صادقت الحكومة الإسرائيلية، اليوم الأحد 23 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بشكل رسمي، على تعيين الجنرال هرتسي هاليفي قائداً لهيئة الأركان للجيش الإسرائيلي خلفاً لأفيف كوخافي، الذي تنتهي ولايته مطلع العام 2023.
جاء اختيار هرتسي هاليفي في الجلسة الأخيرة لحكومة يائير لابيد قبل الانتخابات المزمع إجراؤها مطلع الأسبوع القادم، ما يشير إلى حجم الضغط الذي اعترض هذا التعيين.
ووقف زعيم المعارضة، بنيامين نتنياهو، بوجه الحكومة في معركة استمرت أشهراً طويلة، إذ طالب نتنياهو بإبطال تعيين قائد الجيش؛ لكون حكومة لابيد حكومة تسيير أعمال؛ ومن ثم ليس من صلاحياتها تعيين كبار الموظفين في الدولة.
ووفقاً لما أورده موقع "واللا" العبري، فقد جاء تعيين هرتسي هاليفي بشكل استثنائي وفقاً لمتطلبات أمنية خاصة، لا تستدعي تأخير هذا الإجراء لما بعد الانتخابات القادمة.
وصادقت المستشارة القضائية للحكومة غالي ميارا، على تعيين القاضي المتقاعد ماني معزوز رئيساً للجنة التعيينات في الدولة، لإكمال تعيين هاليفي قائداً للجيش وفقاً لاعتبارات الأمن القومي.
من هو هرتسي هاليفي؟
سيصبح هاليفي قائد الأركان الـ(23) في تاريخ الجيش الإسرائيلي لمدة 3 سنوات بين الأعوام (2023-2026)، مع إمكانية تمديدها لعام إضافي في حال اقتضت الحاجة لذلك، وفقاً لرؤية وزير الدفاع وبموافقة الحكومة.
هاليفي (55 عاماً)، من مواليد مدينة القدس المحتلة، وهو أب لأربعة أبناء، حصل على درجة البكالوريوس في الفلسفة وإدارة الأعمال من الجامعة العبرية بالقدس، ودرجة الماجستير في إدارة الموارد الوطنية من جامعة الأمن القومي بواشنطن.
التحق بالجيش الإسرائيلي ضمن لواء المظليين لقوات الاحتياط بين الفترة 1985-1992، ثم انتقل للعمل في سَرية هيئة الأركان المعروفة اختصاراً بـ"سيرت متكال"، ليعيَّن نائباً لها ثم رئيساً في فترة انتفاضة الأقصى بين عامي 2001-2004، ليعود مجدداً لرئاستها في العام 2012.
وبين عامي 2005-2007، عُيّن هاليفي قائد لواء المنشية قرب جنين، وبين 2007 و2009 عُيِّن قائداً للواء المظليين.
أما المحطة الأبرز في حياته العسكرية فكانت انتقاله للعمل الاستخباراتي حينما شغل منصب رئيس قسم العمليات التشغيلية في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) بين الفترة 2009-2011.
وانتقل هاليفي للعمل في هيئة الأركان حينما صادق وزير الدفاع، بوغي يعلون، على تعيينه قائداً لكلية القيادة والأركان عام 2014، وعُيّن بعدها قائداً للواء المنطقة الجنوبية، وفي عام 2021 بات هليفي نائباً لقائد هيئة الأركان.
أما أبرز إنجازاته العسكرية فكانت مشاركته في عدد من العمليات الخاصة، أبرزها عملية "اللدغة السامة" التي تم من خلالها اختطاف القيادي في حزب الله مصطفى الديراني، كما شارك في عملية تحرير الجندي الذي اختطفته كتائب القسام نحشون فاكسمان في العام 1994.
إجراءات نقل السلطة بين هاليفي وكوخافي
بات هاليفي رسمياً الآن في وضع يسمح له بالتحضير لمرحلته الجديدة كقائد أول للجيش، فوفقاً للواء المتقاعد والخبير العسكري يوسف الشرقاوي "سيشرع هاليفي في تشكيل طاقمه الخاص من ضباط وإداريين وسكرتارية".
