مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2022، يبرز زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو كأكثر السياسيين حضوراً وتأثيراً، داخل الوسط العربي في إسرائيل في هذه الجولة من الانتخابات، مقارنة بالمنافسين له.
يشير مراسل القناة 12 الإسرائيلية محمد مجادلة إلى أن نتنياهو، هو السياسي الأكثر إنفاقاً على الدعاية الانتخابية الموجهة للوسط العربي في إسرائيل على منصات التواصل الاجتماعي الناطقة باللغة العربية.
الحملة الانتخابية لنتنياهو
ووصلت فاتورة دعاية نتنياهو الانتخابية قبل أسبوعين من موعد الانتخابات إلى 45 ألف شيكل (13 ألف دولار)، بينما لم يتجاوز إنفاق خصومه من مرشحي وقادة الكتل السياسية العربية بالإضافة لأحزاب اليسار نصف المبلغ الذي صرفه نتنياهو حتى هذه اللحظة.
نتنياهو وصفه الأكاديمي باروخ ليشيم، المحاضر في قسم السياسة والاتصال بكلية هداسا بأنه "خبير الرأي العام"، الذي يتمتع بحضور قوي وكاريزما قلما تجدها في أي سياسي إسرائيلي آخر، إذ إن لديه القدرة على قلب الطاولة في اللحظات الأخيرة من إغلاق صناديق الاقتراع.
ويأمل نتنياهو بهذه الحملة الانتخابية الموجهة لكسب أصوات الناخبين العرب، ليعود لرئاسة الحكومة التي خسرها بعد 12 عاماً من التربع على أطول فترة للحكم في تاريخ إسرائيل امتدت من العام 2009-2021، لذلك هو يعتبرها معركة فاصلة وحاسمة لا يجب تفويتها.
وسلط تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الضوء على حملة نتنياهو باللغة العربية، بالإشارة إلى أنه أول سياسي في إسرائيل أنشا منصات ناطقة باللغة العربية، حتى قبل أن يتم حل الكنيست في مايو/أيار 2022، لأنه أدرك أن صوت فلسطينيي الداخل سيكون حاسماً بالنسبة له للوصول لعتبة 61 مقعداً التي تؤهله لتشكيل الحكومة.
وتنتشر حسابات نتنياهو الناطقة باللغة العربية على جميع منصات التواصل الاجتماعي، أما الأكثر شهرة وتفاعلاً بالنسبة له فهي حساباته على Facebook، TikTok، يقوم عبرها بمخاطبة الجمهور الفلسطيني في الداخل باللغة العربية ليكون قريباً منهم باللغة التي يفهمونها، كما يستغل هذه المنصات للترويج لحملته الانتخابية.
كما لا يترك نتنياهو مناسبة دينية أو وطنية إلا ويقوم عبر منصاته بتهنئة جمهوره من العرب على اختلاف توجهاتهم الدينية والفكرية والأيديولوجية سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين أو دروزاً، لعل أبرزها ذكرى المولد النبوي أو الاحتفاء والمشاركة في إحياء الأعياد الدينية والوطنية للمسلمين والدروز.
الرهان على جيل الشباب من العرب
الكاتب والمحلل السياسي من الداخل نظير مجلي قال لـ"عربي بوست" إن "نتنياهو يُراهن على الجيل "Z" من الجمهور العربي بين (18-26 عاماً)، لأن مراكز الأبحاث المختصة بالتنبؤ بالرأي العام تشير إلى أن هذا الجيل قادر على حسم 4 مقاعد في الانتخابات القادمة".
وأضاف المتحدث أن "هذه الفئة لها قدرة للتأثير على مزاج الناخبين عبر إقناع أصدقائهم بالمشاركة والتصويت، أما الجيل الأكبر من الفلسطينيين الذين تخطوا 40 عاماً فهم غير مكترثين بمن سيفوز بهذه الانتخابات، ومزاجهم العام لا يشير إلى أنهم لن يصوتوا".
ويضيف المتحدث: "يخاطب نتنياهو جمهوره من الشباب بمنصات هي الأكثر شهرة بالنسبة لهم كـ"TikTok"، ويحاول أن يكون قريباً من أفكارهم، لكسب أصواتهم يوم الانتخابات، لأن التقديرات تتحدث أن هذا الجيل من الشباب العربي يزيد عن 100 ألف ناخب، وبالتالي بإمكانهم منحه 60 -64 مقعداً حال كسب أصواتهم".
