بدأ مستثمرون في تفقُّد ديون مصر المتعثرة بحثاً عن صفقات مربحة، وذلك وسط تفاؤل بأن قرض صندوق النقد الدولي الذي قد تحصل عليه القاهرة، قد يساعد البلاد التي تعاني من ضغوط اقتصادية، على تجنب التخلف عن سداد الديون.
وكالة Bloomberg الأمريكية قالت الأربعاء 26 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن سندات مصر من الدولار ارتفعت بنسبة 5% في الأسبوع الجاري، لتصبح بذلك من من ضمن الأسواق الناشئة الثلاث الأفضل أداءً.
لكن مبادلة مخاطر الائتمان على الديون المصرية ما تزال أعلى من 1000 نقطة أساس، وهو المستوى الذي تُعتبر الديون متعثرةً عنده في المعتاد، وبحسب وكالة "رويترز" يستخدم المستثمرون عقود مبادلة مخاطر الائتمان كوثيقة تأمين في حالة عدم سداد حكومة أو شركة لديونها.
تُعد مصر من أكبر مستوردي السلع الغذائية في العالم، وقد لجأت إلى جهات الإقراض الدولية من أجل دعمها، بعد أن عانت لمواجهة تداعيات ارتفاع أسعار السلع خلال العام الجاري.
كانت مصر تستورد غالبية قمحها من أوكرانيا وروسيا في السابق، كما شهدت البلاد تراجع عائدات السياحة مع وصول أعداد أقل من السياح الروس إلى أراضيها.
يأتي هذا بينما ساهمت احتمالية تدخل صندوق النقد الدولي، إضافة إلى الدعم المالي المقدم من الحلفاء في الدول الخليجية الغنية بالنفط لمصر، في تهدئة مخاوف أزمة الديون.
يأتي ذلك بالتزامن مع معاناة مصر من تداعيات الهجوم الروسي على أوكرانيا، ويُعتبر وضع البلاد رمزاً للضائقة التي تضرب الدول الأفقر، في ظل ارتفاع التضخم وتكاليف الاقتراض، فضلاً عن تباطؤ النمو العالمي.
محيي الدين قرنفل، رئيس الاستثمار في الدخل الثابت بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قال في تصريح لدى مؤسسة Franklin Templeton المالية: "تكمُن العديد من المخاطر في مسألة التسعير، وتستطيع مصر أن تكون في موقعٍ أفضل خلال فترةٍ تتراوح بين 12 و18 شهراً".
تمتلك المؤسسة المالية Franklin Templeton حصةً من سندات مصر الدولارية طويلة الأجل، التي جرى تسعير بعضها بأقل من 55 سنتاً مقابل الدولار، الأربعاء 26 أكتوبر/تشرين الأول.
تُشير الوكالة الأمريكية إلى أن التقييمات الحالية لسندات "اليوروبوند" المصرية تُعتبر جذابة، لكن هناك مخاوف من أن حجم صفقة صندوق النقد الدولي ربما يكون مخيباً للآمال، وفقاً لشركة إدارة الأصول Columbia Threadneedle Investments.
إذ تشير تقديرات "غولدمان ساكس"، وبنك أمريكا، إلى أن مصر ربما تحتاج إلى قرضٍ بقيمة 15 مليار دولار، لكن وزير المالية المصري محمد معيط قال إن مصر تريد قرضاً بقيمةٍ أقل.
في حين قال جوردون باورز، المحلل المقيم في لندن لدى شركة إدارة الأصول: "يُمكن أن ينجحوا في الحصول على برنامج تمويل أصغر حجماً من صندوق النقد الدولي. لكنهم سيواجهون صعوبةً في بناء احتياطيات النقد الأجنبي وإلغاء خطة إعادة الهيكلة المحتملة خلال المدى المتوسط إلى الطويل".
كانت مصر قد حصلت في أواخر 2016 على برنامج تمويل من صندوق النقد الدولي يمتد لثلاث سنوات، ويشمل خفضاً لقيمة العملة مع إصلاحات شاملة وقرض بقيمة 12 مليار دولار، وساعدت تلك الخطوات في إنعاش اهتمام المستثمرين بالاقتصاد.
من جانبها، قالت كالي دافيس، الخبيرة الاقتصادية في مؤسسة Oxford Economics Africa: "لا شك في أن توقيع اتفاقٍ جديد مع صندوق النقد الدولي سيُنعش أجندة الإصلاح، التي تُعتبر ضرورية من أجل استعادة ثقة المستثمرين وفتح الأبواب على مصراعيها أمام الاقتراض من دائنين آخرين".
أضافت دافيس: "كما سيمنح الاتفاق دفعةً مطلوبة بشدة لمصر على صعيد وضعها الخارجي. لكنه لن يسد العجز المالي الرهيب في التمويل الخارجي للبلاد، والذي يُقدّر بنحو 40 مليار دولار في العام الجاري".
يأتي هذا بينما تواجه مصر تحديات مالية واقتصادية ناجمة عن تراجع سعر صرف الجنيه من 15.6 أمام الدولار قبيل الحرب الروسية الأوكرانية، إلى 19.5 جنيه في الوقت الحالي.
كانت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية قد توقعت في تقرير نشرته الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022، تراجع الجنيه المصري أمام الدولار إلى متوسط 24 جنيهاً، قبيل إتمام اتفاق مالي مع صندوق النقد الدولي وصل إلى مراحله النهائية.
أشار تقرير الوكالة إلى أن سعر الصرف بين 21.7 و24.5 جنيه للدولار قد يكون السعر المقبل، قبيل إعلان الصندوق الدخول في اتفاق مع مصر.