لعب برج لندن العديد من الأدوار المهمة عبر تاريخ المملكة البريطانية القديمة. فهو لم يكن فقط منزلًا ملكياً، أو غرفة تعذيب وإقصاء، أو مقراً لرأس الدولة فحسب، بل كان أيضاً بمثابة السجن لشخصيات بارزة في العائلة الملكية ببريطانيا من بينهم الملكة إليزابيث الأولى.
ومع ذلك، يشتهر موقع اليونسكو للتراث العالمي بتاريخه الممتد لأكثر من 1000 عام مضت بعدد الأحداث الملكية المهمة التي وقعت هناك. ويظل أحد أكبر ألغاز البرج هو قصة "أميري البرج" وما حدث بالضبط لاثنين من أبناء شقيق الملك ريتشارد الثالث الذي تولى في الفترة من (1483-1485).
وبينما كان لغز اختفاء الأميرين الغامض مستمراً لعدة قرون، يبدو أنه يمكننا قريباً الحصول على إجابة عن سؤال عمره أكثر من 500 عام.
إذ يُتوقع أن الملك تشارلز الثالث سيدعم التحقيقات لتأكيد ما إذا كان الهيكلان العظميان لطفلين موجودين حالياً في وستمنستر آبي هما في الواقع جثتا الملك الصبي إدوارد الخامس وشقيقه ريتشارد دوق يورك اللذين اختفيا وتولى عمهما ريتشارد الثالث الحكم بدلاً منهما.
أميرا برج لندن ولغز اختفائهما الغامض
أميرا البرج هي قصة ظلت تطارد المؤرخين لمئات السنين، ماذا حدث لهذين الطفلين؟ هل لعب عمهم ريتشارد الثالث أي دور في سجنهما في برج لندن التاريخي؟ والأهم من ذلك، هل كانت الرفاة وبقايا العظام التي عُثر عليها في عهد الملك تشارلز الثاني الذي حكم في الفترة (1660 – 1685) في الواقع هي بقايا وليي عهد العائلة المالكة الصبيين؟
يبدو أن العالم قد يكتشف قريباً نتائج اختبار الحمض النووي للعظام، الذي تقول صحيفة Telegraph البريطانية إن الملك تشارلز الثالث "يدعمه".
فقد درس الملك علم الآثار في جامعة كامبريدج ويقال إنه "كان له وجهة نظر مختلفة" تجاه دعم التاج للمشروع، بعكس وجهة نظر والدته الراحلة إليزابيث الثانية التي رفضت الموافقة على التحقيقات.
وقد تم العثور على جثتين لطفلين بالقرب من الكنيسة الصغيرة في البرج الأبيض لبرج لندن عام 1674، وتم وضعهما في جرة ودفنت في دير وستمنستر أبي بناءً على أوامر الملك تشارلز الثاني.
ونظراً لوضع الجثث في أقبية ملكية بالدير، فإن أي تحقيق إضافي يتطلب موافقة الملك.
وبينما أعاقت الملكة الراحلة أي محاولة للتحقيق في شرعية العظام ونسبها، يُقال إن الملك قد يقدم دعمه لأنه "متحمس" للمشروع.
وأوضحت تريسي بورمان، كبيرة أمناء منظمة "القصور الملكية التاريخية" للتاريخ البريطاني القديم: "لقد قال الملك إنه يود إجراء تحقيق، حتى نتمكن من تحديد كيف مات فردا العائلة المالكة اليافعان".
كيف أصبح طفلان وليين لعهد الإمبراطورية
عند وفاة الملك إدوارد الرابع في عام 1483، خلفه ابنه البالغ من العمر 12 عاماً وأصبح الملك إدوارد الخامس، قبل أن يواجهه عمه ريتشارد الثالث (دوق غلوستر آنذاك) الذي شغل منصب اللورد الحامي لهما، وسافر معهما إلى لندن.
وتقول الرواية بحسب موقع History UK للتاريخ البريطاني إن الصبي اليافع إدوارد وشقيقه الأصغر ريتشارد دوق يورك البالغ من العمر تسع سنوات آنذاك أُرسلا للعيش في برج لندن.
ومع ذلك، أعلن دوق غلوستر أن ابني أخيه كانا غير شرعيين وأنه هو الوريث الحقيقي الوحيد لأسرة يورك والملك للإمبراطورية.
وبالفعل حشد دعماً من العديد من الجهات القوية وتم تتويجه في 6 يوليو/تموز عام 1483. ويقال إنه تم نقل الأميرين إلى شقة داخلية في البرج ولم تتم رؤيتهم مرة أخرى بعد صيف هذا العام.
هل قُتل الأميران فعلاً ودُفنا في القلعة؟
يُشاع أن الأميرين قُتلا بأمر من عمهما لكي يتخلص من أي تهديد محتمل لولايته. كما تم نشر هذه النظرية من قبل ويليام شكسبير في مسرحيته التي حملت عنوان "ريتشارد الثالث".
وعلى الرغم من ذلك، يشير العديد من المؤرخين إلى أن الرواية غير دقيقة واستخدمها الملك اللاحق هنري ثيودور، المعروف باسم هنري السابع، لتشويه سمعة سلفه.
في كتابات السياسي والمحامي والمستشار للملك هنري الثامن منذ عام 1517، السير توماس مور، قال إنه كان متأكداً تماماً من أن هذين الولدين الصغيرين قُتلا على يد عمهما ريتشارد.
وذكر السير توماس في كتاباته أن الأميرين دفنا "عند قدم السلم، وفي عمق القبو"، وبالتأكيد في عام 1674 تم العثور على هيكلين عظميين مدفونين تحت درج حجري أثناء التعديلات في البرج في نفس المكان المذكور.
وأوضح توماس مور أن الأميرين قد خُنقا بالوسائد على أسرّتهما في منتصف الليل من قبل مؤامرة رتبها السير والفارس جيمس تيريل، استعان فيها برجاله جون دايتون ومايلز فورست، المقربين من الملك.
وبالفعل فقد ورد أن تيريل اعترف بالجريمة عام 1502 عندما حكم عليه بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى.
واليوم، قد يكون الخبر اليقين حول هوية العظام التي عُثر عليها في القلعة أقرب مما نتوقع، ما سيكشف عن تاريخ مظلم لجرائم تورطت فيها شخصيات بارزة في العائلة البريطانية المالكة، حاول الملوك المتتالون إخفاءه عن العالم، ونهايته قد تكون قريبة.