراً التلميحات بأن الغرب يضغط على أوكرانيا للتفاوض جزءاً من "البرنامج الإعلامي" الروسي، دون أن يشير بشكل مباشر لتقرير واشنطن بوست.
وبعد إعلان روسيا نهاية سبتمبر/أيلول ضم أراض أوكرانية، أصدر زيلينسكي مرسوماً يستبعد أن تتفاوض كييف مع موسكو طالما بقي فلاديمير بوتين رئيساً لروسيا. وكرر بودولياك مؤخراً هذا الموقف، إلا أن زيلينسكي لم يشر لبوتين في كلمته.
تطورات ميدانية
وشهدت الأشهر الماضية قيام القوات الأوكرانية بشن هجمات، فيما تعمل روسيا على إعادة تنظيم صفوفها للدفاع عن مناطق لا تزال تحتلها في أوكرانيا، بعدما استدعت مئات الآلاف من قوات الاحتياط خلال الشهر الماضي.
تعمل روسيا على إجلاء المدنيين من مناطق تحتلها، وخاصة من منطقة خيرسون في جنوب أوكرانيا، في عملية تقول كييف إنها تشمل عمليات ترحيل قسري، فيما تقول موسكو إنها تنقل المدنيين لمناطق آمنة.
ومن المتوقع أن تكون المعركة الكبيرة التالية على جيب تسيطر عليه روسيا على الضفة الغربية لنهر دنيبرو، التي تضم مدينة خيرسون، العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها روسيا منذ غزوها أوكرانيا في فبراير/شباط.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، الثلاثاء، إن روسيا تجهز خطوطاً محصنة جديدة في عمق الأراضي التي تسيطر عليها "لمنع أي تقدم أوكراني سريع في حالة التطورات".
يشمل هذا تركيب حواجز خرسانية تعرف باسم "أنياب التنين" لوقف الدبابات في مناطق من بينها تلك القريبة من ماريوبول في الجنوب للمساعدة في حماية "الجسر البري" الروسي المؤدي إلى شبه جزيرة القرم المحتلة حتى في حالة خسارة موسكو أراضي أخرى.
وأكد مصدر، الإثنين، أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أجرى محادثات مع مسؤولين روس لتجنب تصعيد الصراع، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال لأول مرة. وامتنع الكرملين عن التعليق.
ولم ينف البيت الأبيض المحادثات، لكنه قال إنه لن يتخذ خطوات دبلوماسية بشأن أوكرانيا بدون مشاركة كييف.