تسبب ارتفاع قيمة الدولار بنحو 15% في زيادة معاناة الدول المستهلكة للنفط، حيث سجل مؤشر النفط العالمي حوالي 128 دولاراً للبرميل، وهذا يعني أن أسعار الوقود ستظل عاملاً مهماً في ارتفاع تكلفة المعيشة في معظم دول العالم، بحسب ما قالت وكالة Bloomberg الأمريكية، السبت 22 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
يقول جيوفاني ستونوفو، محلل السلع في مصرف UBS Group AG: "ارتفاع قيمة الدولار يأتي برياح معاكسة للدول المستهلكة للنفط، التي لا ترتبط عملاتها بالدولار. فعلى مدار الـ12 شهراً الماضية ارتفعت أسعار النفط كثيراً، مقارنةً بقيمة العملة المحلية".
الحل ليس سهلاً، بحسب ستونوفو، فرفع أسعار الفائدة لدعم العملات قد يؤدي إلى تباطؤ الاقتصادات الهشة أصلاً، فيما يتعين على البلدان النامية التعامل بحذر مع احتياطيات الدولار.
أزمة في أوروبا وآسيا على السواء
وتعتمد دول منطقة اليورو اعتماداً كبيراً على الواردات في نفطها. ومع الغياب شبه التام لإمدادات خام النفط المحلية، تعتمد أكبر خمسة اقتصادات في الاتحاد الأوروبي- ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا- بنسبة 90% على الأقل على المشتريات الأجنبية لتشغيل المصافي.
على خلفية ذلك، ثبت أن ربط النفط بالدولار يمثل مشكلة كبيرة لمسؤولي البنك المركزي الأوروبي. وأدى الضغط على إمدادات الطاقة، الناتج عن خفض روسيا إمدادات الغاز، إلى زيادات هائلة في أسعار المستهلكين، حيث وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 9.9% في سبتمبر/أيلول.
والدول الآسيوية تشعر بضغط مماثل. فخلال شهر أغسطس/آب 2022، ارتفعت قيمة واردات الصين من النفط بنسبة 50% عن العام الماضي، رغم انخفاض الكميات الإجمالية في ظل القيود المفروضة لوقف انتشار كوفيد-19.
وقال محافظ بنك كوريا، ري تشانغ يونغ، إن ضعف عملة بلاده يلغي فوائد انخفاض أسعار النفط. وحاولت كوريا واليابان في بعض الأحيان حماية المستهلكين من ضغوط ارتفاع أسعار الوقود، عن طريق تقديم الدعم، أي نقل بعض هذا العبء إلى الحكومة.
ودفعت ضغوط ارتفاع قيمة الدولار الهند إلى التواصل مع شركاء تجاريين من بينهم السعودية وروسيا والإمارات لإبرام الصفقات بالعملات المحلية. وانخفضت قيمة الروبية بنحو 11% مقابل الدولار هذا العام.
قال ديفيا ديفيش، محلل العملات في مصرف ستاندرد تشارترد: "إذا استمرت أسعار النفط الخام عند المستويات الحالية، أو ارتفعت أكثر من ذلك، فقد يؤدي ذلك إلى استمرار العجز التجاري على نطاق واسع، ما قد يؤدي إلى مزيد من الضغط على الروبية الهندية وخفض قيمتها".
ورغم أن ضغوط الدولار واسعة الانتشار، فالاقتصادات الناشئة هي الأكثر تأثراً بهذه الضغوط. فعند تسعير نفط برنت بالسيدي الغاني، لا يصبح فقط أعلى من المستوى الذي وصل إليه في مارس/آذار، ولكنه يصل إلى مستوى قياسي لم يسبق له مثيل.
بعض الدول أثر عليها مزيج من ارتفاع أسعار الوقود ونقص العملات الأجنبية. إذ أغلقت سريلانكا مؤخراً مصفاة النفط الوحيدة لديها لأنها لم تتمكن من دفع ثمن النفط الخام، وأفلست البلاد فعلياً خلال الصيف، حين واجهت صعوبات في تمويل واردات الغذاء والوقود.
وقالت كارولين باين، كبيرة خبراء اقتصاد السلع الأساسية في شركة كابيتال إيكونوميكس، إن البلدان المتقدمة لديها فسحة أكبر لامتصاص صدمة تغيرات قيمة العملات، إلا أنه توجد "بالتأكيد أسواق ناشئة ستشهد مشكلات في ميزان المدفوعات نتيجة لارتفاع أسعار النفط".