اكتشف مشاركون في مؤتمر المناخ "كوب 27" المنعقد حالياً في شرم الشيخ بمصر، أن شبكات الاتصال بالإنترنت المتاحة تحجب الدخول إلى الموقع الإلكتروني للمنظمة الحقوقية العالمية هيومن رايتس ووتش (HRW) وعدد من المواقع الإخبارية البارزة الأخرى، في إجراء آخر يظهر التشديدات الأمنية التي اتبعتها القاهرة في استضافتها للحدث العالمي.
بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2022، تتضمن قائمة المواقع المحجوبة منصة التدوين "Medium"، والموقع الإخباري المستقل الوحيد في مصر "مدى مصر"، وموقع شبكة الجزيرة الإخبارية القطرية.
يشار إلى أن منظمة هيومن رايتس ووتش من المقرر أن تقود لجنة نقاش في مؤتمر كوب 27 بجانب منظمة العفو الدولية.
تصعب آلية العمل
وقال الحساب الرسمي لمنظمة المناخ الشبابية Earth Uprising في تغريدة: "توجد كثير من المواقع المحجوبة بمصر في مؤتمر كوب 27، وذلك ملحوظ ويصعب بالنسبة لنا العمل هكذا. لا نستطيع استخدام موقعنا Earth Uprising على منصة Medium، وكالات الأخبار التي نشير إليها (في حديثنا) محجوبة. لن يكون هناك تحرك مناخي بدون حقائق ومعلومات".
يخشى المراقبون والحاضرون في المؤتمر أن يكون الحجب في مؤتمر كوب 27، جزءاً من جهود السلطات المصرية لفصل مفاوضات المناخ الحيوية عن قضايا حقوق الإنسان، والتحكم فيما يستطيع المشاركون في المؤتمر المنعقد بمدينة شرم الشيخ السياحية، رؤيته عن سجل مصر القمعي ضد حقوق الإنسان.
ورفع مزودو خدمات الإنترنت مؤقتاً الحظر المفروض باستعمال بروتوكول الإنترنت (VoIP) في مؤتمر كوب 27، مثل خدمة الاتصال الصوتي عبر تطبيق واتساب. لكن السلطات أبقت على نظام موسع ومتطور لحجب المواقع التي يُرى أنها تنتقد السلطات المصرية، وضمن ذلك المنصات الإعلامية المستقلة والمنظمات الحقوقية.
ووثقت منظمات حرية الإنترنت، وضمنها منظمة Qurium ومنظمة Citizen Lab، كيف سمحت تقنية فحص الحزم التي قدمتها الشركة الكندية Sandvine، للسلطات المصرية بحجب المواقع وفقاً لإرادتها.
وقال ريتشارد بيرسهاوس، مدير قسم البيئة وحقوق الإنسان في منظمة هيومن رايتس ووتش: "حجبت السلطات المصرية الوصول إلى نحو 700 موقع، من ضمنها منصات الإعلام الإخبارية المستقلة وجماعات المجتمع المدني. يقيد هذا بشدةٍ الوصول إلى المعلومات التي تحتاج إلى مناقشتها، وضمن ذلك القضايا البيئية وقضايا حقوق الإنسان. يتطلب التحرك المناخي الفعال أن يعبّر مزيد من الأشخاص عن آرائهم، لا القليل منهم".
مراقبة المشاركين في المؤتمر
يأتي ذلك في الوقت الذي حذّر فيه خبراء في الأمن السيبراني من أن التطبيق الرسمي لمحادثات قمة المناخ التي تستضيفها مصر، يتطلب الوصول إلى موقع المستخدم والصور وحتى رسائل البريد الإلكتروني عند تنزيله، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد.
الصحيفة قالت إن هذا الكشف، في المؤتمر الذي يجتمع فيه أكثر من 25 ألف مسؤول وناشط وصحفي من جميع أنحاء العالم، أثار مخاوف من أن السلطات في مصر ستكون قادرة على استخدام منصة رسمية لحدث للأمم المتحدة، لتتبع ومضايقة الحاضرين والأصوات المحلية الناقدة.
يتطلب تطبيق Cop27 الرسمي، الذي تم تنزيله بالفعل أكثر من 5000 مرة، أذونات شاملة من المستخدمين قبل تثبيته، وضمن ذلك قدرة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية على عرض رسائل البريد الإلكتروني ومسح الصور وتحديد مواقع المستخدمين، وفقاً لخبير قام بتحليله لصحيفة الغارديان.
تزعم الصحيفة البريطانية أنه يمكن استخدام هذه البيانات من قبل أجهزة الدولة المصرية لمزيد من "القمع ضد المعارضة" في بلد "يحتجز بالفعل نحو 65 ألف سجين سياسي".
فيما أشارت إلى أن السلطات في مصر نفذت سلسلة من الاعتقالات الجماعية لأشخاص متهمين بأنهم متظاهرون في الفترة التي سبقت قمة المناخ، وسعت إلى فحص وعزل أي نشطاء بالقرب من المحادثات التي ستشهد محاولة الحكومات التوصل إلى اتفاق بشأن التعامل مع أزمة المناخ.
فيما نقلت الصحيفة عن جيني جيبهارت، المديرة في مؤسسة Frontier الإلكترونية، قولها إن "أكبر علامة تحذير هي عدد الأذونات المطلوبة، وهو أمر غير ضروري لتشغيل التطبيق ويشير إلى أنهم يحاولون مراقبة الحضور في قمة المناخ".
أضافت: "لن يرغب أي شخص عاقل في الموافقة على مراقبته من قبل دولة، أو قراءة رسائل البريد الإلكتروني الخاصة به من قبلهم، ولكن غالباً ما ينقر الناس على هذه الأذونات من دون التفكير كثيراً".
كما قالت: "لا أستطيع التفكير في سبب وجيه واحد لحاجتهم إلى هذه الأذونات التي تثير السؤال بشأن كيفية استخدام هذه المعلومات التي تثير كثيراً من الاحتمالات المخيفة. وقد يكون لها تأثير مخيف؛ حيث إن الناس يراقبون أنفسهم عندما يدركون أنهم يراقبون بهذه الطريقة".
بينما قال حسين بيومي، من منظمة العفو الدولية، للصحيفة البريطانية، إن عملاء التكنولوجيا العاملين في المنظمة الحقوقية فحصوا التطبيق وأشاروا إلى عدد من المخاوف قبل قمة المناخ.
تمكن التطبيق من الوصول إلى كاميرا المستخدمين والميكروفون والبلوتوث وبيانات الموقع، إضافة إلى اقتران تطبيقين مختلفين. وقال بيومي: "يمكن استخدامه للمراقبة".