السعودية تضغط لإلغاء حوار لبناني برعاية سويسرية.. هل تخشى الرياض من تجاوزها في حل الأزمة اللبنانية؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/18 الساعة 13:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/18 الساعة 14:05 بتوقيت غرينتش
حوار لبناني برعاية سويسرية

من جديد تُلقي الأزمة السعودية الأمريكية بظلالها على الواقع اللبناني، بعد أزمة خفض الإنتاج النفطي الذي أعلنته مجموعة أوبك+ وما نتج عنها من أزمات إقليمية ودولية بين الولايات المتحدة وبين السعودية؛ أزمة آخر فصولها تمثلت في إجهاض السفارة السعودية في بيروت حوار لبناني دعت له السفارة السويسرية لجمع مكونات وكتل برلمانية لبنانية على طاولة حوار في جنيف.

الحراك السويسري الذي بدأ بدعم أمريكي رأت فيه السعودية التفافاً على البيان المشترك لوزراء الخارجية السعودي والفرنسي والأمريكي في نيويورك والذي تحدث عن الالتزام باتفاق الطائف الذي جرى في السعودية في العام 1989 وأنهى الحرب الأهلية برعاية سعودية حينها.

وكانت السفارة السويسرية قد أعلنت، في بيان أمس، عن تأجيل العشاء المفترض إلى "موعدٍ لاحق" ، وأشارت إلى أن "العشاء غير الرسمي الذي كان من المفترض أن يُقام هذا الثلاثاء في منزل السفيرة السويسرية، يهدفُ إلى تعزيز تبادل الأفكار بين مختلف الجهات الفاعلة السياسية اللبنانية"، مؤكدة أن مبادرتها مستمرة.

غضب سعودي

كان من المفترض الدعوة لعشاء عمل للمشاركين في هذا المؤتمر في السفارة السويسرية في بيروت لنقاش أولي حول الورقة التي ستقدمها السفارة السويسرية للمشاركين، لكن ما كتبه السفير السعودي وليد البخاري في تغريدة على حسابه كانت بداية لحملة شنت على اللقاء لإفشاله.

جاء في التغريدة "وثيقةُ الوفاقِ الوطنيِّ عقدٌ مُلزمٌ لإرساءِ ركائزِ الكيانِ اللبنانيِّ التعدديِّ، والبديلُ عنهُ لن يكونَ ميثاقًا آخر بل تفكيكًا لعقدِ العيشِ المُشتركِ، وزوالِ الوطنِ الموحَّد، واستبدالهُ بكيانات لا تُشبهُ لُبنانَ الرسالةَ"

السعودية تجري اتصالاتها لإفشال الحوار.. 

وبحسب مصادر دبلوماسية أوروبية أكدت لـ"عربي بوست" أن مسؤولين سعوديين أجروا اتصالات مع قيادات لبنانية على رأسها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط؛ للانسحاب من اللقاء الذي بدأته سويسرا بغطاء أمريكي وموافقة أوروبية.

 ووفقاً للمعلومات، فإن المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا هو من أجرى هذه الاتصالات مع القوى اللبنانية، معتبراً أن الدعوة الى العشاء "مشبوهة" وتنفى ما تم الاتفاق عليه مسبقاً.

وبحسب المصادر فإن الجانب السعودي يخشى من استغلال ملف ترسيم الحدود والذي جرى بموافقة إيرانية عبر موافقة حزب الله على الصيغة النهائية مقابل إعطاء الحزب وحلفاءه هدية تغيير النظام وتحويله من المناصفة بين المسلمين والمسيحيين إلى المثالثة بين السنة والشيعة والمسيحيين ما يعطي حزب الله قوة إضافية يسعى للوصول لها.

رسائل سعودية لواشنطن

في إطار متصل، يؤكد مصدر دبلوماسي عربي لـ"عربي بوست" أن السعوديين تواصلوا مع الجانب السويسري وجرى نقاش بينهم عن ما كانت تحضر سويسرا له مع الأطراف اللبنانية، وعليه فقد أكد الجانب السعودي أنه لا يستهدف الجانب السويسري أو الأوروبي لكنه يخشى من يد خفية لواشنطن في ملف لبنان بغية استبعاد السعودية عن المشهد.

 ويؤكد المصدر أن السعودية تشعر أن واشنطن استهدفتها في خمسة ملفات مؤخراً:

في ملف زيادة الإنتاج الإيراني من 400 ألف برميل إلى 800 ألف برميل ما يؤثر على الإنتاج السعودي في النفط، وفي عدم جدية واشنطن بتمديد الهدنة بين الأطراف اليمنية وبين جماعة الحوثي وما قد ينتج عنه بإعادة استهداف السعودية ومصالحها الاستراتيجية.

وفي الاتفاق النووي، الذي يعاد تفعيل الحوار حياله مؤخراً، والذي لا يراعي الهواجس السعودية والعربية في المنطقة، إضافة إلى اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل والذي تكمن خلفه اتفاقية إيرانية أمريكية وتفاهمات قد تمتد إلى مساحات أخرى، وفيما جرى في العراق من انتخابات رئاسية وتكليف رئيس جديد للحكومة من خارج الاتفاق مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.

اللقاء ليس لنسف الطائف

يشدد المصدر الدبلوماسي الأوروبي على أن هدف اللقاء ليس لإيجاد خارطة طريق لتغيير النظام واتفاق الطائف، ولكن لكي يتشارك المجتمعون أفكارهم حول مستقبل البلاد، ويعتقد المصدر أن الهجمة السعودية على المبادرة السويسرية مردُّها الأزمة الناشبة بين الرياض وواشنطن، وشعور السعودية بتحركات لإخراجها من الملف اللبناني؛ لأن التصور لدى واشنطن وباريس هو أن أي حل أو مسعى لإخراج لبنان من أزمته يمر عبر الدعم الخليجي والسعودي تحديداً.

ويشير المصدر إلى أن عدداً من السفارات والمؤسسات الأجنبية تحتضن يومياً كثيراً من اللقاءات والحوارات بين الأطراف المحلية اللبنانية، وهناك لقاءات بين ممثلي الأحزاب السياسية على طاولة مستديرة للنقاش برعاية أجنبية، على سبيل المثال لا الحصر الدعوة السعودية للنواب السنة منذ شهر في منزل السفير السعودي والتي لاقت ترحيباً كبيراً، لأنه يكرس الحضور العربي في البلاد بعد سنوات من القطيعة والجفاء، وهذا ما سعت إليه واشنطن وعواصم أوروبية.

يتساءل المصدر الدبلوماسي: كيف للقوى المعترضة على اللقاء أن تفكر في أنه يمكن لسويسرا أو غيرها الذهاب نحو تغيير النظام بحضور ممثلين عن قوى متمسكة باتفاق الطائف كالقوات والاشتراكي وحركة أمل وممثلين عن الطائفة السنية؟.

ويؤكد أن سويسرا أمَّنت الاستضافة للمكونات اللبنانية، فيما اللبنانيون هم المسؤولون عن الوصول لحلول تعالج أزماتهم، مشيراً إلى أن اللقاء تجري معه اتصالات ولقاءات أخرى مع دول مؤثرة في الملف اللبناني لعدم عرقلة أي مسار منتظر. ويختم بالقول إن الدول المعنية ستجري تواصلاً مع المسؤولين في السعودية لتطمينها أن لا محاولة لتجاوز السعودية أو أي مكون عربي آخر.

تحميل المزيد