كشفت وثيقة داخلية صادرة عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، عن أولوياتها السياسية في المرحلة، التي وصفتها بالحرجة من تاريخ مصر، مؤكدةً تجاوز الجماعة الصراع على السلطة، لأن الغاية السياسية العامة لها هي ضمان حق الشعب في ممارسة سيادته على الحكام.
هذه الوثيقة يعود تاريخها إلى 18 سبتمبر/أيلول 2022، لكنها نُشرت اليوم السبت، 15 أكتوبر/تشرين الأول، وحددت الجماعة أولوياتها السياسية في المرحلة القادمة، والتي تتمثل في بناء شراكة وطنية واسعة تتبنى مطالب الشعب في تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتحقيق المصالحة المجتمعية، وإنهاء ملف المعتقلين السياسيين.
تجاوز الصراع على السلطة بمصر
وتحقيق تلك الأولويات، يتطلب من جماعة الإخوان تجاوز الصراع على السلطة في ظل بيئة سياسية يُخيم عليها الاستقطاب والتحريض، وفي ظل مجتمع يواجه شبح الانقسام؛ لأن ذلك سيُحوّل أي تنافس على السلطة إلى صراع واضطراب، لا يخدم مصلحة الوطن ولا مصلحة الشعب، وفقاً للوثيقة.
واستطردت الجماعة في الوثيقة قائلة: "مسؤوليتنا تفرض علينا حالياً تحديد شكل وماهية التموضع الواقعي الأنسب، الذي يسمح للجماعة بأداء دورها الحضاري، والمساهمة في إنقاذ الوطن، وبما يحقق أكبر قدر من المصالح المعتبرة لعموم الأمة".
وحول الشؤون العامة، أوضحت الوثيقة أن الدور السياسي للجماعة وحضورها في الشؤون العامة كافة، كان وسيظل ثابتاً من ثوابت مشروعها الإصلاحي، مؤكدة أن السياسة عند الإخوان كانت دائماً أوسع بكثير من العمل الحزبي، ومن التنافس على السلطة.
كما ذكرت الوثيقة أن ممارسة الإخوان منذ تأسيسها تضمنت خيارات ومسارات ومستويات متنوعة، تبدأ من مخاطبة الرأي العام وتوعيته، وتوجيه النصح للحكومة أو معارضتها، وصولاً إلى التقدم لتحمل المسؤولية، إذا تطلب الأمر ذلك.
مواصلة العمل مع شركاء الوطن
وتابعت الوثيقة: "مسؤولية الجماعة السياسية تحتّم عليها مواصلة العمل مع شركاء العمل الوطني دون إقصاء، عبر ائتلاف وطني واسع، لتحقيق أهداف (العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية)".
وزادت الوثيقة: "مهمة الإصلاح المتكامل لدى الإخوان التي تؤمن بها، لا يمكن أن تتجاهل إصلاح الحكم، خاصة أن قوة الدولة التنفيذية وهيمنتها بات بمقدورها إذا أُسيء استخدامها، أن تجعل جهود المصلحين صرخة في وادٍ، بنص تعبير الإمام (حسن) البنا".
الوثيقة أوضحت: "استقر في أدبيات الجماعة وممارساتها أن غاية مهمتنا السياسية العامة ليست هي مجرد الوصول للحكم؛ وإنما ضمان حق الشعب في ممارسة سيادته على الحكام؛ فهم موظفون لديه يختارهم ويراقبهم ويحاسبهم، كي يعملوا على إصلاح الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لعموم الشعب".
مسارات الجماعة لتحقيق أولوياتها
عن المسارات التي تعتقد الجماعة أنها ضرورة ملحّة من أجل تحقيق هذه الأولويات، أشارت إلى أنها "تتمثل في تعزيز العمل الوطني المشترك مع جميع الراغبين في تحقيق إصلاح حقيقي، وتطوير أدوات العمل السياسي والإعلامي والحقوقي، كما أنها تفرض علينا العودة إلى المجتمع لتعزيز روابطه واستعادة تماسكه وإعادة بناء مصادر قوته المدنية".
كما زادت: "إننا مسؤولون، مع غيرنا من شركاء الوطن، عن بذل الجهد اللازم لبناء توافق وطني يليق بتضحيات المصريين، ويعبر بنا، وفق أسس توافقية وتشاركية جامعة، إلى مرحلة الاستقرار الحقيقي والممارسة الديمقراطية الكاملة، التي تحتضن بصدق النسيج الوطني المصري، مسلمين ومسيحيين، إسلاميين وليبراليين ويساريين، رجالاً ونساء، شيوخاً وشباباً، عمالاً ورجال أعمال، مثقفين وأميين".
واختتمت الوثيقة بأن "تموضع جماعة الإخوان، أو أي حركة سياسية واجتماعية، كي يكون صحيحاً يجب أن يُعَبّر عن وعي بهموم الناس وأولوياتهم، وأن يستهدف الدفاع عن مصالحهم، وأن يستجيب لمتطلبات الظرف التاريخي الذي يمرون به".