وأضاف المتحدث لـ"عربي بوست"، أن "هاليفي سيعمل على نقل السلطة والملفات الأمنية والعسكرية من مكتب رئيس الأركان الحالي أفيف كوخافي، تمهيداً لقراءاتها والوقوف على النقاط التي تستدعي البت فيها قبل تسلم مهامه خلال الأسابيع القليلة القادمة".
وأضاف المتحدث: "ستكون مهمة هاليفي معقدة؛ لكون عملية الاختيار تمت قبل وقت قصير من انتهاء ولاية سلفه كوخافي، فالعادة جرت بأن تتم عملية الاختيار قبل فترة تسبق انتهاء ولاية رئيس الأركان على الأقل من 6-12 شهراً".
وأشار المتحدث إلى أن "المدة المتبقية كافية أمام هاليفي، لأنه يحتاج إلى 3 أشهر على الأقل، من تسلم مهامه رسمياً، لاختيار ضباط الجيش ورؤساء الألوية والوحدات القتالية".
ومن ثم سيكون العام الأول له مُركزاً على مسألة تنظيم الحالة الإدارية للجيش قبل أن تتضح ملامح رؤيته لكافة القضايا التي تتطلب تدخلاً من الجيش لحسمها والبت فيها.
تحديات قائد الأركان الجديد
أشار اللواء إسحق باريك، قائد الكليات العسكرية ومفوض قبول الجنود في الجيش الإسرائيلي، في تقرير لقناة التلفزة (12)، إلى أن تحديات قائد الأركان الجديد كبيرة وليس من السهل تجاوزها، فهو يرث ميراثا صعباً لأسلافه في قيادة الأركان، وبالتالي عليه التعامل مع أزمات مرحلة، أبرزها:
قصور في عمل قسمي الإمداد اللوجستي والصيانة، لأن الجيش لا يزال يعمل بآليات "ريو" التي يزيد عمرها على 60 عاماً، ومن ثم فهي غير صالحة لنقل العتاد العسكري خلال فترة الحروب.
إضافة إلى أن الجيش بحاجة للآلاف من سائقي الشاحنات لنقل الجنود والمعدات الهندسية والوقود والذخيرة وقطع الغيار خلال فترة الطوارئ، وقد ظهر هذا القصور خلال عملية "حارس الأسوار" في غزة صيف العام 2021.
المهمة الثانية التي تنتظر هاليفي هي إنشاء حرس وطني، لمواجهة أعمال "الشغب" التي قد تندلع في مدن الداخل، ومن ثم لم تعد قوات الشرطة قادرة على القيام بهذه المهام وحدها دون وجود جهاز أمني جديد.
أما المهمة الثالثة فهي معالجة القصور في تحصين المباني للمستوطنات والبلدات الإسرائيلية، سواء تلك الموجودة بالقرب من غزة أو في الضفة الغربية وحتى في الجبهة الشمالية.
أما المهمة الرابعة فهي تحضير الجبهة المدنية لحالات الطوارئ والحرب، ووضع خطط واستعدادات أمام الجيش للتعامل مع سيناريوهات سقوط المباني من جرّاء إطلاق الصواريخ، أو اندلاع حرائق وانهيارات في البنى التحتية.
أما المهمة الخامسة فهي تعزيز عمل القوات البرية والاحتياط، فبيانات الجيش تشير إلى أن قادة الأركان السابقين قلصوا الأذرع البرية للجيش إلى ما دون الخط الأحمر، ومن ثم باتت قوات الجيش صغيرة العدد وغير جاهزة للرد في حرب متعددة الساحات بلبنان وسوريا وغزة والضفة الغربية ومواجهات البلدات العربية في الداخل.
بموازاة هذه التحديات سيواجه القائد الجديد للجيش مهام معقدة، في ضوء التوتر السائد بالضفة الغربية، إذ تشهد مناطق نابلس وجنين حالة من الغليان بعد أن فشل الجيش في القضاء على الخلايا العسكرية الفلسطينية المعروفة بـ"عرين الأسود"، كما سيواجه هاليفي أزمة إعادة ثقة الشارع الإسرائيلي بالجيش، في ضوء استطلاعات الرأي الأخيرة التي تشير إلى فقدان الجمهور الإسرائيلي ثقته بالجيش وانعدام شعوره بالأمن.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”