تستضيف العاصمة البريطانية لندن، الأسبوع المقبل، اجتماعاً جديداً للمبعوثين الخاصين للدول الأعضاء بمجموعة الاتصال الدولية بشأن ليبيا، والذي سيعقد على مدى 3 أيام خلال الفترة من 26 إلى 28 أكتوبر/تشرين الأول.
وتضم مجموعة الاتصال الدولية السفراء والمبعوثين الخاصين إلى ليبيا لكل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، إلى جانب إيطاليا وألمانيا، بالإضافة إلى مصر وتركيا، وهي الدول الفاعلة في الملف الليبي.
وصرحت مصادر سياسية مطلعة لـ"عربي بوست" أن أعضاءً بمجموعة الاتصال جهزوا مقترحاً لعرضه أثناء الاجتماع المفترض، لم يتم الإعلان عنه بعد، يتضمن شكلاً جديداً للحكومة للخروج من الأزمة السياسية الحالية تقضي بحكومة "6+6".
حكومة تستبعد الدبيبة وباشاغا
من المفترض أن تضم الحكومة الجديدة 6 أفراد محسوبين على رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة، و6 آخرين محسوبين على رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا، على أن يستبعد كلاهما من الحكومة، ويرأسها شخص يتم الاتفاق عليه من الأعضاء الـ12 للخروج من الأزمة.
ورغم وجود آراء مؤيدة للمقترح الذي يرى فيه السياسيون خروجاً من المأزق السياسي، يرى آخرون أنه يعقد المعضلة نظراً لأنه غير قانوني.
أستاذ العلاقات الدولية يوسف الفارسي قال في حديث لـ"عربي بوست": "بالنسبة للاتفاق فهو يعتبر من وجهة نظر واحدة، وهي وجهة النظر البريطانية، وسيجد معارضة من الدول الأخرى، لأن حكومة باشاغا غير معترف بها من المجتمع الدولي، فكيف سيتم تشكيل حكومة بين طرفين أحدهما غير شرعي".
وأضاف: "أغلب الدول الفاعلة في ليبيا يمكن أن نقول إنها تدعم عبد الحميد الدبيبة، ولا تدعم باشاغا، ولذلك وجود أفراد من الحكومة الجديدة محسوبة على طرف باشاغا قد ترى فيه بعض الدول أنه يتعارض مع مصالحها، لذلك صحيح أن المجتمع يبحث عن حكومة جديدة، ولكن ليس بهذه الطريقة، ينبغي أن تكون هناك انتخابات بشكل منطقي ومن ثم تشكيل حكومة، لأن تشكيل الحكومة بهذا الشكل يواجه مشكلة قانونية، وسيزيد من الصراع بين الأطراف المتنازعة".
المجتمع الدولي يستطيع الضغط على الأطراف الداخلية:
الناشط السياسي جمال الفلاح من جهته كان يرى أن حل الحكومة التوافقية هو الأنسب لحالة سياسية شبه متجمدة، يقول لـ"عربي بوست": "من عام 2011 المسارات السياسية في ليبيا كلها مسدودة، من الممكن أن تصل الأطراف الدولية إلى حل في مسألة السلطة التنفيذية، وأن يكون هناك بديل للطرفين، وأن تقبل الأطراف المحلية الضغط الدولي، بما فيها مجلس النواب".
يضيف الفلاح أن مجلس النواب لا يفضل مثل هذه التحركات، لكن حين يكون هناك ضغط كبير من المجتمع الدولي سيرضخ كنوع من التهدئة.. ومن الممكن أن يكون هذا السيناريو هو الأقرب؛ لأن هذه التجربة قد حصلت سابقاً بالفعل، حين وافق مجلس النواب على الاعتراف بحكومة باشاغا نتيجة ضغوط خارجية، على حد تعبيره.
يستطرد: "الكل اتفق على أن السيد فتحي باشاغا لا يستطيع أن يمارس عمله من طرابلس، ولا يتسلم مهامه هناك، وفي المقابل لن يتمكن عبد الحميد الدبيبة من أن يحقق انتخابات على كامل التراب الليبي، لأننا نعلم من يسيطر على الشرق ومن يسيطر على الجنوب، لذلك الحل الأمثل لهذه الأزمة هو استبعاد الطرفين لإنهاء الأزمة والتوافق على شخصية محاذية تشكل الحكومة لإجراء انتخابات".
ويوضح جمال الفلاح: "دعنا نتفق على أن المقترح لا يمثل رجال باشاغا أو رجال الدبيبة، المقترح يتحدث عن 6 رجال من كل معسكر من بين المعسكرين المتنازعين، وبالتالي هذه الأطراف من المتوقع أن تكون قادرة على حل النزاع دون استقطاب يرضي الشارع الليبي، لأن الليبيين يريدون الانتخابات بديلاً عن الحرب، لكن هذه الشخصيات هي التي ستكون الأزمة؛ لأننا لا نريد أسماءً متكررة وعناصر فشلت في أن تحل الأزمة الليبية".
ليبيا تحتاج إلى حكومة مصغرة، حكومة تسيير أعمال وتوحيد للمؤسسات الليبية وإقامة للانتخابات البرلمانية والرئاسية دون تعيين 35 وزيراً مجدداً على رؤوس وزارات ليست فاعلة في المشهد الحالي، فقط للاستمرار في الحصول على امتيازات واستمرار الفساد.
وتتوالى اجتماعات الأطراف السياسية الليبية في مدن عدة في العالم لحل خلافات الدبيبة وباشاغا، من دون أن تحقق أي اتفاق يحل الأزمة السياسية المتصاعدة بشكل مطرد في ليبيا، ولم يعد هناك مجال للحديث عن إمكانية حدوث انفراجة قريبة، في ظل تفاقم الأزمة بين رئيسي "الحكومتين"، عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا.