نشرت مواقع إخبارية عربية، وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، خبراً مفاده ترحيل السلطات الجزائرية أكثر من 60 مهاجراً غير شرعي -أغلبيهم من حاملي الجنسية السورية- إلى صحراء النيجر. فما حقيقة الخبر؟ وما الذي نعرفه عن مجموعة اللاجئين تلك؟
صور وفيديوهات مختلطة وإن كانت من الجزائر
تناقلت وسائل إعلامية متعددة خبر ترحيل السلطات الجزائرية أكثر من 62 طالب لجوء سوري إلى الحدود الصحراوية المحايدة مع النيجر، ليُحكم بالبقاء عليهم هناك دون التمكّن من العودة إلى بلدانهم، لا سيما مع امتناع سفارة النظام السوري في الجزائر لمناشداتهم.
وأشار ناقلو الأخبار إلى التزامن اللافت لاستضافة الجزائر القمة العربية لعام 2022، والتي جاءت تحت شعار "لمّ الشمل" العربي، في الوقت الذي تطرد الجزائر فيه اللاجئين القادمين من دول عربية أخرى.
لكن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ردّوا على هذه الأخبار، بالإشارة إلى أن الفيديوهات والصور المستخدمة تعود لسنوات سابقة، وأحياناً إلى دول مختلفة عن الجزائر.
وعند تحقق "عربي بوست" من الموضوع، تبيّن نشر الوسائل الإعلامية والحسابات لبعض الصور والفيديوهات القديمة بالفعل مع الخبر، وأحياناً تكون الصور منشورة مُرفقةً بشعار "صورة أرشيفية"، ما يعني عدم ارتباط الصورة المرفقة تحديداً بالخبر.
وكانت واحدة من أبرز الصور المتداولة مع الخبر هذه الصورة التي يظهر بها مجموعة من اللاجئين، بمن فيهم نساء وأطفال، عالقين في وسط الصحراء:
الصورة التي انتشرت مع خبر ترحيل السلطات الجزائرية لسوريين. المصدر الأصلي: وكالة الأناضول
لكن عند العودة بالبحث العكسي للصور في جوجل لإيجاد أول مصدر للصورة، يتبيّن أن وكالة الأناضول كانت أول من نشرها وذلك في يوم 26 من إبريل/نيسان 2017، تحت عنوان "سوريون عالقون بالحدود الجزائرية المغربية يناشدون البلدين إنقاذهم"
وكان الخبر يغطي حالة 51 سورياً عالقاً بين الحدود الجزائرية والمغربية ومناشدتهم السلطات لإنقاذهم، وذلك لعدم توفّر أي ماء وانقطاع الموارد عنهم.
وانتهت مأساة اللاجئين العالقين حينها باتخاذ الجزائر قراراً باستقبالهم وذلك في اليوم الأول من يونيو/حزيران 2017، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية آنذاك نقلاً عن متحدث باسم وزارة الخارجية.
وبذلك فإن الصورة المنتشرة تلك لا علاقة لها بالخبر المتناقل حديثاً، وقد جرى استخدامها من وسائل عدة بمثابة "صورة أرشيفية"، لكن بعض الحسابات تناقلتها على أنها الصورة الفعليّة للاجئين السوريين العالقين في الشهر الجاري.
وكانت واحدة من أبرز الصور المتداولة أيضاً هذه الصورة التي يظهر بها مجموعة من الرجال والنساء والأطفال المتجمعين في مكانٍ مجهول الملامح:
التي أظهر البحث عنها أنها تعود لنفس الحادثة من عام 2017، ويمكن إيجادها في مُرفقةً آنذاك مع خبر مناشدة السوريين العالقين لإنقاذهم أو استقبال السلطات الجزائرية لهم لاحقاً وذلك في منصات إعلامية متعددة، مثل هنا وهنا وهنا.
تسبب إرفاق الصور والفيديوهات القديمة مع الخبر بإنكار العديدين حقيقته، قائلين إنها حملة موجّهة، وإن الأخبار كلها عبارة عن تضليل إعلامي، فما حقيقة الأمر؟
منصات إعلامية تتحدث عن مُرحّلين جدد
بغضّ النظر عن الصور والفيديوهات القديمة المتداولة، فقد أوردت وسائل إعلامية عدّة خبر ترحيل السلطات الجزائرية أكثر من 60 مهاجراً غير شرعي إلى الحدود الصحراوية المحايدة مع النيجر.
وقالت شبكة روداو إن أغلبية هذه المجموعة المرحّلة كانت من الكورد السوريين، وأن هنالك أيضاً فلسطيين ويمنيين ضمن المجموعة.
والتقت شبكة روداو مع شخص يُدعى "مسعود قادر"، قالت الشبكة إنه من بين أولئك المرحّلين على الحدود النيجرية الجزائرية، ونقلته عنه قوله إن السلطات الجزائرية ضغطت عليهم عقب اعتقالهم، وقد بقوا عدة أيام في الطريق داخل السيارات قبل أن يصلوا للصحراء.
كما أضاف قادر للشبكة أن المهرّبين يتحفظون على بقية أموالهم ويهددونهم بالقتل إذا أفصحوا عن أسمائهم أمام الرأي العام، وفقاً لأقواله.
وفي وقتٍ سابق، كانت مركز توثيق الانتهاكات في سوريا قد شارك شهادة لشابٍ سوري روى فيها رحلته لمحاولة الوصول نحو أوروبا، وقال فيها أيضاً إن أجهزة الأمن الجزائرية قد قبضت عليه مع مجموعة من اللاجئين، وقد نقلته لاحقاً في رحلةٍ استمرت 4 أيام حتى صحراء النيجر.
ووفقاً لشهادته، فإن القوات الجزائرية أدخلتهم عدة كيلومترات إلى ما وراء حدود النيجر، وتركتهم هناك.
ولم يتسنّ لـ"عربي بوست" التأكد من أيّ من الشهادات السابقة، إلا أن الأنباء الجديدة عن ترحيل لاجئين سوريين إلى صحراء النيجر غير متصلة ببعض الصور والفيديوهات المتداولة.