أظهرت دراسة حديثة أن موجات الحر التي اشتدت حدّتها بسبب تغيّر المناخ، كلفت الاقتصاد العالمي تريليونات الدولارات في السنوات الثلاثين الماضية، مؤكدة أن الدول الفقيرة دفعت الثمن الأكبر.
الدراسة التي نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية، الجمعة، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أوضحت أن هذه الآثار الاقتصادية غير المتوازنة، تساهم في اتساع أوجه اللامساواة حول العالم.
إلى ذلك، قال جاستن مانكين، الأستاذ في دارتموث كوليدج، وهو أحد مؤلفي الدراسة التي نشرتها مجلة "ساينس أدفانسز" لوكالة فرانس برس إن "كلفة موجات الحر الشديدة الناجمة عن تغيّر المناخ تتحملها حتى الآن، وبشكل غير متناسب، الدول والمناطق الأقل مسؤولية عن ظاهرة الاحترار المناخي. وهذه مأساة جنونية".
مانكين أضاف "يأتي تغيّر المناخ في وقت تسود عدم مساواة اقتصادية في العالم، ويعمل على مفاقمتها".
ثمن موجات الحر
كما أظهرت الدراسة أن فترات موجات الحر الشديد بين عامَي 1992 و2013 كلّفت الاقتصاد العالمي نحو 16 تريليون دولار.
لكن في حين خسرت الدول الغنية نحو 1,5% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي للفرد خلال تعاملها مع موجات الحر، خسرت البلدان الفقيرة نحو 6,7% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي للفرد.
الدراسة أرجعت هذا التفاوت إلى أنه غالباً ما تكون البلدان الفقيرة واقعة قرب المناطق المدارية، ما يجعل مناخها أكثر دفئاً بطبيعة الحال. وخلال موجات الحر، تصبح حارّة بشكل استثنائي.
ونشرت هذه الدراسة قبل أيام من انطلاق قمة المناخ (كوب 27) في شرم الشيخ بمصر؛ حيث يتوقع أن تكون مسألة تعويض البلدان الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، رغم أنها الأقل مسؤولية عن هذه الظاهرة، أحد المواضيع الرئيسية.
وتأتي التكاليف الناجمة عن موجات الحر من عوامل عدة: التداعيات على الزراعة، وإجهاد الأنظمة الصحية، والقوى العاملة الأقل إنتاجية، والأضرار في البنى التحتية، مثل ذوبان الطرق.
"كلفة التقاعس"
وركز الباحثون المشاركون في الدراسة على أكثر 5 أيام سخونة كل عام في مناطق معينة، تعتبر فيها موجات الحر الشديدة ظاهرة مناخية متطرفة.
كما أوضح مانكين "الفكرة العامة هي النظر إلى الاختلافات في درجات الحرارة الشديدة (…) ومعرفة إلى أي مدى ينعكس ذلك في الاختلافات في النمو الاقتصادي" لكل منطقة.
وتابع "ثم، في الخطوة التالية، ننظر في طريقة تأثير تغير المناخ الذي يسببه النشاط البشري على درجات الحرارة الشديدة هذه".
لكن نتائج الدراسة تقلل، بشكل شبه مؤكد، من الكلفة الحقيقية لموجات الحر الشديد، وفقاً للبحث، إذ إن درس 5 أيام فقط في السنة لا يعكس الوتيرة المتزايدة لهذه الظواهر المناخية، كما لم يتم تضمين كل التكاليف المحتملة.
وكانت الدراسات السابقة حول هذا الموضوع ركّزت على تكاليف موجات الحر في قطاعات محددة، رغم أن العلماء يقولون إنه من المهم البحث في كلفة تغير المناخ بشكل شامل.
إذ قال مانكين "تريدون معرفة ما هي هذه التكاليف، بحيث يكون لديكم إطار مرجعي تقارنون به كلفة التحرك واتخاذ تدابير"، على سبيل المثال إنشاء مراكز تبريد أو تركيب مكيفات هواء مقابل "كلفة التقاعس عن العمل".
ولفت إلى أن "المكاسب الاقتصادية للاستجابة للأيام الخمسة الأكثر سخونة في العام يمكن أن تكون هائلة".
لكن مانكين أشار إلى أن الاستجابة الأكثر أهمية هي تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة لإبطاء ظاهرة احترار المناخ من المصدر.
وختم "يجب أن نتكيّف مع المناخ الذي نعيش في ظله الآن، كما يجب علينا الاستثمار بشكل كبير لمكافحة تغير المناخ".