وسلط تقرير للقناة 12 الإسرائيلية عن حضور قوي لنتنياهو على منصة "TikTok"، بما يُقارب 400 ألف متابع، وهو يبتعد كثيراً عن أقرب منافسيه، كوزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي التي لا يتخطى عدد متابعيها 77 ألفاً، ووزير الدفاع بيني غانتس 55 ألفاً، ورئيس الوزراء يائير لابيد 27 ألفاً.
أما عدد المشاهدات على منصته في "TikTok" فتخطت 3.5 مليون مشاهدة، في حين لم تصل أرقام منافسيه مجتمعين لنصف هذا الرقم، وهو ما يشير لحضوره القوي في ظل وجود طاقم كبير يحظى به نتنياهو هو من يقود حملته الانتخابية.
هل يكسب نتنياهو رهانه على أصوات الناخبين العرب؟
يمثل المجتمع العربي في إسرائيل 4 أحزاب رئيسية، هي الجبهة الديمقراطية للسلام، والمساواة برئاسة أيمن عودة، والقائمة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي، والتجمع الوطني الديمقراطي برئاسة سامي أبو شحادة، القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس.
وقد بات فلسطينيو الداخل يشكلون 21% من إجمالي عدد السكان ووزنهم الانتخابي يمثل 15% من إجمالي الناخبين، هذا يعني أنه في حال بلغت نسبة التصويت في المجتمع العربي 100%، بإمكانهم حسم 18 مقعداً في الكنيست من أصل 120 مقعداً، ليحتلوا المرتبة الثالثة في الكتل السياسية بعد حزبي الليكود ويش عتيد.
وبالنظر لتقارب النتائج بين معسكري اليمين بقيادة نتنياهو، ومعسكر التغيير بقيادة لابيد وغانتس، فإن أصوات العرب ستكون حاسمة في وصول أي من المعسكرين لعتبة 61 مقعداً التي تُؤهلهم لتشكيل الحكومة.
وقد برز وزن الصوت العربي في حسم مسألة الانتخابات، عشية الدورة الأخيرة لانتخابات مارس/آذار 2021، حينما منح منصور عباس زعيم القائمة العربية الموحدة أصواته الأربعة التي حصل عليها، لتشكيل أول حكومة بدون نتنياهو، ترأسها بالتناوب كل من نفتالي بينيت ويائير لابيد.
تراجع المشاركة العربية في الانتخابات
تشير أغلب استطلاعات الرأي إلى أن معسكر اليمين بقيادة نتنياهو سيتراوح عدد مقاعده ما بين 58-60 مقعداً، بينما المعسكر المنافس يتراوح ما بين 54-58 مقعداً، وبالتالي يعول نتنياهو على أن يكسب 2-3 مقاعد من أصوات الناخبين العرب لاجتياز نسبة الحسم 50%+1 لتشكيل الحكومة.
إلا أن المفارقة أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن المشاركة العربية في هذه الانتخابات ستكون في أدنى مستوى لها تاريخياً عند 40%، هذا يعني أن بعض الأحزاب العربية لن تستطيع تجاوز نسبة الحسم وهي 3.25 مقعد، ما يعني أن فاقد الأصوات سيذهب لصالح الأحزاب الإسرائيلية.
مصدر صحافي فلسطيني من الداخل، قال لـ"عربي بوست" إن "نتنياهو يروج في دعايته الانتخابية داخل البلدات العربية، بأن تأييده والتصويت له يعني تشكيل حكومة مستقرة بإمكانها مواجهة القصور الذي تعاملت به حكومة التغيير الأخيرة مع ملفات الجريمة والعنف وتردي الحالة الاقتصادية في البلدات العربية".
ويستخدم نتنياهو، وفقاً للمتحدث، أسلوب الترهيب لدفع الفلسطينيين للمشاركة والتصويت له، عبر الادعاء أن "بقاء الأزمة السياسية الراهنة دون تشكيل حكومة مستقرة لمدة أربع سنوات بقيادته، لن يغير من حال المجتمع العربي، لأن حكومته حال تشكيلها ستصرف مخصصات لبناء مستشفيات ومدارس وطرق جديدة ورفع الأجور ومحاربة الجريمة والعنف".
وأضاف المتحدث: "يستخدم نتنياهو جيشاً كبيراً من الناشطين والمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي الناطقة بالعربية، في محاولة لخلق نوع من المزاج الشعبي في الوسط العربي يدعم تطلعاته في رئاسة الحكومة".
كما يقوم مناصرو حزب الليكود بزيارة البلدات العربية والالتقاء بقادة العشائر ورفع لافتات باللغة العربية، بأن التغيير يبدأ بعودة نتنياهو مجدداً للحكم.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”