انتهى يوم الخميس 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، الأجل الذي مددته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس لاستقبال الترشيحات للانتخابات التشريعية بتونس، المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول 2022.
وقررت هيئة الانتخابات التمديد في فترة قبول الترشّحات؛ أملاً في ارتفاع عدد المترشّحين لعضوية البرلمان المقبل، وسط مقاطعة كبيرة من الأحزاب السياسية في تونس للانتخابات التشريعية.
وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس محمد المنصري لـ"عربي بوست"، بلغ عدد المترشحين للانتخابات التشريعية بعد غلق مكاتب الترشحات 1427 مترشحاً، 1213 رجلاً و214 امراة.
تفادي الفوز الآلي وغياب المترشّحين
الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات في تونس، محمد المنصري، لم ينف في تصريح لـ"عربي بوست"، عمل الهيئة على إفساح المجال أمام أكثر عدد ممكن من المترشّحين للانتخابات التشريعية المقبلة.
وكشف المتحدث أن مجلس الهيئة خلص إلى ضرورة القيام بما يُمكن من خطوات قانونية لتفادي غياب مرشحين في بعض الدوائر الانتخابية، ووجود دوائر انتخابية بدون مرشحين أو بمرشح واحد، مما يضمن له فوزه آلياً.
ووفق عضو مجلس هيئة الانتخابات في تونس، سجلت بعض الدوائر الانتخابية خارج تونس تقدُّم مترشّح وحيد لعضوية البرلمان، مما يعني فوزه آلياً بمقعد وهو ما تعمل الهيئة على تفاديه بالتمديد في فترة الترشّحات.
ورجّح المنصري من خلال إفادته لـ"عربي بوست"، ارتفاع عدد المترشّحين؛ نظراً إلى النسق التصاعدي الذي يشهده عدد الترشّحات، كما أن المئات من المترشّحين اقتربوا من استيفاء الشروط، خاصة ما يتعلق بجمع عدد تزكيات الناخبين المطلوبة.
وحسب المتحدث فإن الأيام الـ3 التي أقرتها الهيئة كتمديد كافية لاستكمال ملفات المئات من المترشّحين، وفق تقدير الناطق الرسمي لهيئة الانتخابات الذي أكد أن تمديد فترة قبول الترشّحات لن يؤدي إلى تعديل روزنامة الانتخابات التشريعّية.
دائرة دون مرشح!
في مقابل تقديم ترشيحات في 160 دائرة انتخابية، لم يتقدم أي ترشح عن دائرة إفريقيا، وفق الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات، الذي أوضح أن مجلس الهيئة سيجتمع للتداول في الموضوع والبت في الملفات قبل الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين.
وبالنسبة لدائرة إفريقيا التي لم يترشح فيها أحد، أشار المنصري إلى أن القانون ينص على إجراء انتخابات جزئية بها بعد فترة لا تقل عن 3 أشهر من الانتخابات التشريعية؛ لاستكمال انتخاب كل أعضاء البرلمان المقبل.
وبالتالي فإن البرلمان المقبل سيكون كاملاً إلا من نائب، أي 160 عوض 161 نائباً، في حال لم يؤد التثبت من الترشحات مثلاً إلى رفض ملفات في الدوائر الانتخابية التي شهدت مرشحين اثنين فقط.
وستجري الانتخابات التشريعية المقبلة في تونس وفق نظام الاقتراع على الأفراد في 161 دائرة انتخابية، من بينها 10 دوائر خارج تونس، ويقع انتخاب مرشح وحيد عن كل دائرة.
الرئيس يُربك عملية الترشيحات
المحلل السياسي التونسي علية الصغيّر، قال إنّ "ضعف عدد الترشّحات للانتخابات التشريعية سببه الإرباك واللخبطة التي أثارها إعلان قيس سعيد اعتزامه تعديل القانون الانتخابي مرة أخرى بعد انطلاق جمع تزكيات الناخبين".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "حديث الرئيس عن شراء التزكيات وضرورة تعديل القانون الانتخابي، جعل المئات من المترشّحين يتوقفون عن جمع التزكيات في انتظار تعديل القانون الذي لم يُعدل للآن".
وأعلن قيس سعيد، في 7 أكتوبر/تشرين الثاني الجاري، عن توجّهه لتعديل المرسوم رقم 55 المتعلق بالانتخابات التشريعية، بهدف الحدّ من ظاهرة بيع وشراء التزكيات، واستغلال رؤساء الجماعات المحلية مواقعهم ونفوذهم للتأثير على عملية التزكيات.
إضافة إلى ذلك، يقول المحلل السياسي علية الصغيّر إن "أسباب ضعف عدد الترشّحات تتجلى أيضاً في عملية جمع التزكيات والتعريف بإمضائهم، وهي عملية شاقة خاصة بالنسبة للدوائر الانتخابية في الخارج".
وحتى داخل تونس، ليس من السهل جمع عدد التزكيات المطلوبة والتعريف بإمضاء الناخبين مع احترام ما ينصّ عليه القانون الانتخابي من شروط لقبول قائمة التزكيات، في ظل عزوف التونسيين عن الشأن السياسي.
ويفرض القانون الانتخابي الجديد في تونس جمع المترشّح للانتخابات التشريعية 400 تزكية من طرف القاطنين في الدائرة الانتخابية التي سيترشّح فيها، كما يشترط أن تكون التزكيات الـ400 من 200 رجل ومثلها من النساء، 25% منهم شباب.
وتم اللجوء إلى التعريف بالإمضاء في البلديات لتفادي تزوير التزكيات، كما حصل خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، والتي يفرض القانون الانتخابي على المترشّحين لها جمع 10 آلاف تزكية موزعة على كل محافظات البلاد.
الأحزاب تُقاطع
قاطعت الأحزاب السياسية التونسية الانتخابات التشريعية؛ رفضاً لـ"مسار الانقلاب الذي أعلن فيه قيس سعيّد تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإقالة الحكومة وتوليه السلطتين التشريعية والتنفيذية".
يقول "الصغيّر" إن "المقاطعة تسببت في ضعف عدد المترشّحين للانتخابات التشريعية، فكل الأحزاب السياسية التي كانت تُشكّل المشهد السياسي كالنهضة والتيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة.. لم تدفع بمُرشّحيها للانتخابات".