حذّرت منظمة مدافعة عن حقوق الإنسان من أنَّ "استراتيجية المنع" المثيرة للجدل، التي تتبعها حكومة المملكة المتحدة ضمن برنامجها لمكافحة الإرهاب، أدت إلى جمع وتبادل بيانات شخصية عن المُستهدَفين بالبرنامج على نحو مخالف للقانون، وخلقت ظروفاً لانتشار "عدم الشرعية على نطاق واسع"، بجانب تأثيرها سلباً على المسلمين وغيرهم من الأقليات في المملكة المتحدة.
موقع Middle East Eye البريطاني، قال الجمعة 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن منظمة الحقوق والأمن الدولية نشرت تقريراً أفاد بأن الاحتفاظ بالمعلومات في قواعد بيانات "استراتيجية المنع"، التي تملك الشرطة وأجهزة المخابرات والهيئات العامة الأخرى حق الوصول إليها، يبدو أنه ينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وفي عام 2015، أقرت الحكومة البريطانية بضم الجامعات ومعاهد التعليم العالي ضمن "استراتيجية المنع"، والتي تُلزمهم بوضع سياسات للمراقبة تهدف إلى صدّ محاولات المتطرفين نشر أفكار متشددة بين الطلبة، ومعالجة الفصل بين الرجال والنساء في الفعاليات، وتقديم الدعم للطلبة المعرّضين لخطر الانجرار وراء التطرف.
لكن "استراتيجية المنع" كانت محط انتقادات حادّة من جهات سياسية، وفي المجتمع المدني، بسبب وضعها مسلمي بريطانيا تحت المراقبة من المهد إلى اللحد، سواء أكانوا في المجالس المحلية، أو المدارس والجامعات، أو المراكز الصحية، أو السجون، أو حتى في دور الحضانة.
فشل في توفير التوجيه المناسب
التقرير اتهم الحكومة البريطانية بالفشل في توفير التوجيه المناسب للهيئات الرسمية، لضمان التعامل مع البيانات المتعلقة ببرنامج "المنع" بطريقة تتوافق مع قانون حقوق الإنسان، وقال إنَّ هذا يرقى إلى مستوى انتهاك المادة 8 من الاتفاقية المتعلقة بالحق في الخصوصية.
كما وصف التقرير سياسة الحكومة بأنها "مشوشة وسرية وغير قانونية"، وقال إنَّ "استراتيجية المنع تُمارَس في سرية كبيرة، مثلها مثل الجوانب الأخرى لاستراتيجية الأمن القومي للحكومة. ولا يُعَد التعامل مع البيانات الشخصية للأشخاص في إطار استراتيجية المنع استثناءً".
وخلُص التقرير إلى أنه "برغم وفرة التوجيهات الحكومية العامة حول برنامج المنع، لا توجد سوى معلومات قليلة حول الكيفية التي تعتقد بها الحكومة أنَّ هيئات مثل الشرطة والمدارس والمستشفيات والسلطات المحلية يجب أن تتعامل مع المعلومات الشخصية للأشخاص ضمن البرنامج".
وأقر التقرير بأنَّ قانون المملكة المتحدة يسمح لأجهزة الاستخبارات بجمع البيانات والاحتفاظ بها "على نطاق واسع على الأرجح"، لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
بيد أنَّ منظمة الحقوق والأمن الدولية ذكرت أنَّ حكومة المملكة المتحدة لم تثبت أنَّ الاحتفاظ بالبيانات التي جمعتها من خلال "استراتيجية المنع" تشكّل وسيلة ضرورية أو فعالة لوقف الإرهاب.
التقرير أكد أيضاً: "بصراحة لم تنشئ الحكومة قاعدة أدلة كافية لتبرير جمع البيانات وتخزينها ومشاركتها، في إطار استراتيجية المنع، باعتبارها فعالة لوقف أعمال الإرهاب، ناهيك عن ضرورتها".
استهداف المجتمع المسلم
في غضون ذلك، أعرب جاكوب سميث، الذي ساعد في تجميع تقرير منظمة الحقوق والأمن الدولية، لموقع Middle East Eye، عن تخوفه من أن يؤثر تخزين البيانات ضمن استراتيجية المنع تأثيراً غير متكافئ على المجتمع المسلم في بريطانيا، ويؤدي إلى استهدافهم من وكالات الأمن البريطانية.
سميث قال: "منذ تقديم استراتيجية المنع أثرت سلباً في المسلمين وغيرهم من الأقليات أو النشطاء أو الأفراد، الذين لديهم آراء سياسية أو دينية مختلفة".
وأضاف سميث: "تشير الإحصاءات الحكومية الرسمية إلى أنَّ المسلمين أكثر عرضة لإحالتهم إلى برنامج المنع دون داعٍ، ومع ذلك لا تزال الشرطة والسلطات العامة الأخرى ترغب في تخزين هذه البيانات؛ ما يضع الشخص تحت شك دائم ويؤثر في حياته اليومية".
واستشهد سميث بمثال لقضية المحكمة العليا في عام 2020، التي رفعت فيها أُمّ دعوى ضد شرطة متروبوليتان في لندن، التي أصرت على الاحتفاظ ببيانات ابنها البالغ من العمر 11 عاماً لمدة ست سنوات، رغم اعترافها بأنَّ إحالته لبرنامج المنع كانت خطأً.
كما أشار سميث: "بينما ينطبق هذا نظرياً على جميع الأفراد المحالين إلى برنامج المنع، تظل الحقيقة أنَّ المزيد من الإحالات المتعلقة بالإسلام تُصنّف على أنها خاطئة أكثر من أية فئة أخرى من التطرف تحددها الحكومة".
مشاركة البيانات مع دول أخرى
ورجّح التقرير أيضاً أن تكون حكومة المملكة المتحدة تشارك البيانات التي تجمعها من خلال برنامج المنع مع دول أخرى.
يتطلب برنامج المنع ضمن سياسة مكافحة الإرهاب، الذي استُحدِث في عام 2015، من جميع الهيئات العامة، بما في ذلك الجامعات والمدارس والمستشفيات، إحالة الأشخاص إلى البرنامج، الذين يُقيّمون بأنهم معرضون للانجرار إلى الإرهاب.
ويجادل منتقدو البرنامج، بما في ذلك المجتمع الإسلامي ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، بأنَّ برنامج المنع يميز ضد المسلمين، وقد تكون له نتائج عكسية.