كشف تقرير جديد صادر عن البرنامج السوري للتطوير القانوني، ومرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، عن وجود فساد "ممنهج" في المساعدات الإنسانية المقدمة لسوريا، وقال إن أفراداً متهمين بارتكاب انتهاكات حقوقية، يتربحون من صفقات شراء مع وكالات الأمم المتحدة.
أشار التقرير الذي صدر الثلاثاء 25 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إلى أنه ما بين عامي 2019 و2020، ذهب ما يقرب من 47% من تمويل مشتريات الأمم المتحدة في سوريا إلى شركات مرتبطة بانتهاكات حقوقية ارتكبتها حكومة نظام بشار الأسد، وفقاً لما أورده موقع Middle East Eye البريطاني.
إضافة إلى ذلك، حصل أفراد خاضعون لعقوبات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على 23% من مشتريات الأمم المتحدة، تبلغ قيمتها نحو 63 مليون دولاراً.
ماهر الأسد "تربّح" من العقود
يُشير التقرير إلى أنه في إحدى الحالات، حصلت شركة يُقال إنها تابعة لماهر الأسد، الشقيق الأصغر لبشار الأسد، على عقود تبلغ قيمتها نحو 2.3 مليون دولار من منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بين عامي 2019 و2020.
كرم شعّار، من مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، قال إنه في أحد الأمثلة "الصادمة" على منتهكي حقوق الإنسان الذين يتربحون من عقود الأمم المتحدة، تلقت شركة تدعى "صقر الصحراء" عقوداً تزيد على مليون دولار من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
هذه الشركة مملوكة جزئياً لفادي صقر، زعيم ميليشيا موالية للأسد، وهي من ضمن "قوات الدفاع الوطني"، ويُعتقد على نطاق واسع أن هذه الميليشيا هي المسؤولة عن ارتكاب مجزرة التضامن عام 2013 والتي قُتل فيها 41 شخصاً.
من جانبها، قالت ناتاشا هول، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS، إن نتائج التقرير كشفت أن "مصداقية وقدسية" نظام المساعدة الدولية في خطر كبير. وقالت: "من الضروري أن نصحح هذا الوضع قبل أن تتعلم الأنظمة الأخرى من الأسد".
شركات في الواجهة
في حالة أخرى، حصلت شركة رامي قبلان، وهي شركة مملوكة لشخص مرتبط بشقيق رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، على عقود بقيمة 21.5 مليون دولار من وكالات الأمم المتحدة بين عامي 2019 و2020.
رامي مخلوف، هو ابن خال بشار الأسد، ومدرج في قوائم عقوبات أمريكية متعددة، وقد وُضع قيد الإقامة الجبرية عام 2020 في إطار محاولة ابتزاز حكومة الأسد التي تعاني من ضائقة مالية لرجال أعمال سوريين.
يقول إياد حامد، الباحث البارز في البرنامج السوري للتطوير القانوني: "إحدى المشكلات الرئيسية تكمن في شركات الواجهة والوسطاء. بعض الأسماء أصبحت مكشوفة أكثر من اللازم، لذلك يعتمدون على لاعبين آخرين على الأرض للعمل نيابة عنهم"، وهي ممارسة شائعة في غسيل الأموال.
يستند هذا التقرير إلى معلومات مفتوحة المصدر، وكذلك مقابلات مع موظفين سابقين في وكالات الأمم المتحدة بسوريا ورجال أعمال سوريين.
من جانبهم، قال الباحثون إن إحدى الممارسات التي توصلوا إليها، أن وكالات الأمم المتحدة تُشرك موردين من القطاع الخاص في عقود كبيرة، وهذا يقلل من المنافسة ويزيد احتمالية تقدم الشركات التابعة للحكومة للحصول على هذه العقود.
كذلك أكد التقرير غياب الشفافية في مشتريات الأمم المتحدة، وقال إنه بين عامي 2019 و2020، فازت شركات بمشتريات بقيمة 75 مليون دولار حُجب فيها اسم المورد في سوريا، لأسباب تتعلق بالأمان أو الخصوصية.